العرب في بريطانيا | تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا - العرب في بريطانيا - AUK

1445 رمضان 18 | 28 مارس 2024

تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا

تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا
لانة الصّميدعي June 8, 2022

وأنا أطوف بين العديد من المساجد والمراكز في ‏بريطانيا ودول أوروبية أخرى وربّما اسمع عنها يأتيني شعور جميل واحد، وهو أنّ الكلّ يريد أن يصنع خيرًا ومعروفًا ويخدم المجتمع المسلم ذكورًا وإناثًا وأطفالًا من مختلف أطيافهم وثقافتهم وأعمارهم و ‏و أنّ الجميع لا شكّ مستشعرٌ لقوله تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات:آية 13]

‏و إنّهم باختلاف البلدان التي جاؤوا وهاجروا منها ، وحتى وإن قلَّت خبراتهم و معرفتهم يريدون وبكلّ نية صادقة خدمة الإسلام والمسلمين والقيام على حاجات المجتمع والمجموعة المسلمة في دول الغرب والمهجر

‏متذكرين قول النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه) رواه البخاري

‏فيحاولون بشتى الطرق التنويع في الخدمات والأفكار التي تسهل على المسلم رجلًا كان أو امرأة.. عربيًّا أم أعجميًّا .. (Ambien) ‏حياته ومعاشه ‏في دول الغرب والمهجر

ويزخر ‏كتاب الله العزيز بالعديد من الآيات التي تحض وتشجع على الخير والتعاون والبر ومراعاة مصلحة الآخرين والشدَّ من أزرهم كما قال تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) [سورة المائدة:الآية 2]

 

‏فنجد أصناف وأنواع الخدمات ..

تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا
تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا (Unsplash)

كلّ مركز إسلاميّ ومسجد حسب ما يستطيع تقديم خدماته سوى عبر الإمام أو الإدارة أو قسم الأخوات ويعاضده قسم الشبيبة والفتيات والشباب

‏متنوّعينَ في أنشطتهم ‏وفعالياتهم التي لا تتوقف طوال العام معتمدين على كادر غير قليل من المتطوعين أو الموظفين الذين بذلوا وقتهم وجهدهم وأوقات راحتهم وإجازتهم في سبيل الله وفي سبيل تحقيق مستوى وحياة أسهل لجميع المسلمين في شتى مناحي الحياة

فنجد تلك الخدمات التي تغطي المولود منذ يولد في خدمات ضيافة وجلسات (العقيقة للمواليد ) إلى رعاية هؤلاء الأطفال بما نسميه (نادي الأم والطفل ) الذي يقوم على تثقيف الأم بشؤون الأمومة والطفولة ويحتوي تلك السيدات التي قد لا تجد من تتحدث معه أو تأخذ فرصة لقاء طفلها بأطفال آخرين واللعب معهم و تنمية مهاراته ولغته وطفولته

‏ثم ما يلبث أن يبدأ بعالم التعليم التمهيديّ والمتدرج في إعطائه مفاتيح اللغة العربية الفصيحة التي لا بدّ له من معرفتها ‏ليعرف كيف يقرأ ويكتب و يناجي ربّه في صلاته وعبادته ويفهم مبادئ دينه الحنيف من خلال استيعابه للكلمات العربية التي كُتب و نزل بها القرآن الكريم

‏فنجد أغلب المساجد والمراكز تزخر يومي السبت والأحد وهي العطلة الأسبوعية في دول المهجر والغرب بأفواج من ‏الآباء والأمهات الذين أتوا بأولادهم إلى تلك المراكز الإسلامية أو المساجد المباركة ينهلون ويتعلمون شؤون دينهم و دنياهم من خلال تدريس اللغة العربية و مقتطفات من التربية الإسلامية حسب أعمارهم ومراحلهم

 

‏وقد تكون الإمكانيات لبعض المراكز والمساجد متواضعة فليس هناك ثمة تجهيزات تعليمية وأكاديمية متقدمة لكن هم يسعون بقدر الإمكان وبكلّ ما يستطيعون توفيره من أدوات ومعلمين وغرف قد تكون محدودة لفتح تلك الفصول الدراسية

‏فالكلّ يريد ويسعى أن يتعلم أولاده اللغة العربية الفصحى وأن يبقى على تواصل مع المجتمع المسلم في المهجر

وينهل من جهة مختلفة غير والديه منهلًا طيبًا وعلمًا نافعًا وسلوكًا مهذبًا.. ‏

ولا شكّ أن تكون بعض الأخطاء غير المقصودة والتي تصدر من بعض المعلمين أو المعلمات بحكم أنّ الكل يريد أن يساعد ويتطوع فربما قد يصيب تارة و يخطئ تارة!

لكنّ الأصل كما ذكرت أنّ الكل يجتمع في رغبته بالعطاء والإصلاح وتقديم ما يستطيع حسب تعليمه و مدخراته في بلده الأصليّ و الأمّ .. أو ربّما ما نهَلَهُ مِن مَن سبقوه في دول المهجر نفسها

 

https://alarabinuk.com/ar/%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d9%88%d9%86%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%88%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%85%d9%8a%d8%af%d8%b9%d9%8a/

‏فهنا يجب أن نعترف بقلة الإمكانيات أحيانًا وربّما في ظل زحمة الحياة في الغرب و ضغوطات الحياة الماديّة التي لا بدّ منها لمن استوطنها وعدم توفر العدد الكافي من العاملين المؤهلين فعلًا من الناحية الأكاديمية و الدينية و الفكرية ، أنّ الجودة قد تقل أحيانًا ..

لكنّ لا بأس من التوجيه المستمر و المزيد من الصبر والعناية والارتقاء بهؤلاء المعلمين والمعلمات وكذلك طاقم إدارات المساجد التي تحتاج إلى ورش عمل مختلفة ونصائح متنوعة و تجديد لخبراتها كذلك و هذا حال كلّ البشر في شتى المؤسسات و الوظائف !

‏ولا يمكن إغفال الجانب الترفيهيّ النفسيّ الذي يحتاجه ذلك الطفل و أثناء وصوله إلى مرحلة الفتوّة والشبيبة من ‏نوادي التثقيف و الترفيه والأنشطة النافعة المتعلقة بالأوقات والمواسم المهمة في حياة أي شخص.

لذلك نجد جانباً تعليمياً آخر إلى جانب تلك المدارس والمحاضن التي تكون في نهاية الأسبوع

ويضاف إلى ذلك تلك البرامج الهادفة التي يقصدها مئات الأطفال والشباب ليجدوا المتنفس الآمن والجميل الذي يفرغون طاقاتهم بطريقة سليمة وموجّهة

وقد تستعين المراكز أحياناً بغير المسلمين في بعض الأنشطة ‏ومن باب التعاون و الاندماج بين المجتمع المسلم و الجالية والمرافق الحيوية التي تعين الأطفال والشباب على تحقيق طموحاتهم وإيجاد أنفسهم واستكشاف هواياتهم
‏وأؤكد هنا على ضرورة وأهمية دعم تلك المناشط حتى وإن لم يُطلب من الأهل أو الجالية ذلك نظرا لأهمية وحساسية الأنشطة و تأثيرها على مستقبل الاندماج الصحيح والتعايش للشباب وهم نواة الجيل القادم في الغرب

‏فكما أن تربية الروح والنفس مهمة فتربية البدن والجسد تأخذ نفس الأهمية

و كما جاء في الأثر أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام: أن علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية.

و ورد الأمر بتعلم الرمي في حديثٍ صحيح رواه البخاري عن سلمه بن الأكوع رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً. وفي صحيح مسلم عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي. وورد في فضل الخيل ما رواه البخاري ومسلم عن عروة البارقي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

‏و طوال تلك المرحلة التي تبني شخصية ذلك الشاب وتلك الشابة ليصلوا إلى مرحلة تكوين أنفسهم وحياتهم وبناء اسرة جديدة نجد تلك المراكز تحاول جهدها في تثقيف هؤلاء المقبلين على تلك المرحلة المهمة في شؤون الزواج ومبادئ العلاقات بين الذكور والإناث و الإعلان عن برامج توعوية تثقيفية وكما ذكرت آنفا حسب الاستطاعة وحسب الإمكانيات والقدرات

فكل ذلك يتطلب إعداد ومصروفات وربما استضافة مدربين او أئمةً متخصصين يتكلف المركز بقدومهم واستضافتهم مما يشكل عبأً آخر على تلك المراكز والمساجد في سبيل التقليل من حالات عدم النجاح .. ورفع مستوى التوافق الأسري والاجتماعي لهؤلاء الشباب والفتيات

‏لذلك تراعي اغلب المساجد تقديم خدمات عقود الزواج وربما تأجير بعض قاعدتها لعمل الولائم والخطوبات والأعراس لمن يرغب

وبأسعار رمزية قياسا لتأجير الصالات الأخرى في البلاد.

تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا
تجمّعُنا هو ما يجمِّلنا (Unsplash)

وكما يأتي تحدي ابقاء تلك الأسرة على سفينة الأمان والاستقرار بقدر الإمكان !

لكن رياح الخلاف قد تَهُب أحيانا أو بين حين وآخر .. لتزعزع تلك الرابطة والعلاقة الوثيقة التي سماها الله ميثاقا غليظا !

فيكون هناك مسؤولية أخرى تضاف إلى تلك المراكز والمساجد وهي مسؤولية الإصلاح الأسري و الاستشارات الشرعية التي لابد منها لتحاوط تلك الأسرة بسياج الأمان أو على الأقل أن تخرج تلك الأسرة بحل شرعي مرضي بقدر الإمكان لكلا الطرفين

وإن لم يكن فربما قد تؤول المآلات لما شرعه الله سبحانه وتعالى من الفراق بين الزوجين وحصول حالات الانفصال والطلاق

وكذلك تكون هناك مسؤولية توثيق ذلك الطلاق والاتفاق على كيفية رعاية الأبناء وربما وضع بعض البنود التي يحاول المركز الإسلامي والمسجد إبرام اتفاق ودّي بين الطرفين المنفصلين بقدر الإمكان، وترتيب جلسات إصلاح و حوار بين الزوجين المتنازعين

ولا تغفل تلك المراكز و المساجد المباركة ما قد يطرأ على الإنسان من حالات الضعف و المرض و دخوله المستشفى و حاجته للزيارة و بعض ‏الخدمات خصوصا لمن لا يملكون أهلاً او معارف كثيرين .. وربما قد تصِل إلى حالات الإحتضار التي لا تقصر المساجد في إرسال من يتلو آيات من الذكر الحكيم على هؤلاء المرضى في غرفتهم في عنابر وأجنحة المستشفيات قبيل الوفاة وتصبير أحبابهم وتذكيرهم بما عند الله من الجزاء الاخروي العظيم و فضيلة الصبر و الإحتساب.

فإذا ما حانت لحظة الوفاة وقفت مراكزنا و مساجدنا وقفات مشرفة معطيةً الأمان والطمأنينة للشخص حياً وميتاً والعناية بتغسيله تكفينه ودفنه بأجور بسيطة أو قد لا تكادُ تذكر ..

‏في كل ذلك المسير وتلك التحديات غير البسيطة في دول المهجر ليستشعر الإنسان كمية الخير والعطاء و وقوف هؤلاء الناس الطيبين في جميع تلك المواقف والمراحل و الأماكن التي ذكرتها آنفا ..

فتارة ما يحتاج منها طاقة جسدية ومنها ما يحتاج شعلة إيمانية ومنها ما يستلزم تفريغ وقت طويل وعلى جهة أخرى ما يتطلب تنسيقاً بين المركز و مؤسسات المجتمع المدني وهكذا نجد أننا أمام خلية نحل لا تكاد تتوقف في أي يوم من السنة ومهما كانت الظروف

ولا شك أن الاختلاف الموجود في جميع البشر والأديان والثقافات وهو صحيّ إلى حد ما! ما لم يتجاوز إلى أبعد من ذلك

وكما هو حال بقية المؤسسات و مناحي الحياة فمراكزنا ومساجد هنا معرضة لذلك وذلك ‫لسبب بسيط وهو اختلاف وجهات النظر والرؤيه و الإستنتاجات ووسائل ترتيب العمل

لكن ما أوصى به نفسي والآخرين هو عدم تضييع بركة وخير تلك المساجد والمراكز التي تقدم ذلك العمل الجليل الذي لا يمكن وصفه بأي مقال من المقالات أو بأروع الكلمات، فيحصل بحظ النفس او نزغ شيطان أو فتنة من هنا وهناك.

‏وأن تبقى الأيادي مجتمعه والأصوات منتظمة و أن توضع مصلحة الأمة و الجاليه فوق جميع الاعتبارات والإستعانة بذوي الرأي والحكمة و أولي النهى في حال ما وجِد أي خلاف مهما كان بسيط .. ليُدرءَ في بدايته خيراً مما يترك ليُصلحَ في نهايته !

‏وان التصالح والتصافح هو خير ما تؤول إليه الأمور

مسترشدين بحديثه صلى الله عليه وسلم “ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم” رواه أحمد.

وفق الله الجميع و جزاهم خيراً كثيراً و أدام جمال أمتنا في توحّد كلمتنا ..


اقرأ المزيد

الغربة ونعمة الأخوة

أهون من الصنابحي!

سرّاؤنا وضرّاؤنا وأين نحن منها؟