بنك بريطاني يواجه غرامة 44 مليون باوند بعد إخفاقات رقابية خطيرة
فرضت هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) غرامة قدرها 44 مليون باوند على بنك (Nationwide)، على خلفية ما وصفته الهيئة بـ”ضعف” أنظمة وضوابط مكافحة الجرائم المالية لدى المؤسسة، وهي إخفاقات امتدت لنحو خمس سنوات، وانتهت إلى قضية احتيال مرتبطة ببرامج كوفيد كلّفت دافعي الضرائب في بريطانيا نحو 800 ألف باوند.
استخدام حسابات شخصية لأغراض تجارية دون رقابة كافية

أوضحت الهيئة أن (Nationwide) كانت تعلم بأن بعض المشتركين يستخدمون حسابات شخصية في أنشطة تجارية بما يخالف شروطها، لكن المؤسسة، التي لم تكن توفر حسابات أعمال خلال تلك الفترة، لم تملك الإجراءات المناسبة لمراقبة مخاطر الجريمة المالية المرتبطة بهذا السلوك، ما أوجد ثغرات رقابية كبيرة.
وبحسَب هيئة السلوك المالي، أسفرت هذه الثغرات عن حالة بارزة أخفق فيها (Nationwide) في رصد مشترك استخدم حسابات جارية شخصية لاستقبال 24 دفعة احتيالية من مدفوعات برنامج الإجازة المدعومة (furlough) خلال كوفيد، بإجمالي 27.3 مليون باوند على مدار 13 شهرًا.
وأشارت الهيئة إلى أن نحو 26 مليون باوند من تلك الأموال أُودِع في الحساب خلال ثمانية أيام فقط، في مؤشر اعتبرته من “الإشارات الحمراء” التي كان ينبغي التعامل معها سريعًا.
استرداد معظم الأموال… وبقاء 800 ألف باوند خارج التحصيل
تمكنت هيئة الإيرادات والجمارك (HMRC) من استرداد 26.5 مليون باوند من الأموال المرتبطة بالمحتال، إلا أن نحو 800 ألف باوند بقيت غير مستردة، ما يعني -وفق ما ورد في القضي- أن دافعي الضرائب في بريطانيا تحملوا خسارة نهائية؛ بسبب عدم إيقاف النشاط في الوقت المناسب.
وقالت (Therese Chambers)، المديرة التنفيذية المشتركة للإنفاذ والإشراف على الأسواق في هيئة السلوك المالي: إن Nationwide “أخفقت في إحكام السيطرة على مخاطر الجريمة المالية داخل قاعدة مشتركيها”، وإنها تأخرت في معالجة العيوب البنيوية في الأنظمة والضوابط، ما أدى إلى تفويت إشارات تحذيرية “بعواقب خطيرة”.
ونبّهت على أن جمعيات البناء والبنوك تؤدي دورًا محوريًّا في مكافحة الجريمة المالية، وأن اليقظة المستمرة واجب أساسي على المؤسسات المالية.
الفترة الزمنية للإخفاقات وبرنامج التحول

ربطت الهيئة الإخفاقات الأوسع لدى (Nationwide) بالفترة من أكتوبر 2016 إلى يوليو 2021، حين كان الرئيس التنفيذي (Joe Garner). وأضافت أن المؤسسة حاولت إدخال تحسينات، لكنها “لم تعالج نقاط الضعف بما يكفي وفي الوقت المناسب”، قبل أن تُطلق لاحقًا برنامجًا واسع النطاق لتحول مكافحة الجريمة المالية في يوليو 2021.
واستمر هذا التحول حتى صيف 2024، وهي الفترة التي شهدت أيضًا إطلاق صفقة استحواذ بقيمة 2.9 مليار باوند على منافستها (Virgin Money) تحت قيادة خليفة غارنر، الرئيسة التنفيذية الحالية (Debbie Crosbie).
تجميد متأخر: الأموال خرجت قبل تدخل السلطات
وبحسَب الرواية، واصل المشترك التقدم بطلبات احتيالية للحصول على مدفوعات (furlough) أثناء الوباء. وعندما اكتشفت السلطات الضريبية الاحتيال واستصدرت أوامر لتجميد الحساب، كانت أكثر من 800 ألف باوند قد حُولت إلى خارج الحساب ولم تُسترد.
الغرامة تأتي بعد تقرير رسمي عن خسائر كوفيد
جاءت الغرامة بعد أيام من نشر (Tom Hayhoe)، المفوض المستقل لمكافحة احتيال كوفيد، تقريره النهائي الذي خلص إلى أن الاحتيال والأخطاء خلال الوباء تسببت بخسائر قدرها 10.9 مليار باوند على دافعي الضرائب في بريطانيا.
قالت (Nationwide) في بيان إنها “تأسف” لأن ضوابطها خلال الفترة المعنية جاءت دون المعايير التي تتوقعها. وأضاف متحدث باسم المؤسسة أنها اكتشفت هذه المشكلات عبر مراجعاتها الداخلية، وأبلغت الهيئة بها طوعًا، وتعاونت بالكامل مع التحقيق.
وأكدت المؤسسة أنها منذ 2021 استثمرت كثيرًا لتعزيز إطار مكافحة الجريمة الاقتصادية وضمان متانة الأنظمة، مضيفة أنها لا تعتقد أن هذه المشكلات تسببت بخسائر مالية لمشتركيها، وأنها لا تزال ملتزمة بحماية المشتركين والاقتصاد البريطاني من الاحتيال.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن هذه القضية تُعيد تسليط الضوء على مسؤولية المؤسسات المالية في بريطانيا عن حماية المال العام ومنع استغلال الثغرات، ولا سيما في فترات الأزمات التي تشهد توسعًا سريعًا في برامج الدعم. كما أن المساءلة والشفافية ركيزتان لا غنى عنهما لاستعادة الثقة، كما أن الغرامات وحدها لا تكفي ما لم تقترن بإصلاحات قابلة للقياس، وإجراءات رقابية تمنع تكرار ما حدث، مع ضمان ألا يدفع المجتمع ثمن إخفاقات مؤسسية كان يمكن تفاديها عبر أنظمة إنذار مبكر وتحقق أكثر صرامة.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
