اليوم العالمي للصحة النفسية.. بين جبر النفوس وكسرها
نقول لكل من آذى الناس بكلماته بذريعة الصراحة: إنك خسرت وجودك في نفس المقابِل، وفي كل يوم ستخسر المزيد لتبقى في نهاية المطاف وحيدًا!
ونقول بعد عام كامل من حرب غزّة لكل من دمّر نفسيات الأطفال والأمهات والشباب وحياتهم وهو غاصبٌ محتل: إن الحال لن يدوم لك، وعليك ستدور الدوائر، ووعد الله نافذٌ لا محالة.
ولن ننسى مَن جَبر كسر القلوب أن الله سيَجبر كسره جبرًا يتعجب منه أهل السموات والأرض ولو بعد حين، فمن جَبَرَ جُبِرَ.
وتستحضرني وصية الحبيب جابر النفوس والعقول والقلوب محمد صلى الله عليهِ وآله وسلَّم حينما وصّى بالابتسامة واحتسبها صدقة كما في الحديث: (تبسّمك في وجه أخيك صدقة). ولَعَمري كم من صدقاتٍ نحن بحاجة لها قد أضعناها بذريعة الظروف!
ولنعلم في هذا اليوم العالمي العاشر من أكتوبر، أن دين الإسلام هو خير من أرسى دعائم الحفاظ على النفس والعقل والمال والعِرض والدين، وسمّاها الضرورات الخمس، وجعل محور حياة البشرية يدور في رحاها.
وحينما فُقدت أو توارى بعضها خسرت مجتماعاتنا الكثير!
نحن بأمسّ الحاجة للتوعية بضرورة التوازن النفسي في علاقاتنا، وتفهّم الضوابط التي تحيط علاقة أي فردين أو جماعة أو بشرية.
بل بحاجة لنفهم ضرورة التصالح مع النفس وترك جلْدِ الذات، وأن يحقق الإنسان التفاهم مع نفسه، ويفهم احتياجاته ويبلور حياته الصحيحة بناءً عليها قبل أن يطلب من المقابِل أن يفهمه!
فمن خلال قضايا الاستشارات الاجتماعية والأسرية نجد في كثير من الحالات رجالًا ونساءً فقدًا للبوصلة وعدم وعي لما يريده الشخص أصلًا من حياته ونفسه، وإذا به يَضيع ويُضيع مَن حوله معه كذلك.
إيصال صوتك وشعورك وما يدور في نفسك هو فنٌ بحد ذاته، وما يقع من المشكلات الكثيرة هو بين منطوقٍ لم يُقصد ومقصودٍ لم يُنطَق!
ونستند إلى أن المقابِل لو كان محبًّا لفهم ما نريد ولتدارك ما ارتكب!
لكن ربما جلسة مصارحة هادئة في لحظة صفاء قد تحل كثيرًا من أزماتنا النفسية التي نمرّ بها مع أيٍّ كان!
ولا ننسى شعور الطمأنينة الذي بات العالم بأَمسِّ الحاجة إليه في عالمٍ يعج بالحرب والقصف والدمار والخذلان، وفوق ذلك الكوارث الطبيعية التي تترك آثارًا كبيرة على من وقعت أو ستقع بهم.
ورب العالمين لم يُهمل ذلك الجانب وهو خالق النفس البشرية وبارئها، حيث أرشدنا إلى كل ما من شأنه إصلاح النفس والذات والعقل حتى يستمر بِقدرٍ كبير من الإيمان والتوازن.
فوصف لنا بقوله تعالى الدواء: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: الآية 28].
ووصف لنا تهدئة الغضب بالوضوء والصلاة فقال: (أَرِحنا بها يا بِلال)، مشيرًا للمؤذن أن يعلو بالأذان وإقامة الصلاة حتى تطيب النفوس وترتاح.
وكذلك الحجامة والعسل والطب النبوي البديل عمّا هو مصنَّع.
وسنجد حتمًا أن كل من ابتعد عن تلك الأدوية والوسائل سيتخبّط في حال نفسيّة صعبة، لا خلاص منها إلا بالرجوع لطريق الله الخالد؛ فقد وصف ذلك سبحانه: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه: الآية 124].
ولاشك أننا نبقى دومًا بنفسية جيدة بوجود أحبابنا وسندنا بعد الله تعالى في هذه الحياة.
فبِهِم تقصر المسافات الطِوال، وبضحكاتهم تُذَلَّل الصعاب، وبسندهم يُجبَر ما انكسر حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇