تحقيق بريطاني مع قناة إسلامية يشاهدها الملايين.. ما القصة؟

أثار التحقيق مع قناة “إسلام تشانيل” الإسلامية، التي يتابعها ملايين البريطانيين، ضجة كبيرة بعد اتهامها بتحريض العداء ضد الغرب. لكن هذه التحقيقات تأتي في سياق متواصل من الهجوم على الخطاب الإسلامي في المملكة المتحدة، وسط تصاعد غير مسبوق في مستويات الإسلاموفوبيا.
استهداف قناة إسلامية في بريطانيا

قناة “إسلام تشانيل” تُعد المنبر الإعلامي الأبرز للمسلمين في بريطانيا، حيث يتابعها يوميًا نحو مليوني شخص، أي ما يعادل 60% من مسلمي المملكة المتحدة.
ورغم ذلك، لم تنجُ من الاستهداف المتكرر، حيث تواجه اتهامات بـ”تمجيد الحركات الإسلامية العنيفة” و”التحريض ضد الغرب”، بناءً على شكوى من الدكتور تاج هارجي، الذي يشتهر بمواقفه المثيرة للجدل داخل الأوساط الإسلامية.
الهجوم الذي تتعرض له القناة يأتي بعد اتهامات تتعلق بتغطيتها للعدوان على غزة وتقديمها صورة أحادية حسب زعمهم، وهو ما يثير تساؤلات حقيقية عن أهداف هذه الحملة. حيث يطرح البعض تساؤلات مشروعة عن دوافع هذه التحقيقات، وهل هي فعلاً محاولة لتنظيم الإعلام أم أنها جزء من حملة أوسع تستهدف تكميم منابر الإعلام الإسلامي في بريطانيا، خاصة في وقت يشهد فيه المسلمون زيادة في التضييق على حرية التعبير، أخذين بعين الاعتبار انحياز معظم وسائل الإعلام التقليدية في بريطانيا للاحتلال دون أن تلتحفها الجهات المعنية بتهمة عدم الموضوعية.
تاج هارجي.. ناقد أم صاحب أجندة؟

يقدّم الدكتور تاج هارجي نفسه كإصلاحي تقدمي في السياق الإسلامي البريطاني، غير أن سجله وتصريحاته تثير الكثير من الجدل. فهو من الأصوات التي تنادي بنبذ الحديث النبوي والاعتماد حصريًا على القرآن، كما اشتهر بمواقفه المعادية للحجاب، والذي يصفه بأنه “لباس ثقافي” لا يمتّ للفريضة الدينية بصلة، عدا عن ترحيبه بالمثليين في الإسلام.
لذلك يتعرض هارجي لنقد مستمر من داخل الأوساط الإسلامية، حيث يتهمه البعض بإثارة الانقسام من خلال طروحاته التي تتعارض مع الأسس التقليدية للإسلام.
ويثير هذا السجل تساؤلات حول دوافع شكواه ضد “إسلام تشانيل”، إذ يرى مراقبون أن استهدافه المتكرر للمؤسسات الإسلامية يجعله أكثر قربًا من الأجندات الرسمية التي تسعى إلى إعادة تشكيل الخطاب الإسلامي في بريطانيا وفق معايير تتناسب مع السياسات الحكومية.
دور القناة وسياق التضييق الإعلامي
منذ تأسيسها عام 2004 على يد الدكتور محمد علي حراث، قدّمت “إسلام تشانيل” خطابًا إعلاميًا يعكس تطلعات المسلمين في بريطانيا، حيث تطرقت إلى قضايا مجتمعية وسياسية ودينية من منظور إسلامي مستقل. إلا أن هذا الخط التحريري جعلها عرضة لاستهداف متكرر من الجهات الرسمية والإعلامية.
وقد سبق أن فرضت “أوفكوم” غرامات على القناة، من بينها غرامة بقيمة 30 ألف باوند عام 2007 بسبب استضافة مرشح سياسي في برامجها الإخبارية، وغرامة أخرى عام 2010 بعد اتهامات بالترويج لـ”العنف الأسري”، إضافة إلى غرامة بقيمة 40 ألف باوند عام 2023 بسبب بثّ فيلم وثائقي اعتبرته الهيئة “معاديا للسامية”.
لكن هذه الإجراءات تأتي في سياق أوسع من التضييق الإعلامي على الأصوات الإسلامية في بريطانيا، حيث تشير التقارير إلى تصاعد غير مسبوق للإسلاموفوبيا في الخطاب الإعلامي. فقد كشف مركز رصد الإعلام أن قناة GB News وحدها ذكرت الإسلام والمسلمين أكثر من 17 ألف مرة خلال عامين، في سياقات غالبيتها سلبية، ما يعكس حجم الاستهداف الإعلامي الممنهج.
ما مصير القناة؟
لم تحسم “أوفكوم” بعد موقفها من فتح تحقيق رسمي ضد القناة، حيث جاء في بيان صادر عنها:
“نحن بصدد مراجعة الشكاوى المقدمة ضد القناة، ولم نتخذ قرارًا نهائيًا بشأن بدء التحقيق.”
في الوقت الذي لم تتخذ فيه “أوفكوم” قرارًا حاسمًا بعد، يبقى السؤال الذي يجب أن نطرحه: هل التحقيقات جزء من ملاحقة تنظيم المحتوى الإعلامي، أم أنها تمثل مجرد جزء من استراتيجية تستهدف منابر المسلمين؟
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇