العرب في بريطانيا | كيف يؤثر الطقس الحار على اقتصاد بريطانيا؟ - الع...

1445 رمضان 18 | 28 مارس 2024

كيف يؤثر الطقس الحار على اقتصاد بريطانيا؟

كيف يؤثر الطقس الحار على اقتصاد بريطانيا؟
فريق التحرير July 17, 2022

أدت موجة الحر التي تضرب المملكة المتحدة نتائج إيجابية إلى بعض القطاعات في اقتصاد بريطانيا، على سبيل المثال قفزت مبيعات مشروبات وعصائر الفواكه بنسبة تسعة أضعاف مقارنة بالأسبوعين الماضيين.

لكن كيف يؤثر الطقس الحار على اقتصاد بريطانيا، علمًا أنّ درجة الحرارة قد تتجاوز 38 درجة وأعلى درجة حرارة تم تسجيلها في تاريخ المملكة المتحدة

وفيما يرى البعض أن الطقس الحار يمكن أن يؤدي إلى تراجع الإنتاج وتخفيض ساعات العمل خلال النهار، بينما يرى آخرون أنّ الأجواء الحارة تساعد في انتعاش بعض الأعمال والقطاعات الاقتصادية.

وساعد الطقس الحار الاقتصاد البريطانيّ على النهوض مجددًا عام 2018 بعد أن واجهت السوق تقلبات كبيرة نتيجة الخروج من الاتحاد الأوروبيّ.

وأظهرت إحدى الدراسات التي أجرتها الباحثة ساندرا باتن من بنك إنجلترا أنّ الطقس الحار جدًا قد يترك تأثيرًا معاكسًا على الاقتصاد الذي قد تصل نسبة نموه إلى 0.01 وهو معدل بطيء نسبيًّا.

وبحسب الباحثين فإنّ تأثير الطقس على بطء الاقتصاد له دلالة إحصائية وإنت كان صغيرًا

وهو الأمر الذي أكدته أيضًا إحدى الدراسات الأمريكية والتي أشارت إلى أنّ معدل نمو الناتج الفردي يصل إلى ذروته عند متوسط درجة حرارة 13 مئوية ويتباطأ الناتج الفردي في حال تجاوزت درجة الحرارة معدلاتها

إنّ متوسط درجة الحرارة في بريطانيا يختلف بين عام وآخر لكنّه يقارب تسع درجات مئوية بشكل عام.

وقال البنك الاحتياطيّ الفيدراليّ في ريتشموند بأمريكا:” إنّ زيادة درجات الحرارة بمعدل 1 فهرنهايت في الصيف سيؤدي إلى انخفاض ناتج الفرد من 0.15 إلى 0.25 نقطة مئوية.

وبناءً على معدلات الحرارة المتوقعة فإنّ معدل النمو الاقتصاديّ في الولايات المتحدة الأمريكية قد ينخفض إلى الثلث خلال القرن القادم، ولن يستفيد من الطقس الحار سوى بعض القطاعات مثل الطاقة والتعدين، ربما بفضل زيادة الطلب على الكهرباء من أجل أنظمة التبريد خلال أوقات الحر.

وبما أنّ الاحتباس الحراريّ سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل أكبر من المعتاد خلال الصيف فلا بدَّ من أنّ ذلك سيخلف تبعات اقتصادية على المدى الطويل.

سنستعرض نتائج ذلك على اقتصاد بريطانيا فيما يلي:

قطاع الزراعة

تأثير الزراعة على اقتصاد بريطانيا (آنسبلاش)
تأثير الزراعة على اقتصاد بريطانيا (آنسبلاش)

قال المزارع بول توبمكنز :” لقد اضطررت إلى تركيب عدد من رشاشات المياه المحلية الصنع في ثلاث حظائر للإبقاء على رطوبة قطيع الأبقار البالغ عددها 350 بقرة.

وستعتمد آلية تبريد الأبقار على مجموعة من الخراطيم المزودة بثقوب صغيرة لرش رذاذ خفيف”.

ويؤكّد المزارع أنّ الإبقاء على برودة الأبقار ورطوبتها أمر مهم جدًّا للحفاظ على سلامتها وإنتاجيتها، لكن ذلك سيتطلب استخدام أنظمة الرش والمراوح الكهربائية بما سيؤدي إلى ارتفاع فواتير الكهرباء.

هذا وانخفضت نسبة إنتاج الحليب في المملكة المتحدة بنسبة 0.6 في المئة عن الوقت نفسه من العام الماضي ويقول تومبكنز الذي يعمل في الاتحاد الوطنيّ للمزارعين:” إنّ نقص إنتاج الحليب يمكن أن يُعزى إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير”.

هذا وتستمر أسعار الحليب بالارتفاع حيث يواجه المزارعون زيادة في التكاليف ونفقات الإنتاج، وقد ارتفع سعر عبوّة الحليب سعة نصف لتر بنسبة 10 في المئة في نهاية الأسبوع الماضي ومن المتوقع استمرار ارتفاع أسعار الحليب في ظل تراجع إنتاجه بسبب الحرارة.

وقال مينيت باترز رئيس الاتحاد الوطنيّ للمزارعين:” لقد اضطر المزارعون إلى إطعام حيواناتهم من مخزون الشتاء نظرًا للجفاف الشديد للعشب خلال فصل الصيف، الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

هذا ويحاول المزارعون تحقيق الاكتفاء الذاتيّ من المياه عبر استخدام الآبار والحصول على تراخيص لسحب مياه الري من الينابيع المحلية.

ولم يتمّ استخدام خراطيم المياه من قبل المزارعين في صيف العام الحالي لكن في حال بدأت المسطحات والخزانات المائية بالنفاد كما حصل في صيف 2018، فسيطلب من المزارعين تخفيض استهلاك المياه.

وقال المزارع علي كابر البالغ 54 عامًا:” غالبًا ما يتمّ وضع قيود على إنتاج الغذاء قبل أن يتمّ منع استخدام خراطيم المياه””.

قطاع الصناعة

وجد العديد من الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ إنتاجية المصانع تتراجع خلال الطقس الحار، ويبدو أنّ الأمر نفسه ينطبق على اقتصاد بريطانيا.

وبحسب إحدى الدراسات التي أجريت على مصنع سيارات في الولايات المتحدة الأمريكية فقد انخفضت القدرة الإنتاجية للمصنع بنسبة 8 في المئة عام 2012 خلال أحد الأسابيع الذي تجاوزت فيه درجات الحرارة المعدل العام بدرجتين.

العمل من المنزل.

يرغب العديد من الأشخاص الذين عملوا في منازلهم خلال انتشار الجائحة بالعودة إلى المكاتب للاستفادة من تكييف الهواء، لكن بالنسبة لأولئك الذين يعملون خارجًا فبالطبع لن يكونوا راغبين بالتعرض للشمس خلال فترات عملهم.

وبحسب بيانات شركة Freespace التي أجرت دراسة على 140.000مكتب في جميع أنحاء المملكة المتحدة فإنّ نسبة إشغال المكاتب خال الأيام الخمسة الماضية بلغت 32 في المئة مقارنة بنسبة 28.5 في المئة في شهر حزيران/يونيو.

وقد بلغت نسبة إشغال المكاتب بوم الاثنين الماضي 27 في المئة وهو أكثر أيام الاثنين ازدحامًا.

كما أنّ المزيد من الموظفين يرغبون في العمل من المكاتب للاستفادة من التكييف والرفاهيات الأخرى ما قد يخفض إنتاجيتهم مقارنةً بأولئك الذين يعملون من المنزل، ما سيشكل ارتياحًا بالنسبة للمدراء الذين يعتقدون أنّ العمل من المنزل يؤثر على إنتاجية الموظفين

ونقلت صحيفة ذا صان أنّ إحدى كبرى الشركات في المملكة المتحدة اتخذت إجراءات ضد عدد من الموظفين بعد أن اكتشفت أنّهم يتناولون المشروبات ويسترخون في أشعة الشمس في وقت عملهم.

وقال يواكيم كليمنت، أحد المدراء في شركة Liberum :”قد لا يكون العمل من المنزل أمرًا جيدًا في هذا الطقس لأنّه سيقلل من إنتاجية الموظفين”.

قطاع البناء

اقتصاد بريطانيا وحركة البناء (آنسبلاش)

قد يواجه عمال البناء صعوبة كبيرة في العمل تحت أشعة الشمس وسط الحرارة المرتفعة، ولا يسمح القانون البريطانيّ لعمال البناء بالتوقف عن العمل عندما تبلغ الحرارة حدًا معينًا.

وقد دعا مؤتمر النقابات العمالية إلى إقرار قانون جديد يسمح لأصحاب الوظائف الشائقة بالتوقف عن العمل عندما تبلغ درجة الحرارة 27 درجة في الخارج و30 في الداخل.

بينما توجّه إدارة الصحة والسلامة أصحاب العمل بضرورة السماح للعمال بالتوقف عن العمل أو إيجاد صيغة بديلة عنه بحيث يستطيعون تجنب أشعة الشمس في منتصف النهار.

ووفقًا لمكتب الإحصاء الوطنيّ فإنّ قطاع البناء يشهد انتعاشًا خلال الأحوال الجوية السيئة، وقالت شركة كليمنت ليبروم:” في حال اشتداد موجات الحرّ فيجب على متعهدين البناء إغلاق بعض المشاريع مؤقتًا، ما يعني تأخير المشاريع وزيادة تكلفتها”.

قطاع البيع

 

لطالما ساد الاعتقاد بأنّ الطقس الحار يزيد من المبيعات حيثُ يعمد الناس إلى شراء الملابس الصيفية ويشترون المشروبات الباردة والمثلجات ومعدات الشواء.

وبحسب الدراسة التي أجراها مكتب الإحصاء الوطنيّ فقد وجد أنّ الطقس البارد في مطلع العام 2018 ساهم في انكماش عمليات البيع قبل أن تحلّ الأجواء الدافئة في الربع الثاني من العام وتنتعش التجارة بشكل عام.

وكشف مكتب الإحصاء أيضًا أنّ اقتصاد بريطانيا شهد انتعاشًا في نيسان/ أبريل عام 2011 حيث كان شهر نيسان حينها هو الأكثر دفئًا منذ مئة عام.

وقال الخبير الاقتصادي أندرو جودوين في جامعة أوكسفورد:” من الصعب إثبات تأثير الجو الحار على انتعاش الاقتصاد كما أنّ هذا الفرض ليس مقنعًا بالنسبة للعديد من خبراء الاقتصاد”، رغم ذلك تشهد المحال التجارية إقبالًا كبيرًا على البضائع أثناء الطقس الحار.

وسجلت سلسلة متاجر سينسبري الأسبوع زيادة كبيرة في مبيعات المثلجات والتي بلغت 400 في المئة يوم الأربعاء الذي يعتبر أكثر الأيام حرارة خلال الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت نسبة مبيعات البرغر لحفلات الشواء المنزلية بنسبة 62 في المئة عن الأسبوع الذي سبقه.

وتساءلت الخبيرة الاقتصادية يائيل سيلفين عما إذا كان من الممكن استغلال الطقس الحار لإعادة ثقة المستهلكين بالسوق والتي تضررت نتيجة الآزمة الاقتصادية العاصفة بالبلاد.

وقالت سيلفين:” نواجه تذبذبًا كبيرًا في الوضع الاقتصاديّ ونعاني من ارتفاع أسعار الفائدة كما أنّ التضخم بلغ أعلى معدلاته، لكنّ الطقس الدافئ قد يمنح الناس رغبةً بإنفاق المزيد من الأموال، لكنّ بعض الناس لن يُقبلوا على الأسواق بسبب ارتفاع الحرارة وسيفضلون البقاء في منازلهم”.

تأثير الطقس الحار على قلة النوم

أشارت طالبة الدكتوراه الأسترالية ميشيل لإسكوبار كارياس إلى أنّ موجات الحرّ يمكن أن تؤثر على إنتاجية الناس، حيث تراجعت رغبة الناس باتخاذ القرارات نظراً لتأثّر نشاطهم بارتفاع درجات الحرارة.

وأضافت:” أنّ الطقس الحار قد يؤثر على الباحة المخية المسؤولة عن إجراء العمليات الحسابية والرياضية، وقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ الكثير من الناس لقرارات سلبية أو اتباعهم لخيارات السيئة”.

تأثير طويل المدى وانكماش اقتصادي

هل ينكمش الاقتصاد العالمي بسبب الاحتباس الحراري؟
هل ينكمش الاقتصاد العالمي بسبب الاحتباس الحراري؟ (آنسبلاش)

وقالت شركة كليمنت:” إنّ التغير المناخيّ سيجعل طقس لندن مشابهًا لطقس برشلونة في عام 2050، ما سيؤدي إلى تغيير في نمط الحياة، إذ لا بدَّ من اعتماد البلاط في أرضية المنازل بدلاً من استخدام السجاد السميك”.

“وقد نشهد هجرة متزايدة داخل بريطانيا من جنوب البلاد إلى شمالها لأنّ الناس سيرغبون بالعمل والعيش في المناخ الأكثر برودةً شمال البلاد”.

وحذّر الخبير الاقتصاديّ جيروم هيجيلي من أنّ الاقتصاد العالميّ سينكمش بنسبة 18 في المئة لو ارتفعت الحرارة بمقدار 3,2 درجة مئوية بحلول عام 2050، أي أكثر من الحدّ الذي نصّت عليه اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث اتفقت الدول الأعضاء على عدم تجاوز 1.5 درجة مئوية.

وقال الخبير الاقتصاديّ هيجيلي:” إنّ درجات الحرارة المرتفعة ستلحق التلف بالكثير من المحاصيل، كما أنّ ارتفاع درجة الحرارة سيؤدي لارتفاع مستوى مياه البحر ما سيهدد المناطق السياحية الشاطئية”.

وأضاف:” ستحاول بعض الشركات تجنب النتائج السلبية المتوقعة على الناتج المحليّ الإجماليّ في حال ازدادت حرارة الكرة الأرضية، إذ تلجأ بعض الشركات للاعتماد على الطاقة الشمسية”.

 

المصدر : التايمز 

 

 


اقرأ أيضاً : 

مخاوف من الانكماش الاقتصادي في بريطانيا بعد رفع سعر الفائدة

الاتحاد الأوروبي يلغي منحا لعشرات الأكاديميين البريطانيين بعد خلافات سياسية!

بريطانيا تعود بشكل مختلف إلى أزمتها الاقتصادية عام 1970