تغير المناخ والتضخم يهددان الأمن الغذائي في بريطانيا
أظهرت بيانات حكومية حديثة أن ارتفاع معدلات التضخم وأزمة تغير المناخ يؤديان إلى تدهور الأمن الغذائي في المملكة المتحدة، مع تعرض الفئات الفقيرة والشباب وذوي الإعاقة لأعلى درجات التأثير السلبي.
تراجع الأمن الغذائي
وفي هذا السياق كشفت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية (Defra) أن نسبة الأسر التي تُعَد “آمنة من الناحية الغذائية” انخفضت من 87 في المئة في عام 2019-2020 إلى 83 في المئة في 2022-2023. وكذلك تراجعت نسبة الأسر المصنفة “آمنة من الناحية الغذائية” بصفة عامة من 92 في المئة إلى 90 في المئة خلال الفترة نفسها.
وتشير هذه الأرقام إلى أن العديد من الأسر تواجه صعوبة في توفير وجبات متوازنة، وتعاني من قلق دائم بشأن نفاد الطعام، وتجد نفسها مضطرة إلى تقليل عدد الوجبات أو تخطيها بالكامل خلال الشهر الماضي.
احتجاجات المزارعين وتداعيات السياسات الزراعية
يُذكَر أن نحو 80 مزارعًا في وستمنستر احتجوا يوم الأربعاء، معربين عن اعتراضهم على تغييرات ضريبة الميراث وتقليص الدعم الزراعي، ما يهدد استمرار مزارعهم ويزيد من مخاطر الأمن الغذائي.
واتهم المزارعون الحكومة بالتقاعس عن حل الأزمة بجدية، حيث قال توم برادشو، رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين في إنجلترا وويلز: “نحن ننتج الغذاء بهوامش ربح ضئيلة للغاية لدعم المجتمع بأسره، ومع ذلك فإن السياسات الحالية تعرض الأمن الغذائي للخطر”.
من جانبه أكد تيم فارون، المتحدث باسم البيئة في حزب الديمقراطيين الأحرار، أن “إخفاق السياسات الزراعية الحالية في دعم الإنتاج الغذائي أمر غير معقول وغير حكيم”، داعيًا إلى إعطاء الأولوية للمزارعين بوصفهم منتجين أساسيين للغذاء وحماة للريف البريطاني.
وتشير البيانات إلى أن الشمال الغربي من إنجلترا يعاني من أدنى معدلات الأمن الغذائي بنسبة 87 في المئة، يليه الشمال الشرقي ويوركشاير وهامبر والغرب الأوسط بنسبة 88 في المئة. وفي المقابل، سجلت المناطق الشرقية والجنوب الشرقي والجنوب الغربي أعلى مستويات الأمن الغذائي بنسبة 92 في المئة.
وعلى مستوى المملكة المتحدة، كانت اسكتلندا الأقل أمانًا من الناحية الغذائية بنسبة 89 في المئة، في حين سجلت أيرلندا الشمالية أعلى النسب عند 91 في المئة.
تأثير تغير المناخ والبريكست
وأشار تقرير (Defra) إلى أن تغير المناخ يهدد إنتاج الغذاء في المملكة المتحدة، حيث تعتمد البلاد على استيراد 40 في المئة من احتياجاتها الغذائية من مناطق تواجه مخاطر متزايدة مثل الجفاف والفيضانات.
وأضاف التقرير: إن التضخم العالمي، الناتج جزئيًّا عن الحروب والأزمات الجيوسياسية، رفع تكاليف الزراعة، ويشمل ذلك أسعار الطاقة والأسمدة. وفي الوقت نفسه، أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى نقص العمالة في القطاع الزراعي، ما زاد من تفاقم الأوضاع.
وكانت الأسر التي يرأسها شباب تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا الأكثر تضررًا، حيث كانت نسبة الأمن الغذائي في هذه الفئة 79 في المئة فقط. أما الأسر التي يرأسها أشخاص تتراوح أعمارهم بين 25 و44 عامًا، فسجلت نسبة أمن غذائي بلغت 87 في المئة. وعلى النقيض، سجلت الأسر التي يرأسها أشخاص فوق سن الـ75 مستويات أمان غذائي بلغت 98 في المئة.
كما أظهر التقرير أن الأسر ذات الدخل المنخفض تستهلك أقل من الكمية الموصى بها من الفواكه والخضراوات بنسبة 42 في المئة مقارنة بالمتوسط، في حين كانت النسبة بين الأسر الثرية أقل من الموصى به بنسبة 13 في المئة.
عقبات الأمن الغذائي في المستقبل
وخلص التقرير إلى أن العقبات التي تواجه الأمن الغذائي في المملكة المتحدة تتزايد بسبب عوامل متعددة، من بينها تغير المناخ، وتداعيات البريكست، وارتفاع أسعار الغذاء، ما يضع البلاد في مواجهة مع أزمة غذائية محتملة ما لم تُتخذ إجراءات جذرية لدعم المزارعين وضمان استقرار الإمدادات الغذائية.
وأكد التقرير أن التضخم الغذائي في المملكة المتحدة وصل إلى أعلى مستوياته خلال 45 عامًا، متجاوزًا نظيره في اقتصادات مجموعة السبع عام 2023، ما يبرز الحاجة الملحة لإعادة النظر في سياسات الأمن الغذائي.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇