الطمأنينة في زمن القهر: لماذا نؤمن رغم الألم؟ وأين الله مما يجري؟

نمشي في دروب الحياة، نحمل آمالنا وأوجاعنا، وقلوبنا معلقة بالسماء.
وقد يضيق بنا الطريق، وتشتد العواصف، ويظن الناس أنا هلكنا…
ولكننا نعلم يقينًا، أنه ما من قطرة ألم تنزل، ولا نفس يؤخذ، ولا باب يغلق،
إلا وهو مكتوب لنا، لا علينا.
نُبتلى فنرتقي، نُمنع فنُحمى، نُؤخر لنُهَيَّأ…
فمن كتب الأقدار لا يخطئ، ومن حكم على المصائر لا يظلم.
كل ما مر بنا، مما أفرحنا أو أحزننا، هو لنا…
ليس عبثًا، ولا صدفةً، ولا هدرًا.
“قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”
فهو لنا… في رحمته، وفي لطفه، وفي حكمته.
حتى الألم الذي نخشاه، فيه ستر لا نراه، وفيه خير لم نفهمه بعد.
فامنح قلبك الطمأنينة،
ودع الأمر لصاحب الأمر،
فما خاب من وثق بالله، وما ضل من أيقن بوعده.
ولكن… أين الله مما يجري؟
في زمن الفجائع، تصعب الأجوبة، ويتصدع الصبر، وتتسلل الأسئلة في ليل الروح:
“أين الله مما يجري في غزة؟”
“وأين هو من المجازر، ومن استباحة الأقصى، وتشريد الضفة، ونزيف السودان، وعذاب المهاجرين؟”
نسأل، لا تمردًا — حاشا لله — بل وجعًا لا يدرك عيون الحكمة، ويتلفت في ليل طويل.
ولكن الإيمان يجيب:
الله ليس غائبًا.
الله ليس غافلًا.
الله يُمهل ولا يُهمل، ويبتلي لا ليعذّب، بل ليصفّي وليمَيّز، وليكشف الخبيث من الطيب.
الله مع المظلوم، مع المحاصر، مع الطفل الذي نجا من تحت الأنقاض وهو يبتسم…
الله ليس مع القاتل ولو تجبّر، ولا مع المحتل ولو تفوّق، ولا مع الخاذل ولو تصدّر المناصب.
“إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته.”
فما يجري اليوم، ليس صمتًا من السماء، بل اختبارٌ لنا:
هل نثبت؟ هل نرفع صوت الحق؟ هل نصبر على الألم ولا نبيع القيم؟
الله مع كل من تمسّك بالعدل،
والظالم، ولو بنى جدران نجاحه من جراحنا، سيسقط يومًا.
والنصر — في ميزان الله — لا يُقاس بالسنوات، بل بالحق.
فامنح قلبك الطمأنينة… ودع الأمر لصاحب الأمر.
في زمنٍ يُغريك بالعجلة ويُرهقك بالقلق،
يصبح التسليم لله خيارًا نادرًا — ولكنه، في حقيقته، أعلى مراتب الوعي، وأسمى مراتب الإيمان.
فالرضا بالله لا يعني الخمول، بل الثقة في القضاء، والعمل في الأسباب، والصبر على النتائج.
فما كُتب لك لن يفلتك، وما لم يُكتب لك لن يصيبك.
وفي كل ما يؤلمك، ستر لا تراه، وخير لم تفهمه بعد.
من الألم يولد المعنى.
فلا تترك للشك منفذًا، ولا للناس سلطة على يقينك.
أنت في عين الله، وفي قلب قدره، وفي كل محنة بذرة معنًى ستنبت يومًا…
﴿وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
اقرأ أيضًا:
- ما الذي يمنعك القانون من انتقاده في بريطانيا؟
- تحقيق برلماني مع شركة استشارات بشأن نشاطها في غزة
- مايا غزال تحلّق عاليًا: أول لاجئة سورية تقود طائرة تجارية في العالم
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة
الرابط المختصر هنا ⬇