بريطانيا تستدعي سفيرة إسرائيل وتعلق محادثات التجارة مع الاحتلال

في تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، أعلنت الحكومة البريطانية، يوم الثلاثاء، تعليق مفاوضاتها الجارية مع إسرائيل بشأن اتفاقية التجارة الحرة، وذلك احتجاجًا على الحصار الخانق الذي تفرضه تل أبيب على قطاع غزة منذ أكثر من 11 أسبوعًا، وسط تحذيرات دولية من مجاعة وشيكة تهدد عشرات آلاف الأطفال.
وجاء الإعلان على لسان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي قال أمام مجلس العموم:
“لقد علقنا المفاوضات مع هذه الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة، وسنراجع مجمل أوجه التعاون معها بموجب خارطة الطريق الثنائية حتى عام 2030″، مؤكدًا أن “تصرفات حكومة نتنياهو هي التي أملت علينا هذا القرار”.
استدعاء السفيرة الإسرائيلية واتهام صريح
بالتزامن، استدعت الخارجية البريطانية السفيرة الإسرائيلية لدى لندن، تسيبي حوتوفيلي، حيث سيبلغها وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكنر، بموقف الحكومة البريطانية الرافض للحصار، الذي وصفه بأنه “قاسٍ وغير مبرر”.
وقال فالكنر في بيان:
“سأوضح للسفيرة رفضنا القاطع للتصعيد العسكري غير المتناسب في غزة، وسأؤكد أن الحصار المتواصل على المساعدات الإنسانية منذ أكثر من 11 أسبوعًا يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني”.
“إسرائيل ملزمة، بموجب القانون، بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق، وما يُسمح بدخوله حاليًا لا يكفي إطلاقًا.”
عقوبات تطال المستوطنين وداعميهم
وفي خطوة موازية، فرضت بريطانيا عقوبات جديدة طالت ثلاثة أفراد، وبؤرتين استيطانيتين غير شرعيتين، ومنظمتين متورطتين في التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ودعا فالكنر إسرائيل إلى وقف التوسع الاستيطاني، ووضع حد لاعتداءات المستوطنين، مجددًا التأكيد على أن السبيل الوحيد لتحقيق أمن دائم للإسرائيليين والفلسطينيين هو وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، والانخراط في مسار سياسي حقيقي نحو حل الدولتين.
الأمم المتحدة تُطلق تحذيرًا مرعبًا
جاءت هذه الخطوات بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة منذ أسابيع، غير أن الأمم المتحدة وصفتها بأنها “لا تكفي حتى لقطرة في محيط”.
وقال توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية:
“هناك 14 ألف طفل معرضون للموت خلال الـ48 ساعة المقبلة إن لم نتمكن من الوصول إليهم فورًا.”
“علينا أن نُغرق غزة بالمساعدات. هذا الرقم مرعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.”
وتضمنت الشحنة الأولى دقيقًا للأطفال، وحليبًا وأدوية، إلا أن حجمها يُعد متواضعًا مقارنة بالكارثة الإنسانية المتفاقمة.
موقف بريطاني غير مسبوق
في تحول لافت، أصدرت الحكومة البريطانية، بالتنسيق مع فرنسا وكندا، بيانًا ثلاثيًا مشتركًا أدان فيه كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ما وصفوه بـ”التصرفات الفاضحة” لحكومة نتنياهو في غزة.
وقال البيان:
“نُدين بشدة توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. مستوى المعاناة الإنسانية أصبح لا يُحتمل. والسماح بدخول كميات رمزية من الغذاء لا يرقى لمستوى الحد الأدنى المطلوب”.
“رفض إسرائيل دخول المساعدات يُعد خرقًا محتملًا للقانون الإنساني الدولي، وهو أمر لا يمكن قبوله.”
كما ندد القادة الثلاثة بـ”اللغة المقيتة” التي استخدمها بعض وزراء حكومة الاحتلال، والتي ألمحت إلى تهجير جماعي دائم للفلسطينيين، معتبرين أن الترحيل القسري يُعد جريمة بموجب القانون الدولي.
تهديد بعقوبات أشد
واختتم البيان بتحذير واضح:
“لقد دعمنا دومًا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، لكن هذا التصعيد غير متناسب إطلاقًا.”
“إذا لم توقف إسرائيل عملياتها العسكرية الحالية وترفع الحصار عن غزة، فإننا سنضطر إلى اتخاذ إجراءات ملموسة إضافية في مواجهة هذا السلوك الخطير.”
مشهد دولي متغير
تعكس هذه التطورات تغيرًا جذريًا في الخطاب البريطاني الرسمي تجاه إسرائيل، بعد أشهر من صمت نسبي حيال المجازر والانتهاكات في غزة، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضغط السياسي والدبلوماسي، في وقت تتفاقم فيه الكارثة الإنسانية، ويُحاصَر أكثر من مليونَي فلسطيني خلف الحصار والدمار.
المصدر: إل بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇