بريطانيا تمنح حصانة لمجرم حرب إسرائيلي في غزة
كشفت مصادر أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أجرى زيارة سرية إلى بريطانيا، حيث منحته الحكومة البريطانية حصانة دبلوماسية خاصة. ويأتي هذا القرار في توقيت لافت، بعد أيام فقط من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
حصانة خاصة تثير الجدل
وفي تفاصيل الزيارة التي تمت يوم الإثنين الـ25 من تشرين الثاني/نوفمبر، سافر هاليفي إلى بريطانيا للقاء قادة عسكريين من دول مختلفة. وجاءت هذه الزيارة في ظل تكهنات بإمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وفي رد على استفسار من النائب كريس لو من الحزب الوطني الاسكتلندي، أكدت حكومة حزب العمال منح هاليفي “حصانة المهمة الخاصة”، وهي صفة تمنح المسؤولين الأجانب حماية من أي إجراءات جنائية أو اعتقال.
وكانت التقارير السابقة قد أشارت إلى احتمال إدراج هاليفي في طلبات الاعتقال المقدمة للمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب نتنياهو وغالانت. ورغم عدم صدور أي مذكرة اعتقال علنية بحق رئيس الأركان حتى الآن، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مخاوف الحكومة الإسرائيلية من إمكانية إصدار مذكرة اعتقال مفاجئة بحقه.
ويتحمل هاليفي مسؤولية هجوم بطائرة مسيرة وسط غزة في نيسان/إبريل، أسفر عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، من بينهم ثلاثة مواطنين بريطانيين. وقد وصف هاليفي الحادث في حينه بأنه “خطأ فادح”.
اجتماعات رفيعة المستوى وتبريرات رسمية
وعن تفاصيل الزيارة، كشف وزير الدفاع اللورد فيرنون كوكر، في رده على سؤال من البارونة ناتالي بينيت في مجلس اللوردات، أن هاليفي التقى رئيس هيئة الدفاع البريطانية في اجتماع حضره أيضًا مدير وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما عقد هاليفي اجتماعًا منفصلًا مع المدعي العام البريطاني، اللورد ريتشارد هيرمر، المسؤول عن الإشراف على إدارة الحكومة القانونية ومكتب مكافحة الاحتيال الخطير وخدمة النيابة العامة.
وفي تعليق حاد على هذه التطورات، وصف النائب كريس لو من الحزب الوطني الاسكتلندي لموقع “ميدل إيست آي” قرار منح الحصانة بأنه “مذهل” و”مدهش”، ولا سيما أنه جاء بعد يومين فقط من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت. وأضاف لو: إن هذا السلوك يشير إلى تجاهل الحكومة البريطانية لتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب المزعومة، مفضلة حماية حلفائها الإسرائيليين من المساءلة.
وأما بشأن الحصانة الخاصة، فقد أوضح اللورد كروكر أن المناقشات مع هاليفي تناولت الاعتراف بحق إسرائيل في الأمن، إلى جانب مطالبة بريطانيا بوقف فوري لإطلاق النار في لبنان وغزة، وضرورة زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والتنبيه إلى أهمية التزام جميع الأطراف بالقانون الإنساني الدولي.
وأكدت الحكومة البريطانية أنها منحت هذا العام “حصانة المهمة الخاصة” لمسؤولين إسرائيليين فقط، وهما: وزير الدولة بيني غانتس الذي زار حكومة المحافظين السابقة في الـ6 من آذار/مارس، وهاليفي. وتشير التقارير إلى أن وزارة الخارجية منحت منذ عام 2013 “حصانة المهمة الخاصة” لأكثر من 50 شخصية عسكرية وسياسية من دول مختلفة.
وفي هذا السياق، نقل موقع “ديكلاسيفايد يوكيه” عن وزير الخارجية السابق، ويليام هيغ، قوله: “لا يمكن أن يكون لدينا وضع يشعر فيه السياسيون الإسرائيليون بأنهم لا يستطيعون زيارة هذا البلد”. تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو نفسه حصل على حصانة مماثلة عند زيارته لبريطانيا في عام 2015، كما مُنح هاليفي الحصانة سابقًا عندما كان رئيسًا للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
انتقادات برلمانية وقانونية
وفي هذا السياق انتقد جوناثان بورسيل، كبير مسؤولي الشؤون العامة في المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، اجتماع المدعي العام البريطاني مع رئيس الجيش الإسرائيلي بعد أيام قليلة من إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت. وأشار إلى أن قانون المحكمة الجنائية الدولية لعام 2001، الذي أقرته حكومة توني بلير، يُلزم بريطانيا بالتحقيق مع مجرمي الحرب المشتبه بهم واعتقالهم ومحاكمتهم، حتى لو لم تكن هناك مذكرة اعتقال صادرة بعد.
من جانبه وصف غاري سبيدنغ، المستشار المستقل لعدة أحزاب بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في البرلمان، منح “حصانة المهمة الخاصة” بأنه أمر “مخجل”، موضحًا أنها غير مقننة في القانون الدولي وتُتَّخَذ وسيلة لحماية المشتبه بهم من المساءلة. وختم بالقول: إن الجهود المفرطة التي تبذلها الحكومات المتعاقبة لجعل إسرائيل والمسؤولين الإسرائيليين استثناءً من سيادة القانون قد أفقدت بريطانيا سلطتها الأخلاقية والقانونية في مثل هذه المسائل.
المصدر: ميدل ايست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇