اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا ينظم حملة تشهير ضد التونسية شيماء دلالي
نظَّم اللوبي الإسرائيلي في المملكة المتحدة حملة سياسية ضد رئيسة اتحاد الطلبة في بريطانيا التونسية شيماء دلالي.
ونشرت الجماعات الصهيونية المؤيدة لإسرائيل – ومنها اتحاد الطلبة اليهود – خطابًا أعربت فيه عن قلقها بشأن منشور شاركته دلالي على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ما يزيد عن عشر سنوات، علمًا أن دلالي تبلغ من العمر زُهاء 26 عامًا.
وقد بلغ صلف مؤيدي إسرائيل في بريطانيا ملاحقة شابة جامعية على عبارة لها كتبتها وهي طفلة صغيرة.
اللوبي الإسرائيلي يلاحق المتعاطفين مع القضية الفلسطينية
واعتبر بعض الناس أن الضغط الذي يمارسه اللوبي الإسرائيلي على دلالي عبر تسليط الضوء على منشور قديم هو محاولة يائسة لمنع الشابة من البقاء في منصبها.
ويتحدث المنشور الذي نشرته دلالي سابقًا عن معركة خيبر التي وقعت بين المسلمين واليهود في خيبر في أوائل القرن السابع (تقع خيبر في شبه الجزيرة العربية)، وشاركت دلالي المنشور قبل عشر سنوات خلال الاعتداء الإسرائيلي على غزة.
وليست هذه الحملة هي الأولى من نوعها التي تقوم بها الجماعات المؤيدة لإسرائيل ضد كل من هو مؤيد للقضية الفلسطينية.
إذ عُرِف عن اللوبي الإسرائيلي محاولاته المتكررة لمضايقة الأكاديميين والمسؤولين المؤيدين للقضية الفلسطينية وتهديدهم وتشويه صورتهم، ولعل دلال لن تكون الضحية الأخيرة.
وقد سبق أن استخدمت أساليب مماثلة للإطاحة بأول امرأة مسلمة تولت رئاسة الاتحاد الوطني للطلبة في بريطانيا “ماليا بوعطية” وهي من المناصرين للحقوق الفلسطينية.
ويمثل اتحاد الطلبة اليهود نحو 64 جماعة يهودية في الجامعات البريطانية، وقد كشف تحقيقٌ صحفي لقناة الجزيرة بأن الاتحاد يتلقى تمويلًا من السفارة الإسرائيلية في لندن.
وحاول اللوبي الإسرائيلي وقتها التأثير في انتخابات رئاسة اتحاد الطلبة لخلع بوعطية؛ لتضامنها مع القضية الفلسطينية، وتأييدها لمقاطعة إسرائيل، وفرض عقوبات عليها، ووقف الاستثمارات فيها.
ويقود اتحاد الطلبة اليهود الحملة الحالية للإطاحة بدلالي، ويعرِّف الاتحاد نفسه بأنه منظمة صهيونية “تفتخر بنفسها”، ويُرغم أعضاءه بالالتزام دائما بكل ما يخص إسرائيل.
وعمل اتحاد الطلبة اليهود على تشويه سمعة بوعطية عندما وصفت جامعة برمنغهام بأنها بؤرة استيطانية للصهاينة؛ إذ أشارت بوعطية حينها إلى وسائل الإعلام الرئيسة التي تقدم أجندات يهودية.
واتهم اتحاد الطلبة اليهودي بوعطية بمعاداة السامية مستخدمًا عبارة: “بالطبع ليس كل يهودي صهيونيًّا، وليس كل صهيوني يهوديًّا”.
وشرحت بوعطية موقفها بالقول: إن اتحاد الطلبة اليهود في برمنغهام يضم أكبر الجماعات اليهودية المؤيدة لإسرائيل، وأشارت إلى وجود تحيز قوي لإسرائيل في وسائل الإعلام المعروفة.
وقالت بوعطية في مقال نشرته في صحيفة الغارديان البريطانية: “لطالما ناضلت ضد العنصرية والفاشية بأشكالها كافة”، وأضافت أن الخلاف مع السياسة الصهيونية التي تقودها إسرائيل لا تعني معاداة جميع اليهود غير المتصهينين.
هذا وكانت قناة الجزيرة قد سلطت الضوء عبر التحقيق الذي أجرته على الدعم المالي الذي يقدمه اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية (لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية) إلى بعض الجامعات البريطانية عبر مركز (Pinsker)، وهو عبارة عن مجموعة من المناصرين لإسرائيل تعمل ضمن الجامعات البريطانية.
هذا وأُقيل الأستاذ السابق في علم الاجتماع السياسي بجامعة بريستول ديفيد ميللر بعد الضغوطات التي مارسها اللوبي الإسرائيلي على ديفيد نتيجة انتقاده لإسرائيل.
وقال ديفيد لموقع (Politics Today): “إن الاضطهاد الذي يمارسه الأعضاء المحليون لاتحاد الطلبة اليهود في بريطانيا يمثِّل اعتداءً على الحرية الأكاديمية، وهي استراتيجية طورتها الحكومة الإسرائيلية قبل عدة سنوات عبر المنتدى العالمي لمواجهة معاداة السامية، وسعوا من خلالها لاستهداف القوى اليسارية المعادية لإسرائيل إلى جانب استهداف المسلمين”.
وعلى الرغم من إثبات براءة ميللر من التهم الموجهة له بعد إجراء جامعة بريستول تحقيقين مستقلين، إلا أنه لم يُعَد إلى منصبه، وقالت الجامعة: “بعد التحقيق في الأمر وجدنا خلال جلسة استماع تأديبية أن البروفيسور ميللر لم يستوف معايير السلوك التي يتبعها موظفونا”، وخلصت الجامعة إلى وجوب إيقاف الأستاذ ميللر عن العمل على الفور.
ولا يقتصر انتهاك الحريات الأكاديمية الذي يمارسه اللوبي الإسرائيلي على جامعات أمريكا وأوروبا فحسب؛ ففي شهر آذار/ مارس نشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية إجراءات جديدة تخص دخول الأجانب وإقامتهم في بعض مناطق الضفة الغربية المحتلة ودراستهم في جامعاتها.
ويقول الأكاديميون الفلسطينيون وخبراء القانون: إن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة ستصعب على الطلاب الاستمرار في الدراسة أو العمل ضمن جامعات الضفة الغربية المحتلة – كالجامعات الموجودة في القدس الشرقية -، وسيخضع الطلاب للعديد من القيود التي تُفرَض على العمل الأكاديمي.
وستدخل الإجراءات الإسرائيلية الجديدة حيز التنفيذ هذا الشهر بشرط تجريبها خلال العامين القادمين، ووفقًا لقناة الجزيرة فإن إسرائيل ستسمح لـ 150 طالباً أجنبيًّا فقط بالدراسة في الجامعات الفلسطينية، وبموجب الإجراءات الجديدة يحق لوزارة الدفاع الإسرائيلية أن تحدد المجالات التي يدرسها الطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية، لكن الأمر لا ينطبق على من يدرس في الجامعات الإسرائيلية!
ومع ذلك تحاول السلطات الإسرائيلية فرض سيطرتها على قطاع البحث والتعليم ضمن الجامعات الإسرائيلية نفسها عبر: مراقبة الاحتجاجات، والحد من حرية التعبير في المؤسسات التعليمية الإسرائيلية، وهددت السلطات بإغلاق جميع الأقسام والصفوف اليسارية ضمن الجامعات الإسرائيلية كجامعة بن غوريون.
وتعمل إسرائيل على مراقبة الجامعات الفلسطينية، وفرض الرقابة عليها منذ بدء الاحتلال؛ حيث تداهم القوات الإسرائيلية الجامعات، وتغلق المدارس والجامعات بصفة منتظمة، ولطالما حظرت إسرائيل إقامة المؤتمرات الدولية في الجامعات الفلسطينية، أو منعت المحاضرات فيها عبر إطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع في الفصول الدراسية.
ويعاني الطلاب والأكاديميون في بريطانيا من ضغط اللوبي الإسرائيلي هناك؛ حيث يكثف اتحاد الطلبة اليهود محاولاته لفرض مزيد من القيود على الجماعات المؤيدة لفلسطين كحركة مقاطعة إسرائيل.
ويوجِّه اللوبي الإسرائيلي اتهامات بمعاداة السامية إلى كل من يُظهِر تعاطفه مع الفلسطينيين؛ في محاولة عنصرية يائسة لمضايقة الناشطين والأكاديميين، وخصوصًا أولئك الذين يشغلون مناصب مهمة، أو تكون لهم أدوار بارزة في المجتمع الأكاديمي مثل شيماء دلالي.
وبالنظر إلى حجم اللوبي الإسرائيلي وتأثيره الكبير فلا بد من تنظيم حملة دولية مناهضة للعنصرية دعمًا لدلالي.
“معاداة السامية” : ورقة إسرائيل في الضغط على المناوئين
وفي هذا الصدد صرح اتحاد الطلبة الوطني في بريطانيا: “إن الطلاب لا يُظهِرون أي سلوك معادٍ للسامية. نحن نستمع إلى القلق والمخاوف التي يثيرها بعض الأشخاص بشأن معاداة السامية، ونحن قلقون للغاية من الألم والأذى الذي قد تُحدِثه التصريحات المعادية للسامية، وسنتخذ جميع الإجراءات اللازمة؛ لتصحيح أي خطأ، وسنعيد بناء الثقة مع الطلاب اليهود وجميع الشركاء الآخرين في المجال الأكاديمي”.
ولعل السبب الرئيس للمشكلة هو تبني مفهوم معاداة السامية بناءً على التعريف الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست الذي يخلط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية.
وبناءً على ذلك يمكن توقع حصول مزيد من المضايقات للطلاب والأكاديميين بحجة معاداة السامية لمجرد تعاطفهم مع الحقوق الفلسطينية.
هذا ويبدو أن السلطات البريطانية تسمح لإسرائيل باستعمار القطاعات الأكاديمية مثلما سمحت للصهاينة باحتلال فلسطين.
اقرأ أيضاً :
الحكومة البريطانية تقاطع اتحاد الطلبة برئاسة شيماء دلالي لأجل عيون إسرائيل
التونسية شيماء دلالي رئيسة للاتحاد الوطني لطلبة بريطانيا
اللوبي الإسرائيلي في البرلمان البريطاني ينجح في إقرار منع مقاطعة إسرائيل
الرابط المختصر هنا ⬇