الشرطة البريطانية تحذّر من “تحديات السباحة” في البرد القارس بعد فقدان شخصين
مع حلول موسم الأعياد في بريطانيا، تتجدد تقاليد شعبية ترتبط بالاحتفال وكسر الروتين، من بينها السباحة في مياه البحر شديدة البرودة خلال عيد الميلاد ويوم بوكسينغ داي. غير أن هذه الممارسات، التي تُقدَّم أحيانًا باعتبارها تحديًا مرحًا أو نشاطًا خيريًا، تعود هذا العام إلى الواجهة على خلفية حوادث مأساوية، دفعت الشرطة والجهات الصحية إلى إطلاق تحذيرات جديدة من مخاطر تجاهل ظروف الطقس والبحر.
تحذيرات أمنية بعد حادثة فقدان في ديفون

حذّرت الشرطة في جنوب غرب إنجلترا من السباحة في البحر، عقب فقدان رجلين في المياه قبالة أحد شواطئ مقاطعة ديفون صباح يوم عيد الميلاد.
وقالت شرطة ديفون وكورنوال إن الرجلين، أحدهما في الأربعينيات من عمره والآخر في الستينيات، فُقدا في المياه قبالة شاطئ في بلدة بودلي سالترتون، بعد بلاغ ورد إلى خدمات الطوارئ في الساعة 10:25 صباحًا بشأن أشخاص يواجهون صعوبات في البحر.
وأضافت الشرطة أن عمليات البحث الواسعة التي أُطلقت لاحقًا جرى إيقافها مساءً، دون العثور على المفقودين.
ونقلت الشرطة عن كبيرة المفتشين هايلي كوستر قولها، مساء الخميس:
«تتعامل فرق الطوارئ اليوم مع حادثة مأساوية بحق. كانت هناك تحذيرات جوية سارية هذا الأسبوع، كما أُلغيت بالفعل عدة فعاليات رسمية وغير رسمية للسباحة في البحر».
ودعت الشرطة كل من يخطط للسباحة في البحر خلال بوكسينغ داي إلى تجنّب ذلك، في ظل الظروف الجوية والبحرية الخطِرة.
تقليد موسمي واسع الانتشار رغم المخاطر

في مختلف مناطق المملكة المتحدة، وخصوصًا خلال عيد الميلاد ويوم بوكسينغ داي (26 كانون الأول/ديسمبر)، يشارك مئات بل آلاف الأشخاص في ما يُعرف باسم “Boxing Day Dips” أو “Festive Swims”، حيث يدخل المشاركون مياه البحر شديدة البرودة. وهي ممارسة موسمية باتت جزءًا من الثقافة الاحتفالية في عدد من المدن الساحلية..
وتتراوح درجات حرارة المياه عادة بين 4 و10 درجات مئوية تقريبًا، وغالبًا ما يشارك البعض بملابس احتفالية أو أزياء تنكرية، مثل قبعات سانتا، في أجواء تجمع بين التحدي والاحتفال، وأحيانًا جمع التبرعات لأغراض خيرية أو المشاركة الاجتماعية.
وتُنظَّم هذه الفعاليات بشكل رسمي في مدن ومناطق ساحلية عدة، من بينها سندرلاند، وتنبي في ويلز، وبايغنتون في ديفون، وغيرها، وتُعد جزءًا من تقاليد الأعياد الشتوية في بريطانيا.
من الاحتفال إلى الخطر
رغم الطابع الاحتفالي لهذه السباحات، تحذّر السلطات من أن البحر في هذا الوقت من العام قد يكون شديد الخطورة، بسبب انخفاض درجات الحرارة، وارتفاع الأمواج، وقوة التيارات البحرية، ما يزيد من احتمالات فقدان السيطرة أو التعرّض لصدمة البرد.
وتندرج هذه الظاهرة ضمن تقليد عالمي أوسع يُعرف باسم «قفزة الدب القطبي» (Polar Bear Plunge)، حيث يقفز المشاركون في المياه الباردة شتاءً، وهو نشاط موجود في دول عدة، لكنه لا يخلو من مخاطر صحية حقيقية إذا لم يُمارَس بحذر وتحت إشراف منظمين محترفين.
تنبيه صحي بسبب الطقس البارد

يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه التنبيه الصحي الأصفر، وهو مستوى تحذير متوسط يشير إلى مخاطر صحية محتملة بسبب الطقس البارد، الصادر عن هيئة الأمن الصحي في المملكة المتحدة ساريًا في جنوب غرب إنجلترا، بدءًا من مساء 25 كانون الأول/ديسمبر وحتى منتصف نهار 27 كانون الأول/ديسمبر.
ويحذّر التنبيه من ارتفاع خطر الوفاة بين الفئات الأكثر هشاشة، إلى جانب زيادة الضغط على خدمات الرعاية الصحية نتيجة مضاعفات الطقس البارد.
بوكسينغ داي أكثر اعتدالًا… لكن الحذر مطلوب
وقالت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية إن طقس بوكسينغ داي سيكون أقل قسوة من يوم عيد الميلاد، مع فترات مشمسة متقطعة، لكنه سيبقى باردًا، خصوصًا في ساعات الصباح.
وأوضحت خبيرة الأرصاد زوي هوتين أن درجات الحرارة ستتراوح بين 6 و7 درجات مئوية، وقد يبدو الإحساس بالبرودة أشد بسبب الرياح، مع فرص ضعيفة للغاية لتساقط الثلوج.
تقليد اجتماعي بين التحدي والمسؤولية
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن السباحة في المياه الباردة خلال الأعياد ليست مجرد سلوك متهور، بل تقليد اجتماعي موسمي راسخ في الثقافة البريطانية، يجمع بين روح التحدي والاحتفال والعمل الخيري. غير أن الحوادث الأخيرة تذكّر بأن هذا التقليد، مهما بدا مرحًا أو اعتياديًا، ينطوي على مخاطر حقيقية إذا جرى تجاهل ظروف الطقس والبحر أو ممارسته دون استعداد كافٍ. وبين الاحتفال والمسؤولية، يبقى الوعي بالمخاطر واحترام التحذيرات الرسمية عاملًا حاسمًا لتجنّب تحوّل الطقس الموسمي إلى مأساة.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
