اليمين أم اليسار في بريطانيا: من الأقرب للعرب والمسلمين؟
المشهد السياسي في بريطانيا يشهد إعادة تشكيل واسعة، مع صعود اليمين الشعبوي المتشدد، وظهور يسار جديد يقوده جيرمي كوربين عبر حزبه الوليد يور بارتي (الذي قد يتغير اسمه في مؤتمره التأسيسي المقرر في نوفمبر 2025).
وبين هذين التيارين، يظل حزب العمال في الحكم بخطاب وسطي حذر، فيما يحاول المحافظون استعادة مكانتهم بخطط أكثر تشددًا في ملف الهجرة والهوية. هذا الواقع يفرض سؤالًا مهمًا: أي الطرفين أقرب إلى مصالح العرب والمسلمين؟
أولًا: تعريف اليمين واليسار في بريطانيا اليوم
- اليسار (العمال، يور بارتي، الخضر، الحزب الوطني الاسكتلندي):
يتبنى خطاب العدالة الاجتماعية ويدافع عن الحقوق المدنية، مع حضور قوي لموضوع البيئة والمساواة، وإن كان العمال أقل جرأة من الأحزاب اليسارية الأصغر.
- اليمين (المحافظون، ريفورم، المجموعات المتطرفة بقيادة تومي روبنسون):
يركز على الأمن والهوية والهجرة، ويطرح سياسات متشددة تجاه الإقامة والجنسية، مع تصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين.
ثانيًا: القضايا الأساسية للعرب والمسلمين
- فلسطين: القضية المركزية
اليسار:
- يور بارتي رفع شعار وقف بيع السلاح لإسرائيل، ويعتبر القضية الفلسطينية معيارًا للعدالة الدولية.
- العمال رغم توليه الحكم يقيّد النقاش الداخلي حول غزة ويتجنب المواجهة مع المؤسسات التقليدية.
- الخضر والحزب الوطني الاسكتلندي أكثر صراحة في دعم الحق الفلسطيني.
اليمين:
- المحافظون وريفورم يتعاملون مع فلسطين كملف خارجي ثانوي أو كتهديد للأمن الداخلي.
- تومي روبنسون يحرض ضد المتضامنين مع فلسطين ويصفهم بالتطرف.
السبب: فلسطين تعكس حرية التعبير والقدرة على الدفاع عن العدالة من داخل بريطانيا، وتمس بشكل مباشر حضور العرب والمسلمين في المجال العام.
2. التوسع في تعليم الجنس في المدارس
اليسار:
- العمال يساند المناهج الحالية دون مراجعة شاملة.
- يور بارتي يتبنى فكرة فتح نقاش مجتمعي موسع يوازن بين احترام القيم الأسرية وحقوق الأطفال.
اليمين:
- المحافظون وريفورم يوظفون القلق الشعبي من المناهج لإضعاف التعددية الثقافية.
- تومي روبنسون يهاجم الأسر المسلمة تحديدًا ويصف رفضها للمناهج بأنه تهديد “للقيم البريطانية”.
السبب: الملف يمس الأسر العربية والإسلامية مباشرة ويطرح تحديًا جوهريًا حول مدى احترام الدولة للقيم الدينية والثقافية.
3. الهجرة والإقامة والجنسية
اليمين:
- المحافظون يقترحون رفع مدة الإقامة المطلوبة للجنسية وتشديد لمّ الشمل.
- ريفورم يذهب أبعد، باقتراح صلاحيات لسحب الإقامة الدائمة.
اليسار:
- العمال أقل حدة لكنه لا يقدم توسعًا في الحقوق.
- يور بارتي يتبنى نهجًا أكثر انفتاحًا، يركز على العدالة الاجتماعية والكرامة للمهاجرين.
السبب: العرب والمسلمون أكثر تأثرًا بهذه التشريعات بحكم أوضاعهم المرتبطة بالهجرة والاستقرار الأسري.
4. الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية
اليمين:
- تومي روبنسون يمثل أبرز الأصوات المحرضة، بخطاب مباشر ضد المسلمين رافقته زيادة غير مسبوقة في جرائم الكراهية.
اليسار:
- يدفع نحو سياسات أوسع لمكافحة الإسلاموفوبيا، رغم تباينات داخلية في حزب العمال حول الصياغات.
السبب: حماية المسلمين من الكراهية شرط أساسي للاندماج والمشاركة السياسية الطبيعية.
ثالثًا: هل ما زال هناك فرق بين اليمين واليسار؟
- في الاقتصاد: الفوارق تقلصت؛ كلاهما يتبنى سياسات مالية مقيدة.
- في الهجرة والثقافة: الفارق لا يزال كبيرًا؛ اليمين يتشدد بشدة، واليسار أكثر اعتدالًا.
- في فلسطين: اليسار – خصوصًا يور بارتي والخضر – أكثر صراحة، بينما يتمسك اليمين بموقف تقليدي مؤيد لإسرائيل.
رابعًا: أيهما أقرب إلى مصالح العرب والمسلمين؟
- الأقرب: اليسار الجديد (يور بارتي، الخضر، الحزب الوطني الاسكتلندي) لجرأته في طرح ملفات فلسطين والحقوق المدنية.
- الوسط: حزب العمال، خيار واقعي لكنه يحتاج ضغطًا مجتمعيًا ونقابيًا لدفعه نحو مواقف أوضح.
- الأبعد والأخطر: المحافظون، ريفورم، وتيار تومي روبنسون بسبب سياساتهم المتشددة وخطابهم التحريضي.
تتجاوز مصالح العرب والمسلمين في بريطانيا قضية الهجرة إلى ملفات أكثر عمقًا:
- فلسطين كرمز للعدالة وحرية التعبير.
- التوسع في تعليم الجنس كاختبار لاحترام القيم الأسرية.
- مكافحة خطاب الكراهية كشرط للعيش بأمن وكرامة.
في هذا السياق، يبدو أن اليسار – وبالأخص حزب كوربين الجديد (يور بارتي الذي قد يغيّر اسمه في نوفمبر 2025) – يوفر أرضية أقرب لهذه المصالح، بينما يمثل اليمين الشعبوي والمتطرف تهديدًا متزايدًا على الحقوق والحريات.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
11°C
