تدخلات إيلون ماسك في الشؤون البريطانية.. ما الهدف؟
يواصل إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والصديق المقرب للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، نشاطه رغم حادث انفجار شاحنة تسلا عند مدخل فندق ترامب في لاس فيغاس مطلع العام الجديد. فبعد ظهوره اللافت في حفل رأس السنة الذي استضافه ترامب في منتجع مار-آ-لاغو، يواصل ماسك قيادة مجموعة من كبرى الشركات العالمية، ويشمل ذلك تسلا وسبيس إكس وستارلينك وذا بورينغ كومباني ونيورالينك وأوبن إيه آي.
إيلون ماسك: نفوذ متزايد في بريطانيا
إن جدول أعمال إيلون ماسك المزدحم لم يمنعه من التعليق على السياسة البريطانية عبر منصة إكس، التي اشتراها بـ44 مليار دولار في عام 2022. وتحقق تدويناته عشرات الملايين من المشاهدات، رغم عدم وجود سبب واضح لتدخلاته في الشؤون البريطانية.
ولم تقتصر تدخلات ماسك على بريطانيا وحدها، فقد أثار غضبًا واسع النطاق في ألمانيا أيضًا خلال فترة عيد الميلاد، بتأييده العلني للحزب اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا” قبل انتخابات شباط/فبراير.
وُلِد إيلون ماسك في جنوب إفريقيا من أصول إنجليزية وهولندية، وهاجر إلى كندا حيث حصل على الجنسية الكندية قبل أن يصبح مواطنًا أمريكيًّا في 2002. وكما أشار ترامب، فإن “إيلون” أجنبي الولادة، ومن ثَمّ فإن الدستور يمنعه من أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة.
وقد شهدت الساحة البريطانية مجموعة من التطورات المرتبطة بماسك، بدءًا من مشاركته في قمة الذكاء الاصطناعي، التي نظمها رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وتطورت علاقاته بحزب الإصلاح البريطاني، حيث استضاف نايجل فاراج وأمين صندوق الحزب الملياردير نيك كاندي في مار-آ-لاغو.
وأثارت العلاقة المتنامية بين ماسك وحزب الإصلاح البريطاني مخاوف من احتمال تقديمه دعمًا ماليًّا ضخمًا للحزب، على غرار تمويله لحملة ترامب. ورغم نفيه لهذه الشائعات ووجود قوانين تمنع التبرعات الأجنبية، فقد أبدى نايجل فاراج ترحيبه بأي تمويل قانوني. ورفضت الحكومة البريطانية تشديد القانون استجابة لشائعات تمويل ماسك. ومن المفارقات أنه سارع إلى مهاجمة متطوعي حزب العمال خلال الانتخابات الأمريكية عندما ساعدوا الديمقراطيين، متهمًا رئيس الحملة مورغان ماكسويني بانتهاك القوانين الأمريكية ضد التدخل الأجنبي في الانتخابات.
مواجهة مع القوانين البريطانية
وجه ماسك انتقادات حادة لقانون السلامة على الإنترنت البريطاني لعام 2023، إذ وصف بريطانيا بـ”الدولة البوليسية الاستبدادية”. ويسعى القانون إلى مكافحة المعلومات المضللة التي تحرض على العنف عبر فرض عقوبات مالية على المنصات الرقمية تصل إلى 18 مليون باوند أو 10 في المئة من إيراداتها العالمية.
وازدادت تدخلات ماسك حدة بعد وصول حزب العمال إلى السلطة، ولا سيما بعد موجة العنف التي أعقبت حادث مقتل ثلاث فتيات في مدينة ساوثبورت. وحين أطلق رئيس الوزراء كير ستارمر تحذيرًا من مخاطر التحريض على العنف عبر الإنترنت، جاء رد ماسك صادمًا بتوقعه نشوب “حرب أهلية” في بريطانيا.
وحظيت مشاركة ماسك في بودكاست جو روغان باهتمام كبير، إذ حققت أكثر من 19 مليون مشاهدة على يوتيوب خلال مناقشته لمشكلة اكتظاظ السجون في بريطانيا. كما دخل في نقاشات بشأن قضية التطرف الإسلامي في البلاد، معلقًا على تغريدات مثيرة للجدل نشرها ناشط يميني أمريكي.
وباعتباره “كبير المتصيدين” -كما يصف نفسه على منصة إكس- كوّن ماسك علاقات مع عدد من الشخصيات البريطانية البارزة، من بينهم رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، والباحث الشعبوي مات غودوين، وونستون مارشال نجل مالك قناة جي بي نيوز.
وفي موقف لافت، دعا إيلون ماسك إلى الإفراج عن تومي روبنسون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية، الذي يقضي حكمًا بالسجن 18 شهرًا؛ بسبب تكراره ادعاءات تشهيرية ضد لاجئ سوري صغير، وذلك رغم تأييده لتشديد العقوبات.
ومع بداية عام 2025، صعّد ماسك تدخلاته في السياسة البريطانية، مطالبًا بإجراء انتخابات جديدة وداعيًا للتصويت لحزب الإصلاح. كما شن هجومًا على وزيرة الحماية جيس فيليبس؛ لرفضها إجراء تحقيق وطني في قضية عصابات الاستغلال في أولدهام. وعندما بررت فيليبس موقفها بأن التحقيق يقع ضمن صلاحيات المجلس المحلي، رد ماسك بأنها “تستحق السجن”.
تداعيات سياسية واقتصادية
دفعت تدخلات إيلون ماسك زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوخ إلى المطالبة بإجراء تحقيق وطني شامل في قضية عصابات الاستغلال، ما أعاد القضية إلى واجهة المشهد السياسي البريطاني. لكن مواقف بادينوخ من ماسك اتخذت منحى متناقضًا؛ إذ استندت إلى عريضة إلكترونية روّج لها في مواجهتها مع ستارمر، قبل أن تعبر عن مخاوفها من تدخل الأطراف الأجنبية في السياسة البريطانية.
ولم يقتصر تأثير ماسك على الساحة السياسية، بل امتد ليشمل المجال الاقتصادي، عندما حذر من أن “عددًا محدودًا من الشركات سيُقبل على الاستثمار في بريطانيا” في ظل الحكومة الحالية. ودفع هذا التصريح الحكومة البريطانية للرد سريعًا، مؤكدة التزامها الراسخ بتعزيز النمو الاقتصادي.
وعلى الرغم من رفض معظم البريطانيين لتدخلاته -إذ أظهر استطلاع للرأي أن 66 في المئة منهم، بينهم 51 في المئة من مؤيدي حزب الإصلاح، يعارضون تأثيره في السياسة المحلية- يواصل الملياردير الأمريكي تدخلاته في الشأن البريطاني.
يحمل إيلون ماسك =تصورًا قاتمًا عن مستقبل العمل في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يعده أكثر القوى تأثيرًا في تاريخ البشرية. وفي لقائه مع ريشي سوناك، كشف عن رؤيته لمستقبل خالٍ من الوظائف التقليدية، طارحًا سؤالًا جوهريًّا عن كيفية إيجاد معنى للحياة في ذلك العصر.
هذا ويرتقب المتابعون للأوضاع اتساع نفوذ ماسك العالمي مع توليه منصب مسؤول الكفاءة في إدارة ترامب المقبلة. وعلى الرغم من المسؤوليات الجديدة التي قد تستحوذ على جل اهتمامه في الشأن الأمريكي الداخلي، يبدو أن تأثيره في المشهد السياسي البريطاني سيتواصل، إلا إذا قرر ترامب نفسه الحد من نشاط ماسك خشية سطوع نجمه على الجميع.
المصدر: سكاي نيوز
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
-1°C