تحذير للأسر البريطانية من عمليات احتيال مالية عبر الذكاء الاصطناعي
مع الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي، يتقدّم المحتالون خطوةً إضافية في استهداف الأسر البريطانية بأساليب خداع تُحاكي الصوت والصورة على نحوٍ مربك، وتُلحق خسائر مباشرة بمدّخرات العائلات وثقتها بالمنصّات الرقمية. أرقامٌ حديثة تشير إلى قفزة نوعية في قدرات “الاستنساخ الصوتي” و”التزييف العميق”، ما يضع المستخدمين والمصارف والاتصالات والتقنية أمام اختبارٍ عاجل للوقاية والمسؤولية المشتركة.
صوتك في 5 ثوانٍ فقط: قفزة تقنية تُربك اليقين

تقنيات استنساخ الصوت باتت تحتاج إلى 3–5 ثوانٍ من التسجيل كي تُنتج صوتًا مُقنعًا بدقة تُقارب 85%، فيما تُظهر فحوصٌ حديثة أن 68% من مقاطع الفيديو المزوّرة لا يمكن تمييزها عن اللقطات الحقيقية. على الأرض، تتّخذ هذه القفزة شكل اتصالات وهمية تُقلّد أصوات أقارب أو موظفين مصرفيين أو مديرين تنفيذيين، وتدفع الضحايا لتحويل أموال أو كشف بيانات حسّاسة. خلال الربع الأول من 2025 وحده، تجاوزت الخسائر المالية الناجمة عن الاحتيال المعزّز بالتزييف العميق 150 مليون باوند، ما يعكس انتقال هذه الظواهر من الهامش إلى صلب الحياة اليومية للمستخدمين.
نطاق الاستهداف وحجم الضرر: أرقامٌ مقلقة

بياناتٌ حديثة تُظهر أن 26% من المقيمين في المملكة المتحدة تلقّوا مكالمات مزوّرة بالصوت خلال الأشهر الـ12 الماضية، وأن 40% من المستهدَفين أبلغوا عن تعرّضهم للاحتيال، و35% تكبّدوا خسائر مالية فعلية، و32% سُرقت منهم معلومات شخصية. متوسط الكلفة لكل مكالمة احتيالية ناجحة قارب 595 باوند، وهو مبلغٌ قد لا يبدو ضخمًا منفردًا، لكنه يُشكّل عبئًا تراكميًا قاسيًا على الأسر عند تكراره أو امتداده إلى حسابات ادخار وفواتير شهرية. خبراء أمن رقمي يُحذّرون من أن “الرؤية والسمع لم يعودا كافيين للتحقّق”، وأن الاعتماد على الثقة البديهية بوجوهٍ وأصواتٍ مألوفة صار مخاطرةً في زمنٍ تُقلَّد فيه الهويّات خلال دقائق.
خبراء: المسؤولية مشتركة والتحقّق المتعدّد صار ضرورة

كوليت ميسون، الكاتبة ومهندسة حلول الذكاء الاصطناعي في شركة بريطانية، تُشير إلى مفارقةٍ لافتة: سنواتٌ من تشجيع الأفراد والأعمال على “الوجود الرقمي” تُستغل اليوم في صناعة محاكياتٍ مقنِعة لأصوات الناس وصورهم. السؤال الحاسم—وفق ميسون—لم يعُد “هل سيُستهدَف عملاؤك؟” بل “هل تعمل نظم التحقّق لديك حين لا يعود السمع والبصر دليلًا كافيًا؟”. وفي الاتجاه نفسه، تُشدّد ميتالي دايبوركيستا، الباحثة في “الذكاء الاصطناعي المُتمحور حول الإنسان”، على أنّ الضحايا يعيشون ما وصفته بـ“يانصيب التعويضات”: حالتان متشابهتان للاحتيال قد تُسفِران عن نتيجتين متناقضتين تبعًا للمصرف، من دون معيار موحّد للحماية والاسترداد. وتدعو دايبوركيستا إلى إشراك قطاعات التقنية والاتصالات في المسؤولية المالية والأخلاقية، باعتبار أن مساحات وقوع الاحتيال تستضيفها هذه المنصّات وأن عبء الحماية لا ينبغي أن يقتصر على القطاع المالي وحده.
المشهد واضح: تقنياتٌ أكثر دهاءً، وخسائرٌ فعلية، وثغراتٌ في منظومة الحماية والتعويض. موقف «العرب في بريطانيا» يدفع نحو ثلاث خطوات عملية متزامنة: أولًا، تعميم بروتوكولات “التحقّق المتعدّد القنوات” في الاتصالات المالية والعائلية (كلمة سرّ عائلية، اتصال عكسي عبر أرقام موثوقة، انتظارٌ قصير للتحقّق قبل أي تحويل). ثانيًا, توحيد معايير التعويض وحماية المستهلك عبر القطاع المصرفي، بما يضمن عدالة المعاملة ويحدّ من “يانصيب” التعويض. ثالثًا، إقرار مبدأ المسؤولية المشتركة بين المصارف وشركات التقنية والاتصالات، نظرًا لكون منصّات الاستضافة والبثّ جزءًا من سلسلة المخاطر. الوقاية تبدأ من وعيٍ يوميّ بسيط: لا تحويلات مالية ولا إفشاء لبيانات حسّاسة بناءً على مكالمةٍ واحدة أو مقطع فيديو “مُقنع”—والتحقّق من المصدر بات القاعدة الذهبية الجديدة.
المصدر: برمينغهام لايف
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
