تعديلات كبرى على قوانين العقارات في بريطانيا ومصير الإيجارات
يستعد سوق الإيجارات في بريطانيا لدخول مرحلة جديدة من التحول العميق، بعد عقود اعتُبرت فيها العقارات المؤجرة استثمارًا آمنًا ومربحًا. ففي فترة ما بعد الأزمة المالية الكبرى، تراجع سعر الفائدة إلى أقل من 1%، وارتفعت أسعار المنازل، وكانت فوائد الرهن العقاري على العقارات المؤجرة قابلة للخصم الضريبي، بينما كانت ضريبة الدمغة على العقارات غير الأساسية منخفضة نسبيًا.
اليوم، تغيرت المعطيات بشكل كبير: نمو أسعار المنازل أصبح محدودًا، واختفت المزايا الضريبية للملاك، ومن أكتوبر 2025 ستزداد ضريبة الدمغة على العقارات غير الأساسية من 3% إلى 5% من قيمة البيع. وفي ظل تشديد القوانين البيئية، سيُطلب من الملاك تحديث العقارات لتتوافق مع معايير كفاءة الطاقة بحلول 2030، وإلا فلن يُسمح لهم بتأجيرها.
في الوقت نفسه، لا تزال ظروف المستأجرين صعبة، مع ارتفاع الأسعار ووجود شكاوى مستمرة بشأن سوء جودة بعض المساكن. وردًا على ذلك، قدم حزب العمال مشروع قانون حقوق المستأجرين في 2024، ومن المقرر تطبيقه بحلول 2027، ليقدم إصلاحات واسعة تشمل إلغاء عقود الإيجار محددة المدة وحظر الإخلاءات دون سبب، وهو ما سيعيد تشكيل سوق الإيجارات بالكامل.
فهم القانون الجديد
يمثل مشروع قانون حقوق المستأجرين، الذي قُدم إلى البرلمان العام الماضي، أعظم مراجعة لقوانين الإيجار في بريطانيا منذ عقود، ويهدف إلى مواجهة ممارسات الملاك غير المسؤولين، من تجاهل الصيانة إلى رفع الإيجارات أو الإخلاء المفاجئ.
تشمل الإصلاحات إلغاء عقود الإيجار محددة المدة واستبدالها بعقود شهرية متجددة. كما يُحظر الإخلاء دون سبب، إذ يُسمح به فقط لأسباب محددة مثل بيع العقار، أو انتقال أقارب مقربين، أو التأخر في دفع الإيجار، أو تلف العقار، مع اشتراط إشعار مسبق لمدة أربعة أشهر، ومنع الإخلاء خلال أول 12 شهرًا من الإقامة.
ويتوقع أن تمتد إجراءات التنفيذ في الواقع الزمني؛ فالتأخيرات القضائية قد تمتد إلى عام كامل، بما يشمل تدخل المحضرين، وفق ما أشار إليه كريس نوريس، مدير السياسات في جمعية الملاك الوطنية. وأضاف أن “فحص المستأجرين بعناية أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان معالجة أي مشكلات محتملة على نحو مناسب”.
كما سيكون على الملاك التسجيل لدى مجلس شكاوى مستقل، لتوفير قناة رسمية لتقديم الشكاوى، مع احتمال تعرض المخالفين المتكررين للمساءلة الجنائية أو الغرامات التي تصل إلى 40 ألف باوند.
تحديث العقارات وفق معايير الطاقة
تُعد متطلبات شهادة كفاءة الطاقة (EPC) واحدة من أبرز التغييرات، إذ تُقيّم أنظمة التدفئة والإضاءة والعزل من A إلى G. حاليًا، الحد الأدنى للإيجار هو E، وسيصبح C بحلول 2030، ما قد يفرض تحديثات مكلفة على بعض العقارات.
ويمكن للمشترين المحتملين الاطلاع على تصنيف أي عقار عبر السجل الحكومي، أما في حال عدم وجود شهادة، فيمكن توظيف مفتش معتمد لتقييم العقار وتقديم توصيات لتحسين كفاءة الطاقة، بدءًا من الإضاءة الموفرة للطاقة إلى أعمال كبيرة مثل النوافذ المزدوجة، والعزل، أو تركيب غلاية جديدة.
ويواجه الملاك تحديات إضافية مع المباني القديمة؛ إذ تمتلك بريطانيا أقدم مخزون سكني في أوروبا، فواحد من كل ستة منازل في إنجلترا وخُمس المنازل في ويلز بُني قبل 1900، وبعض المباني المدرجة في قائمة التراث الوطني قد يكون من المستحيل تحديثها، خصوصًا إذا كانت النوافذ أو الجدران محمية قانونيًا.
وتحدد القواعد الحالية حدًا أقصى للإنفاق بـ 3,500 باوند، وإذا تجاوزت تكاليف الوصول إلى الحد المطلوب، يجب الاستثمار حتى الحد الأقصى ثم طلب استثناء عبر الإنترنت.
القانون الجديد يشدد صيانة العقارات والالتزام بالضرائب
يشدد القانون الجديد على صيانة العقار للحفاظ على قيمته وتجنب الإصلاحات المكلفة التي قد تعطل دخل الإيجار، وهو امتداد لقانون أواب بعد وفاة الطفل أواب إشاق نتيجة تعرضه للعفن في منزله. ويجب إصلاح المخاطر الصحية في مواعيد صارمة، ويحق للمستأجرين اتخاذ إجراءات قانونية عند التأخير.
ويُنصح الملاك بتخصيص 20–25% من دخل الإيجار الشهري للصيانة. ويجب التعامل مع العقارات المؤجرة بشكل مختلف عن المنازل الشخصية، فالمشكلات البسيطة التي قد تُؤجل في منزل خاص يجب معالجتها فورًا إذا أثرت على المستأجرين.
أما فيما يتعلق بالضرائب، فيتعين على الملاك دفع ضريبة على دخل الإيجار الذي يتجاوز 1,000 باوند، والمعروف باسم “بدل الملكية”. أما الدخل بين 1,000 و 2,500 باوند فيقع ضمن منطقة رمادية، ويُنصح بالرجوع إلى إرشادات هيئة الضرائب والجمارك البريطانية (HMRC). ويجب تقديم إقرار ضريبي ذاتي إذا تجاوز دخل الإيجار 2,500 باوند بعد خصم النفقات المسموح بها، أو 10,000 باوند قبل خصمها، مع التسجيل عبر الإنترنت وتقديم الإقرارات بحلول 31 يناير التالي للسنة الضريبية.
سوق العقارات البريطاني يتحول نحو مزيد من التنظيم
وتشمل النفقات المسموح بها التأمين، والصيانة، ورسوم الخدمات، وأتعاب وكلاء التأجير، فيما لا تشمل فوائد الرهن العقاري للملاك الأفراد، مع إمكانية خصمها للشركات، أو النفقات الرأسمالية مثل التجديدات الشاملة أو شراء العقارات. وقد يُطلب دفع مساهمات التأمين الوطني إذا كان مستوى إدارة العقار يُصنف كـ “عمل مربح”، كما تخضع العقارات لضريبة الأرباح الرأسمالية عند البيع وضريبة الوراثة، ما يتطلب تخطيطًا ماليًا دقيقًا لنقل الثروة على المدى الطويل.
تشير هذه التغييرات إلى أن عصر الأرباح السهلة من التأجير قد ولى، وأن سوق الإيجارات في بريطانيا يشهد تحولًا نحو مزيد من التنظيم والانضباط. ويبرز هذا التحول أهمية تبني الملاك والمستأجرين ممارسات أكثر وعيًا ومهنية في إدارة العقارات، مع التركيز على التخطيط المالي الدقيق، والالتزام بمعايير الصيانة والطاقة، والتسجيل لدى الهيئات الرقابية لضمان حقوق جميع الأطراف. كما تتيح هذه الإصلاحات خلق توازن بين حماية مصالح المستأجرين ومراعاة التزامات الملاك، بما يسهم في توفير بيئة سكنية آمنة ومستدامة، وتعزيز الثقة بين الأطراف، مع تسهيل الوصول إلى آليات الشكاوى والتقييم المستقل عند الحاجة.
المصدر : Bloomberg
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
اترك تعليقا
التعليقات
في عالم الضيافة العربية، لا شيء يضاهي روعة عصيدة حساوية منزلية، تمر سكري ملكي، تمر خلاص الشيوخ، لومي حساوي طبيعي، تمر شيشي فاخر، تمور رمضان الفاخرة، خليط عصيدة حساوية، أفضل رز حساوي، كيكة تمر منزلية، تمور فاخرة للمناسبات، أسعار التمور في السعودية، أفضل متجر تمور في السعودية. تُعد هذه المنتجات رمزاً للجودة والفخامة، حيث يتم اختيار أجود أنواع التمور والمنتجات الحساوية بعناية فائقة. من المعروف أن التمور ليست مجرد طعام، بل هي إرث ثقافي يعكس كرم الضيافة العربية وأصالة المذاق الفريد. كما أن الطلب المتزايد على هذه المنتجات جعلها خياراً مثالياً للمناسبات الخاصة والاحتفالات، لتكون دائماً حاضرة على الموائد. إن تمور للضيافة الفاخرة يعكس تميز الإنتاج المحلي وجودته.