تقرير: لماذا يجب تجريم إنكار الإبادة الجماعية في غزة على الصعيد الدولي؟
في مقال نُشر على موقع “ميدل إيست آي”، وجّه الكاتب والأكاديمي الإيراني الأمريكي حميد دباشي دعوة حادة وصريحة إلى المجتمع الدولي، مطالبًا بتجريم إنكار الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أسوةً بما فعلته بعض الدول تجاه إنكار الهولوكوست أو الإبادة الجماعية للأرمن.
ويؤكد دباشي أن الجرائم الإسرائيلية الموثقة بحق الفلسطينيين باتت لا تحتمل الإنكار أو التستر، وأن الاستمرار في تجاهل هذه الجرائم هو شكل من أشكال التواطؤ، بل شكل من أشكال الجريمة الأخلاقية والسياسية.
شواهد تاريخية: من الإبادة الأرمنية إلى المحرقة
يربط الكاتب بين إنكار الإبادة في غزة وإنكار فظائع تاريخية موثقة، مشيرًا إلى أن أكثر من مليون أرمني قُتلوا على يد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، وقد وثّق ذلك مؤرخون مثل بيتر بالاكيان وتنر أكشام في أعمال شهيرة.
كما يستعرض دباشي الإبادة النازية لستة ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية، معتبرًا أن إنكار تلك الفظائع كان سببًا مباشرًا لسن قوانين في دول عديدة تُجرّم هذا الفعل.
ويرى أن الاعتراف بهذه الأحداث التاريخية، وتوثيقها، واتخاذ مواقف قانونية منها، يجب أن يُطبّق بالمثل على ما يحدث في فلسطين.
الأدلة على الإبادة في غزة: من “لانسيت” إلى الأمم المتحدة
يرتكز المقال على مجموعة من الوثائق والتقارير التي تُعد أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل لجريمة إبادة جماعية.
ويشير دباشي إلى تقدير نشرته مجلة “لانسيت” الطبية المرموقة في تموز/يوليو 2024، أفاد بأن عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة قد يصل إلى 186 ألف شخص، وهو رقم يفوق الحصيلة الرسمية بكثير.
كما يُبرز التقرير الأممي “تشريح الإبادة الجماعية” الذي أعدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيزي، والذي يتضمن ما وصفه الكاتب بـ”أدلة لا يمكن دحضها” على الإبادة الجارية في غزة، مطالبًا بأن يكون هذا التقرير أساسًا قانونيًّا لتحقيقات مستقبلية.
المحكمة الدولية والإجماع العلمي: دعم واسع ضد إسرائيل
ينتقل دباشي إلى تسليط الضوء على الإجراءات القانونية الجارية في محكمة العدل الدولية، حيث قدم فريق قانوني من جنوب إفريقيا دعوى ضد إسرائيل يتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية في فلسطين. وقد انضم أكثر من 12 دولة إلى هذه القضية، في خطوة وصفها الكاتب بالتاريخية.
ويشير إلى دراسة نشرتها صحيفة (NRC) الهولندية، أجرت فيها مقابلات مع سبعة من أبرز خبراء الإبادة الجماعية، وكلهم أكدوا أن ما ترتكبه إسرائيل يندرج ضمن التعريف القانوني للإبادة. ووفق الدراسة، فإن معظم الخبراء في هذا المجال يشاركونهم الرأي ذاته.
التواطؤ الإعلامي والسياسي: التستر على الجريمة
وجّه دباشي انتقادًا حادًّا لوسائل الإعلام الغربية، ولا سيما صحيفة “نيويورك تايمز”، التي وصفها بأنها تتعمد التعتيم على الحقائق أو تقديمها بصورة مضللة.
وأوضح أن الصحيفة في الغالب تقابل اتهامات منظمات حقوق الإنسان لإسرائيل بردود إسرائيلية دون تدقيق أو تحقيق.
كما اتهم الولايات المتحدة وألمانيا، إلى جانب أستراليا وكندا، بالتواطؤ المباشر في دعم آلة القتل الإسرائيلية، من خلال تسليح إسرائيل وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي لها، واعتبر أن على هذه الدول أن تُحاسب ويُفضح دورها علنًا.
دعوة للعدالة: من التوثيق إلى التجريم
يرى دباشي أن إنكار الإبادة في غزة يجب أن يُعامل كجريمة في حد ذاته، ويجب أن يُحاسب من يمارسه، سواء كان فردًا أو مؤسسة إعلامية أو جهة حكومية. ويؤكد أن التوثيق المستمر للجرائم الإسرائيلية هو مسؤولية جماعية، ويجب أن يشمل كذلك تواطؤ الغرب.
ويُطالب بتأسيس متحف رقمي عالمي لتوثيق الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، يُديره مؤرخون ومهنيون مختصون؛ ليحفظ الذاكرة الفلسطينية، ويُسجّل ما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
يوم للذكرى وتضامن عالمي
يقترح الكاتب تخصيص يوم الـ15 من أيار/مايو، وهو ذكرى النكبة، ليكون يومًا عالميًّا لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وتنظيم فعاليات في جميع أنحاء العالم.
ويرى أن هذا اليوم يجب أن يُذكّر العالم بأن الإبادة الجماعية لا تزال مستمرة، وليست مجرد حدث من الماضي.
تحالف الضحايا ضد القتلة
في ختام مقاله، يدعو دباشي إلى تكوين تحالف عالمي أخلاقي وإنساني بين ضحايا الإبادة الجماعية في التاريخ، ويشمل ذلك الأرمن، واليهود الذين نجوا من الهولوكوست، والفلسطينيين الذين يعانون من الإبادة الحالية.
وينبّه إلى أن الإبادة الجماعية الفلسطينية يجب ألا تُستخدم لأغراض قومية أو فئوية كما فعلت إسرائيل مع الهولوكوست، بل يجب أن تكون منطلقًا لانتفاضة عالمية ضد كل أشكال التطهير العرقي، وضد أي عدوان جماعي على الشعوب، أيًّا كانت هُويتها.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
19°C
