الكشف عن شريحة تزرع بأدمغة المصابين بالشلل ليتحكموا بالأجهزة الذكية دون مساعدة أحد
يعمل الخبراء في مختبرات بروكلين على تطوير شريحة تُزرَع في أدمغة المصابين بالشلل؛ ليتحكموا بالأجهزة الذكية دون مساعدة أحد.
وتُزرَع الشريحة عبر الأوعية الدموية في أدمغة المصابين بالشلل أو الذين يعانون من حالة مرضية تحد من حركتهم، ما يُمكِّنهم من استخدام الأجهزة المنزلية الذكية وتشغيلها بإعطائها الأوامر عبر عقولهم، وقد طُبِّقت هذه التقنية الحديثة على ثلاثة مرضى في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا.
أمل جديد للمصابين بالشلل
وفي هذا السياق قال توم أوكسلي المدير التنفيذي لشركة (Synchron): “لقد شعر بعض المرضى بالسعادة والاستقلالية عندما تمكَّنوا من استعادة القدرة على استخدام كثير من الأشياء دون مساعدة أحد، حيث تساعدهم هذه الشريحة على فعل أمور تُعَد سهلة عند بقية الناس”.
يُذكَر أن شركة (Synchron) أُسِّست عام 2012، وهي إحدى أبرز الشركات في عالم تكنولوجيا التفاعل بين الدماغ والحاسوب أو ما يُعرَف بنظام (BCI)، وهو نظام فك رموز إشارات الدماغ وترجمتها إلى أوامر ترسل إلى أجهزة خارجية، ولعل إحدى أبرز الشركات في عالم تكنولوجيا الدماغ هي شركة (Neuralink)، التي أسسها إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركتي (Tesla) وتويتر.
ويبدو أن ماسك ليس الملياردير الوحيد الذي يراهن على انتقال تكنولوجيا (BCI) من عالم التجارب العلمية إلى التطبيق الطبي؛ فقد سبق أن أعلنت شركة (Synchron) تخصيص مبلغ 75 مليون دولار للاستثمار في هذا المجال، ومن الشركات المساهمة في تمويل هذه الأبحاث شركة (Microsoft) التي ساهم في تأسيسها بيل جيتس، و كذلك جيف بيزوس Jeff Bezos مالك شركة أمازون.
وفي آب/أغسطس من عام 2020، منحت هيئة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (the Food and Drug Administration) شركة (Synchron) ترخيصًا لاستخدام الأجهزة والتقنيات الطبية، التي من شأنها أن توفر العلاج للمرضى المهددين بالموت أو الحالات المرضية الصعبة، ومن ثَمّ أصبحت شركة (Synchron) أول شركة في العالم تحصل على ترخيص من هيئة إدارة الأغذية والأدوية (the Food and Drug Administration) لإجراء تجارب على تقنية تكنولوجيا الدماغ (BCI) بغرض زراعة هذه الشرائح بصفة دائمة في أدمغة المرضى.
وتجري شركة (Synchron) بعض التجارب الأولية؛ للتأكد من فاعلية هذه الشرائح، وإمكان استخدامها بشكل آمن عبر زرعها في أدمغة البشر. وتضمنت التجارب زرع الشريحة في أدمغة ستة مرضى، وقال المسؤول عن القسم التجاري في شركة (Synchron): إن الشركة قطعت شوطًا مهمًّا في هذه التجارب.
ولم تجنِ الشركة إيراداتٍ أو أرباحًا بعد، وقال المتحدث باسم شركة (Synchron): إن الشركة لم تصرح بعد بتكلفة التجارب التي أجرتها.
وقالت شركة (Synchron): إن العديد من الشركات المنافسة تعمل على زراعة شريحة (BCI) في أدمغة المرضى بإجراء عمليات في الدماغ، لكن الشركة أكدت أنها تتبع طريقة أخرى لزراعة الشريحة بالاعتماد على تقنيات الوصول إلى الأوعية الدموية في الدماغ، وتمتلك الشركة خبرة تمتد لعقود في تطوير مثل هذه التقنيات الطبية.
تقنيات حديثة لزراعة الشريحة
وتعتمد شركة (Synchron) على الأوعية الدموية في زراعة الشريحة، وذلك عبر شبكة صغيرة مزودة بأجهزة استشعار دقيقة تُوصل بالوريد الموجود بجوار قشرة المخ، كما تُوصل هذه الشبكة بجهاز هوائي يُوضَع تحت الجلد ضمن منطقة الصدر، ويجمع هذا الجهاز البيانات التي تأتي من الدماغ ويرسلها من الجسم على شكل أوامر إلى الأجهزة الخارجية.
وبهذا الشأن قال بيتر يو كبير خبراء علم الأعصاب في شركة (Synchron): “إن عدم إدخال الجهاز مباشرة في أنسجة الدماغ يُصعِّب عملية وصول الإشارات”، لكن بيتر يو أكد أنه يجب تجنب ملامسة الدماغ للأجسام الغريبة، وأن الاعتماد على جهاز غير مزروع في أنسجة الدماغ يُسهِّل عملية زراعة الشريحة.
وأضاف يو: “عندنا نحو 2000 خبير طبي يمكنهم إجراء عملية زراعة الشريحة عبر الأوعية الدموية، أضف إلى ذلك أن زراعة الشريحة بهذه الطريقة أفضل من إجراء عمليات فتح الدماغ، التي لا يمكن أن يجريها إلا جرَّاحو الأعصاب”.
وبالنسبة إلى المرضى الذي يعانون من الشلل أو الأمراض الانتكاسية مثل التصلب الجانبي الضموري، يمكن أن تساعد شريحة (Synchron) المرضى على استعادة قدرتهم على التواصل مع الأصدقاء والعائلة والعالم الخارجي، سواء عن طريق الكتابة أو إرسال الرسائل النصية أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تساعد الشريحة المرضى على التسوق الإلكتروني وإدارة أموالهم، لكن أكثر ما يثير حماسهم هو إمكانية إرسال الرسائل النصية مجددًا، حيث إن عدم قدرة المريض على إرسال الرسائل النصية تساهم في زيادة شعوره بالعزلة، إضافة إلى أن استعادة القدرة على ذلك سيمكِّن المرضى من التعبير عن مشاعرهم بشكل أفضل.
إيلون ماسك يظهر اهتمامه بالاستثمار في شركة (Synchron)
وقد حظيت شركة (Synchron) باهتمام منافسيها، وحاول إيلون ماسك التفاوض مع الشركة على أي استثمار محتمل خلال العام الماضي بحسَب ما ورد عن وكالة رويترز، لكن الشركة رفضت التعليق على الأمر، كما رفضت شركة (Neuralink) التابعة لإيلون ماسك التعليق على الأمر أيضًا.
يُذكَر أن شركة (Neuralink) تعمل على تطوير شريحة (BCI) التي تُزرَع مباشرة في أنسجة الدماغ، ولم تختبر الشركة شريحتها على البشر حتى الآن. وقال ماسك: إنه يأمل أن تبدأ شركته تجربة الشريحة في العام الجاري.
وقال مدير شركة (Synchron): إن تمويل شركته سيساعد في تطوير الأبحاث والانتقال إلى مرحلة التجارب السريرية، ما يعني أن الشركة قد تبدأ بعد ذلك بتسويق منتجاتها الطبية الجديدة.
وقال أحد مسؤولي الشركة: على الرغم من أن الشريحة التي اخترعتها شركة (Synchron) تبدو أقرب إلى الخيال العلمي، فإنها ترتكز على حقائق علمية، وقد تحدث فرقًا كبيرًا في حياة المرضى.
جدير بالذكر أن مجلة (JAMA Neurology) الطبية قد نشرت مقالًا عن مدى سلامة استخدام هذه الشريحة على المدى الطويل، ووجدت الدراسة أن الشريحة التي اخترعتها شركة (Synchron) عملت بالجودة نفسها طوال عام كامل، ولم تؤثر على سلامة المرضى.
اقرأ أيضاً :
مستشفى في بريستول يعتبر الأول في العالم بزراعة جهاز في دماغ مريض لتأخير أعراض باركنسون
علماء بريطانيون يستعدون لزراعة أعضاء بشرية طبعت بتقنية ثلاثية الأبعاد
جهاز جديد ينذر بتدهور الوضع الصحي لمرضى قصور القلب في بريطانيا
الرابط المختصر هنا ⬇