انتقادات لجامعة كامبردج بعد حظرها الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين

أثار قرار جامعة كامبردج بالحصول على أمر قضائي يمنع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل حرمها حتى الـ26 من يوليو المقبل موجة انتقادات واسعة النطاق من ناشطين ومنظمات حقوقية، معتبرين أنه يشكل “تهديدًا خطيرًا لحرية التعبير”.
ويأتي هذا القرار في وقت تتصاعد فيه الاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، ما دفع العديد من الجامعات البريطانية إلى مواجهة ضغوط متزايدة لقطع علاقاتها بالشركات المتورطة في دعم الاحتلال.
حظر طويل الأمد.. وقاضٍ يرفض التشديد
وفي البداية، سعت جامعة كامبردج للحصول على أمر قضائي مدته خمس سنوات؛ لمنع أي احتجاجات تتعلق بالقضية الفلسطينية داخل حرمها. إلا أن القضاء رفض الطلب، معتبرًا أنه يُمثل “تقييدًا مبالغًا فيه” لحرية التعبير.
لكن في منتصف مارس، عادت الجامعة إلى المحكمة في محاولة جديدة لفرض حظر مدته أربعة أشهر، بذريعة أن الاحتجاجات المتكررة خلال حفلات التخرج السابقة “تشكل خطرًا حقيقيًّا ووشيكًا على سير الفعاليات الأكاديمية”.
وجاء هذا القرار بعد احتجاجات نظمتها مجموعة “كامبردج من أجل فلسطين” العام الماضي، إذ أقام ناشطون اعتصامًا داخل الحرم، ما أجبر الجامعة على نقل حفل التخرج إلى موقع آخر.
لكن منتقدي القرار يرون أنه جزء من محاولات قمع الأصوات المنتقدة لانتهاكات إسرائيل في غزة، حيث استُشهد أكثر من 61,700 فلسطيني في الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر، في ظل تنديد دولي واتهامات بتورط تل أبيب في جرائم إبادة جماعية.
وفي بيان شديد اللهجة، وصفت مجموعة “كامبردج من أجل فلسطين” القرار بأنه “محاولة عنيفة لتجريم حركتها والسيطرة عليها”، متهمة الجامعة بالسعي لإسكات الانتقادات الموجهة لعلاقاتها المالية مع شركات متورطة في جرائم الحرب الإسرائيلية.
وأضاف البيان: “بات لزامًا أكثر من أي وقت مضى مقاومة محاولات قمع الاحتجاجات الداعية إلى تحرير فلسطين. مطالَبة الجامعة بحظر مدته خمس سنوات تؤكد أنها تسعى لتقييد أي نشاط يكشف تواطؤها في الإبادة الجماعية”.
تنديد حقوقي وتحذير من “سابقة خطيرة”
وانتقد ناشطون ومدافعون عن الحريات هذا القرار، محذّرين من اتجاه متزايد لقمع الحركات الطلابية داخل الجامعات البريطانية.
وفي هذا السياق قال بن جمال، مدير حملة التضامن مع فلسطين: “في الوقت الذي صعّدت فيه إسرائيل هجومها الوحشي على غزة، كان الأجدر بجامعة كامبردج دعم طلابها الفلسطينيين وقطع علاقاتها بالشركات المتورطة في جرائم الحرب، لا اللجوء إلى أوامر قضائية لقمعهم”.
وأضاف: “حتى لو أخفقت الجامعة في فرض حظر لخمس سنوات، فإن هذا القرار يبقى تهديدًا خطيرًا لحقوقنا الأساسية في حرية التعبير والاحتجاج. يجب على الجامعة أن تستمع إلى طلابها وموظفيها بدلًا من محاولة إسكاتهم عبر القضاء”.
من جهته اعتبر المركز الأوروبي للدعم القانوني (ELSC) أن القرار يُمثل “انتهاكًا غير مبرر لحقوق المحتجين”، مشيرًا إلى أن الجامعة “تستهدف النشاط المؤيد لفلسطين على وجه الخصوص، إذ لم تُفرض قيود مماثلة على احتجاجات أخرى، مثل تلك الداعمة لأوكرانيا”.
أما روث إيرليش، من منظمة (Liberty) المعنية بالحريات المدنية، فحذّرت من أن القرار “قد يُشكل سابقة خطيرة لتقييد حق الطلاب في المشاركة بالحركات الاجتماعية”.
جامعة كامبردج تدافع عن قرارها
في المقابل، نفت الجامعة أن يكون هدفها قمع الاحتجاجات القانونية، مؤكدة أن الهدف من الأمر القضائي هو “ضمان سير حفلات التخرج دون تعطيل، وحماية المباني التي تحتوي على معلومات حساسة”.
وفي بيان لموقع (The New Arab)، قالت الجامعة: “نرحّب بقرار المحكمة العليا اليوم. لم يكن هدفنا قطّ منع الاحتجاجات القانونية، بل حماية حق الطلاب في التخرج ومنع تعطيل الفعاليات الأكاديمية”.
وأضاف البيان: “يوفّر هذا القرار حماية لجزء صغير جدًّا من الحرم الجامعي، لمنع أي احتلال قد يعرقل حفلات التخرج، كما أنه يضمن حق موظفينا في أداء عملهم دون عوائق”.
ويثير قرار جامعة كامبردج مخاوف متزايدة بشأن استخدام الجامعات البريطانية للأوامر القضائية لمنع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي؛ بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
ورغم تأكيد الجامعة أن الاحتجاجات مسموح بها خارج المناطق المشمولة بالأمر القضائي، فإن ناشطين حقوقيين يرون في هذه الإجراءات “محاولة متعمّدة لتضييق الخناق على الأصوات المعارضة”، في ظل تساؤلات عن مستقبل حرية التعبير داخل المؤسسات الأكاديمية البريطانية.
المصدر: The New Arab
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇