المحافظون والعمال في بريطانيا يجتمعون بقمة استثنائية لمواجهة إخفاقات بريكست
عقد حزبا المحافظين والعمال في بريطانيا قمة سرية و استثنائية لمواجهة إخفاقات بريكست وإيجاد أفضل الطرق لمعالجة هذه الإخفاقات بما يصب في مصلحة البلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية.
وانضم للاجتماع الذي أقيم في منتجع ديتشلي بارك في أوكسفوردشاير، كبار السياسيين من حزب العمال والمحافظين سواء كانوا من مؤيدي بريكست أو معارضيه، ولعل أبرزهم وزير التطوير مايكل جوف وبعض الوزراء من حكومة الظل التابعة لحزب العمال، كما انضم إلى القمة الاستثنائية بعض الدبلوماسيين إلى جانب خبراء من وزارة الدفاع، ورؤساء بعض أكبر الشركات والبنوك، وعقد الاجتماع يومي الخميس والجمعة.
المحافظون والعمال يحاولون إنقاذ اقتصاد بريطانيا بعد بريكست
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها صحيفة الأبزرفر فإن الإشكالية التي عالجها الحاضرون هي :” كيف يمكن الاستفادة من اتفاق بريكست لتوطيد العلاقات مع الجيران الأوروبيين لبريطانيا؟”.
وكان من بين الحاضرين المؤيدين لاتفاق بريكست زعيم حزب المحافظين السابق مايكل هوارد ووزير المالية السابق لحزب المحافظين نورمان لامونت والوزيرة السابقة في حكومة حزب العمال جيزيلا ستيوارت.
وقد حضر بعض السياسيين الذين عارضوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولعل أبرزهم:” وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي، ووير الدفاع في حكومة الظل جون هيلي، والمفوض الأوروبي السابق والوزير في حكومة حزب العمال بيتر ماندلسون الذي ترأس الاجتماع.
وحضر أيضًا بعض السياسيين المحافظين الذين عرفوا بمعارضتهم لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولعل أبرزهم الوزير السابق في حكومة حزب المحافظين ديفيد ليدينغتون.
كما كان من بين الحاضرين بعض الشخصيات البعيدة عن عالم السياسة مثل جون سيموندز رئيس شركة الأدوية (GlxoSmithKline)، إلى جانب أوليفر روبينز العضو في مجلس إدارة شركة (Goldman Sachs)، بالإضافة إلى وزير المالية السابق السابق توم سكولار وكان أيضًا كبير مفاوضي الحكومة البريطانية لشؤون بريكست في الفترة الممتدة بين 2017 و2019.
بالإضافة إلى مساعد الأمين العام لحلف الناتو في وضع سياسات الدفاع والتخطيط أنجوس لابسلي.
وورد في البيان التمهيدي الصادر عن الاجتماع :” إن بعض الحاضرين في الاجتماع أقروا بأن بريطانيا لم تستطع إحراز أي تقدم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث يبدو أن اتفاق بريكست قد شكل عائًقا أمام نمو بريطانيا وأدى لتراجع إمكانياتها”.
وذكر أحد المصادر إن الاجتماع قد تناول المشكلات التي تواجه بريطانيا والفرص التي يمكن استغلالها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبحسب المصدر فإن الاجتماع ركز على تبعات بريكست السلبية على الاقتصاد البريطاني الذي يشهد حالة من غياب الاستقرار، وسط ارتفاعٍ ملحوظٍ في أسعار الطاقة.
وأشار المصدر إلى أن الدافع الرئيس للاجتماع هو خسائر الاقتصاد البريطاني التي لم يستطع بريكست تعويضها، حيث وصل الاقتصاد إلى وضع صعب للغاية”.
ما أبرز التحديات التي تواجه بريطانيا بعد بريكست
وأضاف المصدر” لقد جمع الاجتماع بين أنصار بريكست ومعارضيه، للمضي قدمًا في تحديد المشكلات التي يجب مواجهتها، وإجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن التعاون التجاري بين بريطانيا وجيرانها الأوروبيين”.
وبحسب المصدر فقد افتتح وزير التطوير مايكل جوف الاجتماع ليلة الخميس، وذكر المصدر أن جوف تحدث بكل صدق عن أوجه القصور التي تواجهها بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن جوف الذي قاد حملة بريكست إلى جانب بوريس جونسون أكد خلال الاجتماع أن بريطانيا فعلت الشيء الصحيح عند مغادرة الاتحاد الأوربي وسيثبت ذلك على المدى الطويل بحسب ما ذكر جوف.
وقال المصدر:” إنه على الرغم من عدم اهتمام الجانب الأوروبي بالإخفاقات التي واجهتها بريطانيا بعد بريكست ، إلا أن الاجتماع شهد اهتمامًا مشتركًا من الجانب الأوروبي والبريطاني لتوطيد العلاقات والمصالح الاستراتيجية”.
وبحسب البيان الصادر عن الاجتماع فإن الحضور لم يناقشوا مسألة عودة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، مع ذلك أكد البيان على أهمية المصالح المشتركة لكل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خاصة فيما يتعلق بوقف العدوان الروسي على أوكرانيا، وإيجاد مصادر جديدة للطاقة، وبناء شركات التكنولوجيا الكبرى في القارة الأوروبية وليس فقط على الأراضي الأمريكية، كما أكد البيان على المصالح المشتركة بين البلدين في شؤون الدفاع.
كما ناقش الحاضرون إمكانية تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، واحتمالات تنسيق الجهود الأوروبية والبريطانية حول كيفية التعامل مع الصين.
وركز الاجتماع على مشكلة البروتوكول التجاري في أيرلندا الشمالية وهو الشغل الشاغل لمسؤولي الاتحاد الأوروبي، لكن لم يتوصل الحاضرون إلى أي اتفاق في هذا الشأن.
وتعتبر هذه القمة التي جمعت بين كبار السياسيين من المعارضين والمؤيدين لبريكست بالإضافة إلى مدراء الشركات وموظفي الخدمات المدنية، دليلًا على إجماع معظم الأوساط السياسية والاقتصادية على أن اتفاق بريكست بشكله الحالي ألحق ضررًا كبيرًا باقتصاد بريطانيا وقلّص من تأثيرها على مستوى العالم.
ويتزايد القلق في قيادة حزب العمال، من أن اتفاق بريكست الحالي قد يؤدي لفشل أي حكومة مستقبلية يترأسها حزب العمال، خاصة إذا لم تحل مشاكل المعاملات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وكان مكتب مراقبة الميزانية قد توقع أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 5 في المئة على مدى 15 عامًا ابتداء من عام 2016.
ودعا البيان الصادر عن الاجتماع جميع الحاضرين إلى تجاهل الاصطفافات السياسية المعادية لبريكست وتلك التي تدعمه، والتركيز على مستقبل بريطانيا وتعاونها مع الاتحاد الأوروبي، وحث البيان على إيجاد المزيد من الحلول في ظل الاضطرابات العالمية التي تعصف بالاقتصاد، وتراجع الاستيراد وارتفاع التضخم”.
أنصار بريكست يدرسون تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي
وبالنسبة للسياسيين المتعصبين لبريكست مثل مايكل جوف، فإنه لا بدَّ من تجنب التبعات السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل، حتى لو اضطرهم الأمر لتوطيد العلاقات مرة أخرى مع الاتحاد الأوروبي.
وركز الحاضرون على ضرورة إعادة النظر في الجزء المتعلق بالتجارة ضمن اتفاق بريكست من قبل حزبي العمال والمحافظين، لتجنب المشكلات التجارية التي ألحقت خسائر كبيرة في صادرات بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، والعمل على التنسيق والتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وتعهد حزب العمال بأنه سيعيد النظر في قانون التجارة النقدية عام 2025 لإزالة العوائق أمام التجارة في بريطانيا، وكان حزب العمال قد تعهد سابقًا، بأنه لن يعيد بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي أو السوق الأوروبية المشتركة أو الاتحاد الجمركي.
وكان عنوان الجلسة الافتتاحية للاجتماع:” كيف يمكن تحسين اتفاقية التجارة والتعاون الآن، على أن يجري تعديلها لاحقًا.، وكيف يمكن تحقيق المزيد من التعاون بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في شؤون التجارة والخدمات؟”.
اقرأ أيضاً :
أكبر أضرار بريكست على الاقتصاد البريطاني خلال 3 سنوات
كيف تسبب البريكست بتغير أوضاع المهاجرين في بريطانيا؟
بريطانيا بحاجة إلى 330 ألف عامل لسد النقص الحاصل بسبب بريكست
الرابط المختصر هنا ⬇