كيف تسبب البريكست بتغير أوضاع المهاجرين في بريطانيا؟
غيّر البريكست أوضاع المهاجرين في بريطانيا، وسُنَّت قوانين وأنظمة جديدة خاصة بالهجرة؛ “لاستعادة السيطرة” على حدود الدولة. وما لم تتضح معالمه بعد هو الدور الذي تمارسه حوكمة الهجرة في صنع “بريطانيا العالمية” الجديدة.
ومنذ استفتاء عام 2016 بشأن البقاء في الاتحاد الأوروبي أو مغادرته، حاولت حكومات المحافظين المتعاقبة تحويل تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى سياسة، بالتحكم في عدد الأشخاص الذين يدخلون المملكة المتحدة من أوروبا. وقد أوضحت رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي في خطاب ألقته في عام 2017، أن هذا الهدف وغيره من أهداف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب أن يُنظر إليها في سياق التطلعات إلى تجديد النداء العالمي والتواصل من أجل البلاد.
أوضاع المهاجرين في بريطانيا بعد البريكست
ومع ذلك فقد كان هناك ما هو أكثر من التعهد للسيطرة على قضية الهجرة بخفض الأعداد. فمنذ الاستفتاء انخفضت الهجرة إلى المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بالفعل. ولم يقتصر الأمر على قلة عدد الأشخاص القادمين من الاتحاد الأوروبي، بل عاد مزيد من المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي إلى الجانب الآخر من القنال الإنجليزي. (oldmcmickys.com)
وفي الوقت نفسه زادت الهجرة من أماكن أخرى في العالم بما يتماشى مع طموحات بريطانيا العالمية و”المنفتحة على العالم”، ودعا بعض مسؤولي الحكومة البريطانية إلى مزيد من تخفيف القيود على الهجرة؛ من أجل تلبية الاحتياجات الناشئة في سوق العمل.
وشهدت بريطانيا زيادة في أعداد اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة، ومن ثَمّ فإن السرد المعقول لـ”استعادة السيطرة” له جانب آخر! ومن المفارقات أنه بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، اضطرت المملكة المتحدة وجيرانها إلى إعادة التفاوض بشأن التعاون الدولي، الذي كان في السابق يحد بشكل كبير من أعداد اللاجئين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة عبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت.
التقسيم الطبقي للحقوق!
منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم تقتصر السيطرة على الهجرة على الحد من أعداد الوافدين إلى المملكة المتحدة فحسب، بل كانت تستهدف تقييد حقوقهم إذا نجحوا في دخول البلاد وتمييز هذه الحقوق عن حقوق المواطنين البريطانيين!
وبتنا نرى انخفاض حقوق المهاجرين بعدة أشكال، منها: تقييد الوصول إلى الأموال العامة ومشكلة التوظيف والإسكان، والاستحقاقات الاجتماعية وتدني مستوى الرعاية الاجتماعية.
ومن الخطط الأخرى التي طُرِحَت منذ بداية عام 2021، ظهر أمامنا نظام الحصص والشروط الصارمة لإعادة توطين الأفغان والأوكرانيين، ولم تكن الأموال المخصصة لدعم سكان هونغ كونغ عند وصولهم إلى المملكة المتحدة مطابقة لهؤلاء الناس.
ويبدو أن هذا الخليط من الأحكام الجديدة وحقوق المهاجرين يتعارض مع توسيع نظام الهجرة القائم على النقاط، الذي كان مفترضًا أن يبسط نهج المملكة المتحدة في الهجرة، ويوفر بديلًا متماسكًا وقائمًا على الجدارة لحرية الحركة في الاتحاد الأوروبي.
زاوية السياسة الخارجية
بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبحت التوترات بين الأجندات الحكومية المختلفة أكثر وضوحًا في خطط الهجرة التي وُضِعت. ومن الأمثلة على ذلك: التطبيق البطيء والعقبات البيروقراطية المطولة لبرنامج إعادة توطين اللاجئين الأوكرانيين. وبينما بدت وزارة الداخلية قلقة من أن الترحيب بهؤلاء اللاجئين من شأنه أن يقوض “خطتها الجديدة للهجرة”، بذل آخرون في الحكومة قصارى جهودهم؛ من أجل اتباع نهج أكثر سرعة وكرمًا، وكانت أفعالهم مدفوعة بالدبلوماسية والرغبة في جعل المملكة المتحدة تبدو رائدة على مستوى العالم في القضايا الإنسانية.
وبالمقابل كانت خطة رواندا نتاج تقارب في أولويات الإدارات الحكومية المختلفة. فقد كانت تتماشى الاتفاقات الخاصة بترحيل المهاجرين الذين يدخلون المملكة المتحدة بطرق غير شرعية إلى رواندا مع أولويات وزارة الداخلية، ولكنها ضُمِّنت في اتفاقية تجارة ومساعدات أوسع بقيادة (FCDO).
وفي الوقت نفسه قد تقوِّض التحفظات التي أعربت عنها وزيرة الداخلية سوالا برافرمان بشأن الهجرة الهندية إلى المملكة المتحدة، شراكة الهجرة والتنقل المتفق عليها ضمن صفقة التجارة بين المملكة المتحدة والهند.
ومن ثَمّ فقد غيّر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حوكمة الهجرة بطرق أبعد من مجرد السعي لتقليل الأعداد. انظر -مثلًا- إلى تنامي التوترات بين الصين والمملكة المتحدة وحلفائها وما نتج عن ذلك من تطوير تأشيرة هونغ كونغ BN (O)، أو ابتداع طرق جديدة بخصوص ملف الهجرة، كنقل اللاجئين إلى دولة ثالثة مثل عضو الكومنولث رواندا المستفيدة من المساعدات البريطانية.
وفي النهاية وبعد استعراض هذه المعلومات يتضح لنا أنه لكي نفهم المشهد الجديد لإدارة الهجرة وحقوق المهاجرين الطبقية التي تتضمنها، يجب علينا دراسة الطموحات الاستراتيجية ومخاطر “بريطانيا العالمية”.
اقرأ أيضا
فيسبوك يظهر أن أعداد المهاجرين في بريطانيا تتجاوز الأرقام المعلنة
بالأرقام.. تعداد المهاجرين والمغتربين في بريطانيا لعام 2022
ترند بريطانيا : مظاهرات المهاجرين الألبان في لندن بين مؤيد ومعارض
الرابط المختصر هنا ⬇