العرب في بريطانيا | تقرير: لماذا ترفض بريطانيا إيقاف حرب إسرائيل عل...

1446 ذو الحجة 3 | 31 مايو 2025

تقرير: لماذا ترفض بريطانيا إيقاف حرب إسرائيل على غزة؟

تقرير: لماذا ترفض بريطانيا إيقاف حرب إسرائيل على غزة؟
خلود العيط May 30, 2025

في مقال للأكاديمية المحاضرة في جامعة ساسيكس آنا ستافرياناكيس على موقع “ميدل إيست آي”، تُسلّط الكاتبة الضوء على التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي البريطاني المُندّد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، واستمرار الدعم العسكري واللوجستي البريطاني لتل أبيب، رغم الأدلة المتزايدة على تورط الأسلحة البريطانية في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.

ورغم تصريح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بأن ما تفعله إسرائيل في غزة هو “خطأ أخلاقي ولا يمكن تبريره”، واصفًا سلوكها بأنه “لا يُحتمل” وأنه “إهانة لقيم الشعب البريطاني”، فإن الحكومة البريطانية لم تُقدم على الخطوة الجوهرية لوقف هذا “السلوك غير المقبول”، والمتمثلة في تعليق التعاون العسكري ووقف جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

الدعم البريطاني لإسرائيل: بين الإدانة العلنية والتواطؤ الخفي

ديفيد لامي

وتشير ستافرياناكيس إلى أن تعليق لامي لمفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة مع إسرائيل، وتعهده بمراجعة خارطة التعاون الثنائي لعام 2030، لا يعدو كونه إجراء رمزيًّا في ظل استمرار التعاون الدفاعي. وتفضح الكاتبة تصريحات لامي أمام البرلمان التي زعم فيها أن “الأسلحة لا تصل إلى إسرائيل بطريقة يمكن أن تُستخدم في غزة”، واصفة هذه الادعاءات بأنها غير دقيقة ومضللة.

فوفقًا للكاتبة، لم تُعلّق بريطانيا إلا 10 في المئة فقط من تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل، في حين استمرت مشاركتها في برنامج تصنيع مقاتلات (F-35)، التي تُعَدّ من أكثر الأسلحة فتكًا في العدوان الإسرائيلي على غزة. وتساهم الشركات البريطانية بـ15 في المئة من مكونات هذه الطائرات، ما يجعلها جزءًا أساسيًّا من سلسلة التوريد.

وتوضح الكاتبة أن التعليق البريطاني يقتصر فقط على الأسلحة ذات الاستخدام المباشر في غزة، لكنه لا يشمل مكونات تُستخدَم في التدريب العسكري أو دعم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. كما أن تعليق التراخيص لا يمنع تصدير مكونات تدخل في تصنيع (F-35) في الولايات المتحدة ثم تُرسَل إلى إسرائيل، ولا يشمل المكونات التي تصل عبر شبكة قطع الغيار العالمية التي تديرها وزارة الدفاع الأمريكية وشركات مثل “لوكهيد مارتن” و”برات آند ويتني”.

وتلفت ستافرياناكيس إلى غياب أي نظام لتتبّع هذه الأجزاء، ما يعني -بحسَب الحكومة البريطانية- استحالة التأكد من وصولها إلى إسرائيل، وهو تبرير تعتبره الكاتبة فاقدًا للمصداقية، مشيرة إلى أن “غياب الإرادة السياسية” هو العائق الحقيقي، لا ضعف الإمكانات اللوجستية.

دور مركزي للأسلحة البريطانية في الهجمات على غزة

تسعة أبناء لطبيبة فلسطينية يستشهدون في غارة إسرائيلية على غزة

وتعتمد إسرائيل كثيرًا على مقاتلات (F-35) في تنفيذ عملياتها في غزة، ويشمل ذلك القصف والدعم الجوي وحصار القطاع. وتشير التقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي نفذ أكثر من 15 ألف ساعة طيران وأكثر من 8 آلاف مهمة قتالية منذ الـ7 من أكتوبر 2023، ويشمل ذلك غارة في مارس الماضي أسفرت عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني في يوم واحد.

وتكشف الكاتبة أن بريطانيا أصدرت في عام 2023 تراخيص لتوريد مكونات (F-35) بمعدل يفوق 14 مرة مقارنةً بأي عام سابق. ورغم اعتراف الحكومة بوجود “خطر حقيقي” في استخدام هذه المكونات لارتكاب جرائم حرب، فإنها برّرت استمرار التصدير بـ”أخطار جسيمة ووشيكة على الأمن والسلام الدوليين” في حال عُلِّق البرنامج، وهي مبررات غامضة لم يُفصح عن تفاصيلها بدعوى السرية.

وتعتمد الكاتبة في مقالها على تقرير مشترك صادر عن حركة الشباب الفلسطيني، وعمال من أجل فلسطين الحرة، والتحالف التقدمي الدولي، استند إلى بيانات من هيئة الضرائب الإسرائيلية، ويُشير إلى احتمال استمرار بريطانيا في شحن مكونات (F-35) إلى إسرائيل حتى بعد إعلان التعليق.

وقد طالبت النائبة البريطانية زارا سلطانة، إلى جانب 41 نائبًا آخرين وعدد من المنظمات، وزير الخارجية البريطاني بالرد على هذه المزاعم. إلا أن الحكومة لم تردّ على الخطاب، ما دفع المعارضة لمساءلتها في البرلمان.

تراخيص ضخمة بعد التعليق

ووفقًا لبيانات حكومية حديثة، منحت بريطانيا إسرائيل تراخيص تصدير أسلحة بقيمة 127.6 مليون باوند بين أكتوبر وديسمبر 2024 -أي بعد قرار التعليق- وهو رقم يتجاوز مجموع ما منحته من تراخيص في السنوات 2020 إلى 2023 مجتمعة. وتضمنت الصادرات أنظمة رادار عسكرية، ومكونات تقنية وبرمجيات استهداف، ما دفع لجنة التجارة في البرلمان للمطالبة بإجابات مباشرة من الوزراء.

وتخوض منظمات حقوقية مثل الحق وشبكة العمل القانوني العالمية معركة قضائية ضد الحكومة البريطانية منذ أكثر من عام ونصف، تطعن فيها بقرارات تصدير الأسلحة، ولا سيما استثناء مكونات (F-35) من التعليق. وتقول الحكومة: إن المحاكم لا تملك صلاحية النظر في هذا النوع من القضايا، وهو ما تعتبره الكاتبة تهديدًا لمصداقية منظومة الرقابة على تصدير السلاح في بريطانيا.

وفي المقابل، تُواصل الحكومة البريطانية استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لاستهداف المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وهو ما دفع خبراء في الأمم المتحدة لانتقاد هذه السياسات بوصفها قمعية وغير متناسبة.

وتختم ستافرياناكيس مقالها بالإشارة إلى التناقض الفج بين التصريحات الرسمية والممارسات الواقعية. ففي اليوم نفسه الذي صرّح فيه لامي بموقفه “الغاضب” من إسرائيل، أقلعت طائرة استطلاع بريطانية نحو غزة لتقديم معلومات استخبارية لتل أبيب، وبعد أيام، زار مبعوث التجارة البريطاني، اللورد أوستن، إسرائيل بهدف “جذب استثمارات إلى بريطانيا”.

وتؤكد الكاتبة أن الحكومة البريطانية تلجأ إلى تبريرات متناقضة ومعقدة لتجنب اتخاذ الخطوة الحاسمة: وقف جميع صادرات الأسلحة والتعاون العسكري مع إسرائيل، وهي الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًّا على الأرض، وتُجبر تل أبيب على إعادة النظر في عدوانها على غزة واحتلالها للأراضي الفلسطينية.

المصدر: ميدل إيست آي


اقرأ أيضًا:

 

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
10:35 am, May 31, 2025
temperature icon 21°C
broken clouds
Humidity 67 %
Pressure 1017 mb
Wind 7 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 75%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 4:49 am
Sunset Sunset: 9:06 pm