بعد أكثر من قرن على وعد بلفور.. بريطانيا تعترف بفلسطين

أعلنت الحكومة البريطانية، الأحد الـ21 من سبتمبر 2025، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين في خطوة وصفتها لندن بأنها تسعى لإحياء المسار السياسي ووقف التدهور الإنساني في غزة والمنطقة. القرار تزامن مع إعلانات مماثلة من كندا وأستراليا، وجاء بعد تحذيرات بريطانية سابقة إلى إسرائيل قالت فيها لندن خلال الأسابيع الماضية إن عليها اتخاذ “خطوات جوهرية” لوقف العدوان على غزة وإعادة المسار نحو حل دائم، وإلا فسيُتّخذ قرار الاعتراف.

لماذا الآن؟

قبل نحو شهرين أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر أن بريطانيا ستعترف بفلسطين خلال جلسات الأمم المتحدة في سبتمبر إذا لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة، ويشمل ذلك وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات ووقف أي ضم لأجزاء من الضفة الغربية. وبعد تقييم لندن لتطور الأوضاع في غزة وعدم تلبية تلك الشروط، اتخذت الحكومة قرار الاعتراف.

ردود الفعل داخل بريطانيا

• الحكومة: ستارمر وصف القرار بأنه محاولة لإبقاء “الأمل السياسي” حيًّا وحماية مستقبل التعايش بين شعبين.
• المعارضة: داخل الأحزاب البريطانية تباين واسع؛ حيث أيّد نواب حزب العمال واليسار القرار، في حين اعتبرته أوساط محافظة “كارثيًّا”.
• في الشارع: شهدت البلاد تظاهرات حاشدة دعمت الاعتراف، لكنها طالبت أيضًا بإجراءات عملية لوقف العدوان على غزة، من بينها وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

وتعقيبًا على قرار الحكومة البريطانية، قالت كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين المعارض: “كارثي. كارثي تمامًا. سنندم جميعًا على اليوم الذي اتُّخِذ فيه هذا القرار. إنه مكافأة لـ’الإرهاب’ دون أي شروط تُذكر لحماس. يترك الأسرى يرزحون في غزة ولا يفعل شيئًا لوقف معاناة الأبرياء العالقين في هذه الحرب”.

 من جهته رحّب رئيس حكومة اسكتلندا جون سويني بالقرار، قائلًا: “إن اعتراف حكومة بريطانيا بفلسطين خطوة مرحب بها، وهي خطوة طال انتظارها. ولكن الكلمات وحدها لن توقف الإبادة الجماعية في غزة. يجب أن يتبع ذلك إجراءات حقيقية تشمل فرض العقوبات، ووقف مبيعات الأسلحة، وحظر البضائع القادمة من المستوطنات، وتعليق الصفقة التجارية بين بريطانيا وإسرائيل”.

 أما النائب المستقل جيرمي كوربن فصرّح قائلًا: “هنيئًا لكل من ناضل بإصرار من أجل الاعتراف بفلسطين. لكن المطلوب الآن أن تعترف بريطانيا بالإبادة الجماعية في غزة، وأن تنهي تواطؤها في الجرائم ضد الإنسانية، وأن تكفّ عن تسليح إسرائيل”.

 وفي منشور له على منصة إكس، قال حزب الخضر البريطاني: “الاعتراف خطوة بالغة الأهمية، لكنها تبقى ناقصة ما لم ترافقها إجراءات ملموسة لوقف الإبادة في غزة، تشمل المقاطعة ووقف مبيعات الأسلحة”.

ردود إسرائيلية غاضبة

ردّت الحكومة الإسرائيلية بغضب شديد، ووصفت القرار بأنه “مكافأة للإرهاب”. إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، قال: “القرار الذي اتخذته بريطانيا وكندا وأستراليا بمثابة مكافأة للقتلة”، في إشارة إلى حركة حماس.

 وكتب متحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الاعتراف “عبثي ومجرد مكافأة للإرهاب”. وفي منشور على منصة إكس، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية: “الاعتراف ليس إلا مكافأة لحماس الجهادية، بتشجيع من جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا. قادة حماس أنفسهم صرّحوا: هذا الاعتراف نتيجة مباشرة لأحداث الـ7 من أكتوبر”.

موقف المنظمات الحقوقية

هذا ورحّبت منظمات حقوقية بالقرار لكنها اعتبرت أنه لا يكفي وحده. قال كريستيان بنديكت، مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية: “لا شك أن الاعتراف مهم، لكنه سيكون بادرة جوفاء إذا لم تسعَ بريطانيا أيضًا إلى إنهاء الإبادة الجماعية الإسرائيلية، والاحتلال غير القانوني، ونظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين”.

 وأضاف: “على بريطانيا أن توقف صادرات الأسلحة، وتسحب الاستثمارات من شركات السلاح التي تواصل تزويد إسرائيل، وتفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في الجرائم الدولية، وتوقف التجارة مع المستوطنات. لن توقف الكلمات وحدها الفظائع. يجب أن يرتبط الاعتراف بمساءلة حقيقية”.

الأبعاد والآثار المحتملة

• رمزية قوية: اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا يضيف زخمًا دبلوماسيًّا لمطالب الفلسطينيين بالسيادة.
• مخاطر سياسية: القرار قد يزيد التوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة، ويؤدي إلى ردود فعل انتقامية.
• أثر محدود ميدانيًّا: الاعتراف بحد ذاته لن يوقف العمليات العسكرية في غزة، لكنه يزيد الضغوط لفرض هدنة طويلة الأمد.