لماذا تزدهر تجارة المخابز في بريطانيا رغم تضرر القطاعات الأخرى بشدة؟
على الرغم من إغلاق بعض المخابز أبوابها خلال موجة انتشار فيروس كورونا، فإن الإقبال على شراء الخبز ومشتقاته قد زاد زيادة كبيرة، فكيف انعكس ذلك على ازدهار تجارة المخابز في بريطانيا؟
قبل انتشار وباء كورونا شهدت مخابز جرجس في نيوكاسل إقبالًا كبيرًا من الزبائن، حيث افتتحت محال جرجس المتخصصة ببيع النقانق عددًا من المخابز في بداية عام 2019، مما ساعد في انتعاش بيع منتجات المخابز.
لكن الوباء أثر في المحال المذكورة، وأدى إلى إغلاقها فترات طويلة، ومع انحسار الوباء تسعى المخابز إلى استعادة نشاطها السابق وافتتاح فروع جديدة لها بالتزامن مع انتعاش المبيعات.
وستعمل المخابز على إنتاج مزيد من المخبوزات الخالية من مشتقات الدهن الحيواني، وستعمل كذلك على زيادة ساعات العمل في 500 محل لبيع المخبوزات بأنواعها، مع إضافة مزيد من الخيارات إلى القائمة.
ومن أبرز مخابز مدينة روتلاند سلسلة هامبلتون (Bakery) التي تضم 6 مخابز وأكثر من 150 نقطة بيع ضمن فنادق المنطقة ومطاعمها التي أُغلِق معظمها بسبب الوباء.
لكن وفقًا لتيم هارت أحد الشركاء الأساسيين في ملكية المخابز، فقد كان هناك جانب جيد للعمل خلال انتشار الوباء تمثَّل بزيادة الطلبات على شراء شطائر الجبن وكعك الشاي، حيث زاد استهلاك المخبوزات من قبل الموظفين الذين توجهوا للعمل المنزلي بعد انتشار الوباء.
وباء كورونا ينعش تجارة المخابز في بريطانيا
وقال هارت: لقد أدى ذلك إلى تحسن المبيعات تحسنًا كبيرًا، حيث يزداد طلب الزبائن الذين يعملون من المنزل على منتجات الخبز”.
“لقد كان من الصعب على الزبائن أن يغادروا وظائفهم لزيارة المخابز، وكانوا يحصلون على معظم منتجات الخبز عبر التسوق في محال السوبر ماركت”.
“إن العمل من المنزل شجع الزبائن على زيارة المخابز المجاورة لمنازلهم، الأمر الذي انعكس بفائدة كبيرة على المخابز التي اكتسبت مزيدًا من الزبائن”.
ومع انحسار قيود كورونا أُعِيد افتتاح كثير من المطاعم والحانات والفنادق في هامبلتون، كما ازداد الطلب على تجارة المخابز في بريطانيا؛ لأن كثيرًا من العائلات أمضت عطلتها في بريطانيا بدلًا من السفر إلى الخارج في عام 2020، ما انعكس على ازدياد الطلب.
وقد افتتحت سلسلة المخابز معملًا لإنتاج المخبوزات بقيمة مليوني باوند لزيادة كميات البيع.
وأضاف هارت: “كنا نرفض البيع بالجملة خلال العامين السابقين؛ لأن مخابزنا وصلت إلى ذروة طاقتها الإنتاجية، لكنا نستطيع إنتاج المزيد عبر معملنا الجديد”.
“وسنفتتح المزيد من محال بيع منتجات الخبز، وسنُحوِّل محالنا القديمة إلى مقاهٍ”.
سرعة الاستجابة لطلبات الزبائن
تشتهر مخابز (Birds) بالكعك المحشو بالكريما والكعك المُحلَّى بالكراميل، وقد افتتحت السلسلة فروعها في شرق منطقة (Midlamnds).
وقد أسَّس هذه المخابزَ للمرة الأولى ثلاثةُ أشقاء بعد عودتهم من الحرب العالمية الأولى، ولا تزال هذه المحال تُدار من نفس العائلة، واحتفلت عام 2019 بمرور مئة عام على تأسيسها.
ووفقًا لمدير المبيعات والتسويق في محال (Birds) فقد استطاعت هذه المخابز النجاة من أزمات كثيرة خلال القرن العشرين.
وفي هذا السياق قال مدير المبيعات والتسويق مايك هولينج: “لقد واجهت مخابزنا وقتًا عصيبًا عند انتشار الوباء، وكان علينا التكيف مع الظروف التي لم تكن سهلة على الإطلاق”.
“لقد خسرنا متجرين لبيع الخبز خلال فترة انتشار الوباء، لكننا سنعيد افتتاح فروع جديدة، ومن المقرر افتتاح متجر جديد لمخابز (Birds) في كوليك بنوتنجهامشاير”.
وبذلك سيصبح عدد فروع المخبز 63 فرعًا بعد أن كان عددها 56 فرعًا قبل خمس سنوات.
وتدرك إدارة المخبز أن هناك تحديات كبيرة ستواجهها مثل ارتفاع أسعار القمح بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال هولينج: “هناك ضغوط كبيرة على تكاليف الإنتاج في الوقت الحالي، لكننا سنواصل العمل على الاستثمار في الأعمال التجارية”.
وقد افتتحت مخابز (Birds) عدة فروع في داربيشاير وليسترشاير ونوتنجهامشاير، وكان لهذه الفروع دورٌ مهمٌّ في الحفاظ على استقرار عمليات البيع، مع المحافظة على جودة المخبوزات المقدمة.
وقال هولينج: “نقدم الخبز الطازج وجميع أنواع المخبوزات لمناطق (East Midlands)”.
“لقد توارثت العائلة هذه المهنة منذ أربعة أجيال، وهو أمر لن تجده في بقية مخابز بريطانيا”.
“يمكننا الاستجابة لطلبات الزبائن بسرعة كبيرة، وتتوفر لدينا خدمات التوصيل عبر منصات الإنترنت، الأمر الذي أوجد لدينا مصدرَ دخل جديدًا، وساعد على استمرار تقدم الأعمال”.
زيارة المخابز.. كيف استطاع الوباء إحياء طقس بريطاني عريق؟
عملت كارين بلير في إعداد وتزيين الكعكات الخاصة بالأعراس لعقد من الزمن قبل انتشار الوباء.
وخلال انتشار كورونا اضطرت كارين إلى إغلاق محلها الذي اعتبر من الأعمال الثانوية، كما أن محلها الكائن في ليستر عانى من القيود التي فُرِضت على المدينة.
وقالت كارين بهذا الصدد: “أدركنا أن وضع العمل لم يعد كسابق عهده، فقد أُلغِيت كثير من حفلات الزفاف ما أدى إلى توقف العمل، لقد تحتَّم علينا فعل شيء ما”.
حوَّلت كارين محلها الواقع بين سلسلة محال تجارية في إحدى ضواحي ليستر إلى محل لبيع الشطائر والكعك والخبز، وبدأ العمل بالانتعاش مع تراجع قيود كورونا، وحينها بدأت كارين بالعمل في المخبز إلى جانب ابنها.
وأشارت كارين إلى أنها تخبز الكعك بنفسها، وتشتري الخبز من المخابز الكبيرة، ومع ارتفاع أرباح مخبزها بدأت كارين بتوسيع الاستثمار وجلب مزيد من الموظفين، وقد تلقت طلبات كثيرة للعمل في تزيين كعك الأعراس، لكنها أكدت أنها لن تتخلى عن العمل في المخبز.
وقالت كارين: “إن عملي في المخبز مكَّنني من التعرف على كثير من الناس الذين يعيشون في الجانب الآخر من الطريق، فهم يزورون المخبز لشراء الكعك والتحدث قليلًا في شؤون الحياة”.
“أعتقد أن انتشار الوباء أعاد الناس بالذاكرة إلى أيام ما قبل انتشار محال السوبر ماركت، فحينها اعتاد كثير منهم شراء حاجياتهم من الخبازين والجزارين وبائعي الخضار”.
انتعاش قطاع المخابز
قال ويل روسيتر الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد بجامعة نوتنجهام: “بالنسبة إلي لم يكن من المفاجئ أن نشهد كل هذا النجاح الذي حققته المخابز في الضواحي”.
“من أهم ما لاحظناه خلال انتشار الوباء أن بعض القطاعات شهدت انتعاشًا أكثر من غيرها، ولعل تجارة المواد الغذائية كانت من ضمن القطاعات التي استطاعت النمو خلال الوباء”.
“يرتبط ذلك أيضًا بخصوصية مواقع محال بيع الخبز القريبة من المنازل، والتي كان الناس يتجولون بجوارها في معظم الأحيان. لقد كان هناك مخبز محلي بجوار مكتب في نوتنجهام، ولولا قرب الموقع ما كنت اشتريت الخبز”.
ومع اضطرار بعض المحال التجارية إلى بيع كثير من المنتجات المتنوعة يشير روسيتر إلى أن المستقبل يبدو إيجابيًّا إلى حد ما رغم تعرض قطاع المخابز لكثير من الصدمات بسبب “الحرب الأوكرانية”.
وقال: “تمتلك كلٌّ من روسيا وأوكرانيا 30 في المئة من القمح العالمي، ومن المحتمل أن يؤثر ذلك في قطاع المخبوزات، كما أن المخابز قد تواجه خطر الإفلاس”.
اقرأ أيضاً :
ارتفاع إضافي مرتقب في أسعار الخبز والجبن والحليب في بريطانيا
الأخوان عيسى يشتريان أكبر سلسلة مخابز في بريطانيا إضافة لآزدا
أزمة المعيشة تجبر البريطانيين على تقليص نفقات الطعام
الرابط المختصر هنا ⬇
