القطاع الصحي في بريطانيا NHS على موعد مع إضرابات قد تمتد لشهور
أعلنت الكلية الملكية للتمريض رفض عرض الأجور المقدم من الحكومة البريطانية، ما بدد آمال الحكومة في حل أزمة الإضرابات التي أنهكت القطاع الصحي في بريطانيا.
وكانت الكلية الملكية للتمريض قد طالبت النقابة زيادة نسبة الأجور بنسبة 19 في المئة في كانون الثاني/ يناير بعد أن بدأ أعضاء الكلية بشن إضراباتهم قبل عيد الميلاد الماضي، وقد حثت بات كولين عميدة الكلية الملكية للتمريض وزير الصحة ستيف باركلي على تقديم حل وسط يرضي الجميع، عبر زيادة الأجور بنسبة 10 في المئة.
وبعد محادثات مطولة مع وزير الصحية ستيف باركلي، اضطرت كولين للتنازل عن شروطها، ودعت أعضاء الكلية لقبول عرض زيادة الأجور بنسبة 5 في المئة، بالإضافة لزيادة أخرى تصرف مرة واحدة بنسبة تبلغ 8.2 في المئة لموظفي القطاع الصحي ذي الأجور الأدنى.
فشل المفاوضات مع قطاع التمريض
وبالطريقة نفسها أوصت قيادات نقابات القطاع الصحي جميع أعضائها بقبول عرض الحكومة، باستثناء نقابة Unite، وتفاءلت النقابات بالعروض التي قدمتها الحكومة على مضض بعد أن اضطرت لفتح ملف المفاوضات حول الأجور لعام 2022/2023.
وبعد أسابيع من المفاوضات ظن بارسلي أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق مع نقابات القطاع الصحي في بريطانيا من أجل زيادة الأجور، لكنه استغرق المزيد من الوقت لإقناع لحكومة بذلك.
وعلى الرغم من أن الزيادة المقدمة هذا العام ستصرف مرة واحدة فقط، ولن تستفيد منها جميع النقابات، لكن عرض صرف زيادات بنسبة 5 في المئة على الأجور المقدمة منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي، منح نوعًا من الأمل لمسؤولي نقابات القطاع الصحي الذين شعروا بانتصار موقفهم.
و عمل وزير الصحة على إقناع الحكومة بعروض زيادة الأجور المقدمة، من أجل جمع هذه الزيادة من وزارة المالية، علمًا أنه أكبر عرض لزيادة الأجور توافق عليه الحكومة.
لكن عميدة الكلية الملكية للتمريض فشلت في إقناع الممرضات بالموافقة على العرض الحكومي، رغم أن موقف قطاع التمريض من قضية انخفاض الأجور كان أقل تشددًا من بقية أقسام القطاع الصحي.
وأكد العاملون في قطاع التمريض عزمهم على استئناف الإضراب بسبب تردي ظروف العمل وتدهور الخدمات الصحية ، بينما شككت النقابات الأخرى في نزاهة المفاوضات التي أجرتها عميدة الكلية الملكية للتمريض مع الحكومة بشأن التوصل لتسوية للخلاف حول الأجور.
المفاوضات الفردية تثير غضب نقابات القطاع الصحي في بريطانيا
وأثارت عميدة الكلية الملكية للتمريض بات كولين غضب النقابات الأخرى في القطاع الصحي بعد دخولها في مفاوضات فردية مع الحكومة، وموافقتها على تعليق الإضرابات، دون أن تنخرط بقية النقابات في هذه المفاوضات.
وخشي البعض من أن كولين كانت تأمل زيادة أجور العاملين في قطاع التمريض فقط، على حساب تحالفها مع بقية نقابات القطاع الطبي، واعتقدوا بأن الحكومة ستتمكن من ضم نقابة التمريض إلى صفها.
لكن سرعان ما اقتنعت الحكومة بأن قطاع التمريض جزء لا يتجزأ من القطاع الطبي، وبمجرد انضمام النقابات الأخرى للمفاوضات، قدمت الحكومة عروضًا حظيت بموافقة نقابات مثل GMB ونقابة Unison، باستثناء نقابة Unite.
ومع ذلك فقد كانت نسبة الزيادة المقترحة في الأجور بعيدة كل البعد عن المطلب الأساسي لأعضاء الكلية الملكية للتمريض لزيادة الأجور بنسبة 19 في المئة التي طالبت بها، ما أثار غضب العديد من أعضاء النقابات الذين شعروا بأن عميدة الكلية الملكية للتمريض استسلمت بسرعة لشروط الحكومة.
وقال مصدر في النقابة:” لقد اتخذت عميدة الكلية الملكية للتمريض موقفًا خاطئًا من المفاوضات حول مسألة زيادة الأجور، وكان عليها أن تأخذ رأي أعضاء النقابة في العرض المقدم”.
وادعت عميدة الكلية الملكية للتمريض أنها حصلت على وعود بإجراء مفاوضات حول هيكلية نظام الأجور في قطاع التمريض بدءًا من عام 2024/2025، حيث ورد ذلك في رسالة كتبها وزير الصحة للنقابة، لكن دون ذكر تفاصيل حول تأثير ذلك على الأجور الحالية، ولم تحظَ هذه الوعود باهتمام أعضاء النقابة.
ستة أشهر جديدة من الإضرابات
و يستعد أعضاء الكلية الملكية للتمريض لشن المزيد من الإضرابات، حيث سيصوت أعضاء النقابة على تفويض قانوني جديد يمكنهم من شن إضرابات لستة أشهر أخرى، و يبدو أن كولين أصبحت في موقف صعب بعد أن فشلت في إقناع الأعضاء بعرض زيادة الأجور المقدم من الحكومة.
وبعد مفاوضات طويلة خاضها وزير الصحة مع النقابات، أصبح ستيف باركلي في موقفِ حرِج، حيث تستعد بعض النقابات في القطاع الصحي لاستئناف الإضرابات مرة أخرى، بينما قبلت أخرى بعرض زيادة الأجور المقدم من الحكومة وتنتظر صرف الزيادات.
وفي الوقت نفسه يستأنف الأطباء المبتدئون إضراباتهم بعد رفض الحكومة مطالبهم بزيادة الأجور بنسبة 35 في المئة، حيث رفضت الجمعية الطبية البريطانية مؤخرًا تعليق إضرابات الأطباء المبتدئين كشرط لبدء المفاوضات مع الحكومة.
وقد أشارت استطلاعات الرأي مؤخرًا إلى أن الأطباء المبتدئين يحظون بدعم شعبي كبير، خاصة في ظل التقارير الواردة عن تردي الخدمات في القطاع الطبي، حيث يتمسك الأطباء بموقفهم ويستعدون للمضي قدمًا في إضراباتهم.
باختصار، يمكن القول إن أعضاء الكلية الملكية للتمريض لن يتنازلوا عن موقفهم أو يعلقوا الإضرابات إلا إذا أظهرت الحكومة عزمها على تسوية النزاع، عبر رصد المزيد من الأموال لزيادة أجورهم، لكن يبدو الأمر صعبًا في ظل تقليص مسؤولي وزارة المالية حجم الإنفاق، ما يعني أن البلاد ستشهد المزيد من الإضرابات
اقرأ أيضًا:
موظفو القطاع الصحي في بريطانيا ينفذون أكبر إضراب في تاريخهم
لماذا يواجه القطاع الصحي في بريطانيا أسوأ أزمة في التاريخ؟
القطاع الصحي في بريطانيا NHS يدخل حقنة المشاهير لإنقاص الوزن ضمن خدماته
الرابط المختصر هنا ⬇