بي بي سي تتخبط بعد صدور تقرير يفضح تسترها على طائرات التجسس فوق

واجهت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عاصفة من الانتقادات والتساؤلات حول نزاهة تغطيتها الإعلامية، بعد صدور تحقيق صحفي يكشف تجاهل المؤسسة تقارير تتعلق بنشاط طائرات تجسس بريطانية فوق قطاع غزة، ما وضعها في موقف محرج أثار حتى غضب بعض صحفييها.
التحقيق، الذي نُشر هذا الأسبوع بالتعاون بين صحيفة (The National) البريطانية ومنصة (Declassified UK) المتخصصة في الصحافة الاستقصائية، سلّط الضوء على صمت الإعلام البريطاني- وعلى رأسه “بي بي سي”- تجاه تحليق طائرات تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني (RAF) فوق الأراضي الفلسطينية المحاصرة، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
ورغم توفر معلومات علنية تُظهر بوضوح تلك الطلعات على مواقع تتبع الطيران مثل (Radarbox) و(Flightradar)، إلا أن “بي بي سي” والمؤسسات الإعلامية المهيمنة اكتفت بترديد الرواية الحكومية الرسمية، التي تزعم أن الهدف من هذه الطائرات هو “المساعدة في البحث عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس”.
بي بي سي أمام اختبار المهنية
لكنّ مراقبين ومعلقين طرحوا أسئلة صعبة حول احتمال استخدام هذه الرحلات في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، أو حتى التورط في جمع معلومات استخباراتية تُستخدَم ضمن حملة الإبادة الجارية ضد المدنيين الفلسطينيين. وقد أُثيرت مخاوف من أن مسؤولي الدفاع البريطانيين قد يكونون على دراية بهذه الأبعاد، لكنهم اختاروا تجاهلها، تمامًا كما فعلت وسائل الإعلام.
في أعقاب التقرير، أبدى مراسل الشؤون الدفاعية في (BBC)، جوناثان بيل، رد فعل غاضب تجاه كاتب التحقيق ديس فريدمان، وسخر منه في منشور قائلًا: “رجاء أخبرنا يا ديس، كيف يمكننا الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية السرية التي يبدو أنك وحدك تعرفها؟ لماذا تدرّس دراسات الإعلام بدلًا من أن تسبقنا جميعًا بهذه الانفرادات“؟
لكنّ الردود على بيل لم تتأخر، إذ ذكّره أحد المستخدمين بأنّه نفسه كان قد كتب في أكتوبر الماضي أن “رحلات الاستطلاع البريطانية لا بد أنها شهدت الكثير مما لم يُكشف”، متسائلًا: “لماذا لا تمارس الصحافة فعليًّا بدلًا من الاكتفاء بدور الناسخ للبيانات الرسمية“؟
من جانبه، علّق الصحفي جون ماكافوي، كبير المحررين في (Declassified UK)، على تعليقات بيل قائلًا: “من السهل جدًا تتبّع طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني فوق غزة عبر مواقع عامة على الإنترنت. ألم تكن تعلم ذلك يا جوناثان؟ وأنت مراسل الدفاع في (BBC)”!
ويُعَدّ هذا الجدل مؤشرًا جديدًا على أزمة الثقة المتزايدة بين الإعلام البريطاني والجمهور، لا سيما حين يتعلق الأمر بتغطية قضايا الشرق الأوسط. إذ يرى منتقدون أن المؤسسات الكبرى أصبحت أقرب إلى تكرار المواقف الرسمية بدلًا من مساءلتها، خاصةً في القضايا التي تمس حقوق الإنسان والدور البريطاني في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية.
رأي منصة العرب في بريطانيا
وتعليقًا على ما ورد في التحقيق، ترى منصة العرب في بريطانيا أن رد فعل هيئة الإذاعة البريطانية كرّس أزمة الإعلام التقليدي في بريطانيا، والتي تتمثل في انحيازه للرواية الرسمية وتجاهله للأصوات الناقدة والمستقلة، خاصةً حين يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وتؤكد المنصة أن التغطية المتوازنة والمبنية على التحقيق والمساءلة، لا على النسخ والترديد، هي الأساس لضمان إعلام حر ومسؤول. كما تدعو المؤسسات الإعلامية إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والمهنية، لا سيما في ظل الجرائم المستمرة في غزة، حيث لا يجب أن يكون التواطؤ الإعلامي جزءًا من المعاناة الإنسانية.
المصدر: The National Scot
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇