الجارديان: كيف تسببت الغارات الإسرائيلية في انهيار كامل للقطاع الصحي في غزة؟
رصد تقرير لصحيفة الجارديان حجم الانهيار في البنية الصحية المتداعية في غزة. ووفقًا للتقرير، تشهد غزة تدهورًا متسارعًا في قطاعها الصحي بعد موجات جديدة من الغارات الإسرائيلية التي خلّفت عشرات الشهداء ومئات المصابين خلال الأيام الأخيرة. وبين النقص الحاد في الإمدادات الطبية واستمرار الضربات رغم الهدنة، تبدو المستشفيات عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى أو تقديم حدّ أدنى من الرعاية الأساسية للمرضى.
نقص حاد في الإمدادات الطبية

قالت طواقم طبية يوم الأحد: إن المستلزمات الطبية كالشاش والمطهّرات والترمومترات والمضادات الحيوية أوشكت على النفاد في مستشفيات غزة.
وأكد محمد صقر، مدير التمريض في مستشفى ناصر بخان يونس: «ما زلنا نعاني نقصًا حادًّا في معظم الإمدادات والأدوية. نواجه أزمات يومية، ونستقبل أعدادًا كبيرة من المصابين رغم الإجهاد الشديد».
وأضاف: «لا يوجد اختلاف كبير عن فترة ما قبل الهدنة… القصف مستمر، ولا نشعر بوجود تغيير حقيقي». ورغم دخول مئات الأطنان من المساعدات منذ بدء الهدنة المدعومة أمريكيًّا الشهر الماضي، يقول العاملون في القطاع الإنساني: إن المخزون لا يزال غير كافٍ.
منظومة على الحافة
قال جو بيلفيو، المدير التنفيذي لمنظمة ميد جلوبال (MedGlobal) الأمريكية، من منطقة المواصي جنوب غزة: «هناك نقص في الكوادر، وعدد غير كافٍ من سيارات الإسعاف… لنظام الصحي بأكمله يعمل على حافة الانهيار، مع نقص حرج في كل شيء».
وبحسَب وزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 300 شخص في غارات إسرائيلية منذ بدء الهدنة، فيما يعاني آلاف المدنيين من آثار سوء التغذية وغياب المأوى والأمراض الناتجة عن الظروف الجوية القاسية.
مرحلة أولى تقترب من الاكتمال

المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة التي تضمنت انسحابًا إسرائيليًّا جزئيًّا من نصف القطاع وإعادة جميع الأسرى الأحياء الذين كانت تحتجزهم حماس باتت قريبة من نهايتها.
وحصلت المرحلة التالية على دفعة سياسية بعد أن تبنّى مجلس الأمن الدولي خطة من 20 نقطة أعدّتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، وتشمل تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة القطاع تحت السلطة النهائية للرئيس الأمريكي، إضافة إلى نشر قوة دولية للاستقرار.
ورغم استمرار الغارات، قالت إسرائيل وحماس إنهما ملتزمتان بالاتفاق.
غارات جديدة واستهداف متواصل

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: إن خمسة من كبار قادة حماس قُتلوا في غارات السبت. في حين أفاد مسؤولون صحيون في غزة باستشهاد 24 شخصًا وإصابة 54 آخرين، من بينهم أطفال.
وقال نتنياهو: «نواصل ضرب الإرهاب على عدة جبهات».
ويرى محللون أن إسرائيل تستخدم أي “خرق” مزعوم للهدنة لمواصلة استهداف قادة حماس وإضعاف قدراتها العسكرية.
“ما زلنا في قلب الحرب”
قال رامي مهنا، المدير العام لمستشفى الشفاء: إن غارة استهدفت سيارة في غزة يوم السبت أدت إلى استشهاد 11 شخصًا وإصابة أكثر من 20 آخرين في حيّ الرمال.
وفي غارة أخرى بالقرب من مستشفى العودة وسط القطاع استشهد ثلاثة أشخاص وجُرح 11.
كما أسفرت غارة في دير البلح عن استشهاد ثلاثة آخرين، من بينهم امرأة.
قال خليل أبو حطب، أحد السكان في دير البلح، لوكالة أسوشيتد برس: «سمعت انفجارًا هائلًا، وعندما خرجت لم أرَ شيئًا بسبب الدخان. عندما نظرت مجددًا وجدت أن الدور العُلوي من منزل جاري اختفى… إنها هدنة هشة، ولا يوجد مكان آمن».
استقبل مستشفى ناصر -وهو الأكبر بين 13 منشأة صحية ما زالت تعمل في غزة- معظم الجرحى في الهجمات الأخيرة.
وقال صقر: «في الهجوم الأخير استقبلنا 12 شهيدًا، بينهم أربعة أطفال وامرأتان. ومن بين 24 مصابًا كان 18 منهم من النساء والأطفال. نشعر أننا ما زلنا في قلب الحرب».
إصابات بطلقات وغارات

ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها في غزة عالجت ما لا يقل عن ستة مرضى، بينهم طفل في الخامسة عشرة ورجل يبلغ 71 عامًا، أصيبوا جراء الغارات أو الأعيرة النارية.
قال الجيش الإسرائيلي: إنه نفّذ ضربات ردًّا على «انتهاك شديد» للهدنة بعدما عبر «مسلح» إلى منطقة تسيطر عليها إسرائيل وأطلق النار على الجنود جنوب القطاع. وأضاف أن قواته قتلت 11 مسلحًا خرجوا من نفق في رفح، إضافة إلى اثنين آخرين في شمال غزة.
وصول المساعدات ما زال أقل من الحاجة
دخلت كميات أكبر من الغذاء منذ هدنة تشرين الأول/أكتوبر، لكن الكميات لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات الهائلة.
وقال بيلفيو: «شهدنا تحسّنًا في مسألة سوء التغذية، وهذا شيء إيجابي. منظمة الصحة العالمية نجحت قليلًا في إدخال الأدوية، لكنّ لدينا شاحنتين عالقتين منذ الـ10 من تشرين الأول/أكتوبر بانتظار الموافقة الإسرائيلية».
وتنفي إسرائيل تعمّد عرقلة المساعدات، وتتهم حماس بالاستيلاء عليها.
وقالت هيئة “كوغات” الإسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع: «المساعدات تتدفق… مئات الشاحنات يوميًّا تحمل الغذاء والمُعَدات الطبية ومواد الإيواء».
جهود الوساطة مستمرة
يعمل فريق من المسؤولين العسكريين الأمريكيين مع الجانب الإسرائيلي على تنظيم دخول المساعدات وتوزيعها لاحقًا، رغم أن تأثيره ما يزال غير واضح.
وتواصل مصر وقطر والولايات المتحدة الوساطة بين الجانبين، وتمكّنت من تثبيت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي.
والتقى وفد رفيع من حماس برئيس المخابرات المصرية في القاهرة؛ لبحث الاتفاق وتطورات الوضع في غزة، حيث ناقش الطرفان أيضًا وضع نحو 100 مسلح من حماس ما زالوا داخل الأنفاق جنوب القطاع، وقد انقطع الاتصال بهم.
حصيلة عدوان مستمر منذ عامين
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين أول/أكتوبر 2023، استُشهد أكثر من 69 ألف فلسطيني -معظمهم من المدنيين- في الهجوم الإسرائيلي الواسع والغارات المستمرة حتى بعد الهدنة، ولا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض.
انهيار متعمد
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن المشهد الصحي في غزة يعكس حالة انهيار متعمّد؛ بسبب استمرار الضربات وتقييد دخول الإمدادات، حيث تُتَّخذ المساعدات الإنسانية والحصار سلاحًا ضد السكان. ومع عجز المستشفيات عن توفير الرعاية الأساسية ونقص الكوادر والإمدادات، تبدو قدرة القطاع الصحي على الصمود محدودة للغاية، في وقت تزداد فيه أعداد الضحايا في ظل وقف هش لإطلاق النار، وتشتد الحاجة فيه إلى خدمات الطوارئ والإنقاذ.
المصدر: الجارديان
اقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
