العرب في بريطانيا | تأجيل تشريد آلاف اللاجئين في بريطانيا إلى ما بع...

1447 رجب 1 | 21 ديسمبر 2025

تأجيل تشريد آلاف اللاجئين في بريطانيا إلى ما بعد كريسماس 2025

WhatsApp Image 2025-12-19 at 9.46.56 AM (1)
فريق التحرير December 19, 2025

في تطور قضائي وإنساني لافت، نجح آلاف اللاجئين الجدد في بريطانيا في تجنب خطر التشرد وقضاء عطلة عيد الميلاد في الشوارع، بعد قرار صادر عن المحكمة العليا البريطانية أوقف تنفيذ إخلاءات كانت وشيكة بحقهم، وألزم وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات استثنائية؛ لتمديد فترة بقائهم في مساكن اللجوء الحكومية.

وجاء القرار بعد تصاعد القلق خلال الأسابيع الماضية بين محامين ومنظمات حقوقية وناشطين في مجال دعم اللاجئين، حذّروا من أن آلاف الأشخاص الذين مُنحوا صفة لاجئ حديثًا قد يجدون أنفسهم، بعد أيام قليلة فقط من الاحتفال بقرار الاعتراف القانوني بهم، بلا مأوى ينامون فيه، وفي ظروف شتوية قاسية.

تمديد فترة الانتقال… خطوة مؤقتة لتفادي التشرد

وبموجب الأمر القضائي الذي جرى الاتفاق عليه يوم الأربعاء، طُلب من وزارة الداخلية البريطانية إصدار تعليمات واضحة لموظفي القضايا لديها تقضي بتمديد ما يُعرف بـ«فترة الانتقال» من 28 يومًا إلى 56 يومًا، في الحالات التي يثبت فيها أن اللاجئ يواجه خطرًا وشيكًا بالتشرد في الشارع.

وتُعد فترة الانتقال المدة التي يُسمح خلالها للاجئ بالبقاء في سكن اللجوء الحكومي بعد منحه صفة لاجئ، إلى أن يتمكن من ترتيب أوضاعه القانونية والمعيشية، مثل العثور على سكن بديل، أو وظيفة، أو الالتحاق بالتعليم، أو الحصول على الإعانات الاجتماعية.

ويُتوقع أن يمنع هذا القرار نحو 3 آلاف لاجئ جديد من التشرد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على أن يستمر العمل بهذا الإجراء حتى الـ16 من كانون الثاني/يناير 2026.

خلفية القرار… بين التجربة والتراجع الحكومي

وكانت وزارة الداخلية قد أطلقت قبل عام برنامجًا تجريبيًّا يقضي بتمديد فترة الانتقال من 28 إلى 56 يومًا، استجابة لضغوط متزايدة من منظمات المجتمع المدني التي أكدت أن المهلة القصيرة لا تمنح اللاجئين الوقت الكافي لإعادة بناء حياتهم بعد سنوات من النزوح وعدم الاستقرار.

ووفق تقارير صادرة عن جهات عدة، من بينها الصليب الأحمر البريطاني، أدى تمديد الفترة إلى انخفاض ملحوظ في أعداد المشردين من اللاجئين الجدد، ما اعتُبر دليلًا عمليًّا على أهمية هذا الإجراء.

غير أن الحكومة قررت في نهاية آب/أغسطس الماضي العودة إلى العمل بمهلة الـ28 يومًا فقط، وهو ما أثار موجة غضب واسعة النطاق، تُرجمت إلى احتجاجات وبيانات اعتراض وقّع عليها أكثر من 60 منظمة غير حكومية، محذّرة من «كارثة إنسانية صامتة» مع اقتراب فصل الشتاء.

قصص فردية تكشف قسوة الواقع

ورغم القرار القضائي الأخير، لا يشمل الإجراء الجديد اللاجئين الذين أُخرِجوا بالفعل وأصبحوا ينامون في العراء. ومن بين هؤلاء شاب إريتري يبلغ من العمر 19 عامًا، أمضى أكثر من شهرين وهو ينام تحت شجرة قرب إحدى محطات القطارات في شمال لندن، بعد إخراجه من فندق تابع لوزارة الداخلية.

وكان الشاب قد لجأ إلى المجلس المحلي؛ طلبًا للمساعدة في توفير سكن بديل، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، بذريعة أنه لا يندرج ضمن فئة «الاحتياج ذي الأولوية».

ويقول الشاب، مستذكرًا رحلته القاسية: «كانت رحلتي إلى الأمان شديدة الصعوبة بعد فراري من بلدي. تعرّضت للاستعباد في ليبيا، ثم خضت الرحلة الخطرة عبر القنال الإنجليزي». ويضيف: «أنا سعيد بمنحي صفة لاجئ، لكنني لم أتخيل أن ينتهي بي الحال نائمًا تحت شجرة في وسط لندن بعد كل ما مررت به».

ترحيب قانوني وتحذيرات حقوقية

ورحّب المحامي أحمد عيديد، من مكتب ديغتون بيرس غلين للمحاماة، الذي قاد الطعن القانوني ضد مهلة الـ28 يومًا، بقرار المحكمة، واعتبره «تدخلًا ضروريًّا أنقذ آلاف الأشخاص من مصير مجهول».

وقال عيديد: «نحن ممتنون لأن وزيرة الداخلية وافقت بعد تدخل المحكمة على تعطيل تطبيق إخلاءات الـ28 يومًا في الحالات التي يكون فيها الفرد معرضًا لخطر وشيك بالتشرد. بات بإمكان أكثر من 3 آلاف شخص الاستفادة من هذا الإجراء حتى منتصف يناير».

وأضاف: «هذا القرار سيساعد على إنقاذ الأرواح. لا يجوز إجبار أي إنسان على الوقوع في العوز والتشرد، ولا سيما في ظل ظروف شتوية قاسية كالتي نعيشها».

دعوات لجعل القرار دائمًا

من جهتها وصفت بريجيت يونغ، مديرة شبكة «لا سكن» (No Accommodation Network)، القرار بأنه «خبر مرحّب به بشدة»، مؤكدة أنه سيشكّل الفارق بين قضاء عيد الميلاد في أمان أو في الشوارع بالنسبة لآلاف اللاجئين الجدد.

وقالت: «جميع الأدلة تشير بوضوح إلى أن 28 يومًا غير كافية للعثور على سكن بديل. كان من غير المعقول أخلاقيًّا أن نشهد ارتفاعًا في أعداد المشردين قُبيل عيد الميلاد، في وقت تقل فيه الخدمات المتاحة وتكون خدمات الطوارئ منهكة أو ممتلئة».

ودعت يونغ الحكومة إلى «اتخاذ الخطوة الصحيحة» عبر جعل فترة الـ56 يومًا إجراءً دائمًا، ومنح كل من يحصل على الحماية في بريطانيا فرصة حقيقية للعثور على منزل آمن ومستقر.

موقف الحكومة

وفي تعليق رسمي، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: «إن وزارة الداخلية ملتزمة بدعم الأفراد الذين مُنحوا إذن البقاء من أجل انتقال ناجح من مساكن اللجوء، بما يقلل من مخاطر التشرد».

وأضاف أن الحكومة تعمل في الوقت ذاته على نقل طالبي اللجوء إلى «أماكن إقامة أكثر ملاءمة، مثل القواعد العسكرية»، في محاولة لتخفيف الضغط عن المجتمعات المحلية في مختلف أنحاء البلاد.

ورغم الترحيب الواسع بالقرار القضائي، يرى مراقبون أن القضية لا تزال مفتوحة، وأن مصير آلاف اللاجئين بعد انتهاء المهلة المؤقتة سيظل محل جدل، ما لم تُترجم هذه الخطوة إلى سياسة دائمة توازن بين الاعتبارات الإدارية والالتزامات الإنسانية.

المصدر: الغارديان


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة