في خطوة وُصفت بأنها نقلة نوعية في نظام الرعاية الصحية، أعلنت الحكومة البريطانية عن توسيع نطاق خدمات المراكز التشخيصية المجتمعية لتعمل طوال الأسبوع ولفترات ممتدة، ما يتيح للمرضى في إنجلترا فرصة أكبر لإجراء فحوصات حيوية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وتنظير الجهاز الهضمي حتى في المساء وعطلات نهاية الأسبوع. يأتي ذلك في وقت يشهد فيه النظام الصحي ضغوطًا متزايدة، وتزايدًا في الحاجة إلى تسريع التشخيص المبكر للأمراض المزمنة والقاتلة.
مراكز تشخيصية تعمل على مدار الأسبوع
الكونغرس الطبي العراقي الأول في بريطانيا: إليكم التفاصيل كاملة
يوجد في إنجلترا حاليًا 170 مركزًا تشخيصيًا مجتمعيًا، كثير منها يقع في أماكن غير تقليدية مثل مراكز التسوق، الملاعب الجامعية، وحتى حرم الجامعات، حيث يصل المرضى إليها عبر إحالة من أطبائهم العامّين أو الفرق الطبية في المستشفيات. وأكدت الحكومة أن 100 مركز من هذه المراكز بات يعمل 12 ساعة يوميًا، سبعة أيام في الأسبوع، بزيادة 37 مركزًا عن يوليو 2024. الهدف، وفق وزارة الصحة، هو تقريب الخدمات من المرضى وتسريع التشخيص بما يجعل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) أكثر ملاءمة لاحتياجات الناس.
وزير الصحة ويس ستريتينغ شدد على أن “الحكومة عازمة على جعل الرعاية الصحية تتناسب مع حياة الناس العملية، لا العكس”، مشيرًا إلى أن توفير مواعيد للفحوصات في الصباح الباكر أو المساء المتأخر يضع المريض في قلب الأولوية.
ترحيب منظمات صحية وتحذيرات مهنية
الخطوة قوبلت بترحيب من جمعيات صحية عدة. فقد أشادت المديرة التنفيذية لجمعية “Asthma + Lung UK” بالخطوة، معتبرة أن تسهيل الوصول إلى الفحوصات القريبة من المنازل “أمر بالغ الأهمية لتحسين معدلات تشخيص أمراض الرئة”، وهي ثالث أكبر مسببات الوفاة في بريطانيا. وأضافت أن التشخيص المبكر والدقيق يسهم في تقليل دخول المستشفيات وإطالة عمر المرضى.
لكن منظمات أخرى طالبت بمزيد من الإجراءات. فقد أشارت “Blood Cancer UK” إلى أن تحسين المواعيد المسائية والليلية لا يكفي وحده، داعية إلى إنهاء التفاوت الإقليمي في التشخيص وتوسيع الفحوصات الروتينية لمرضى السرطان الدموي.
أما “جمعية اختصاصيي الأشعة” فقد نبهت إلى أن زيادة الطلب على الفحوصات التصويرية لن تُلبّى ما لم يتم الاستثمار في توظيف عدد أكبر من اختصاصيي الأشعة. واعتبرت أن المراكز التشخيصية لا يمكن أن تعمل بكفاءة دون تعزيز الكادر البشري المتخصص.
زيادة في حجم الفحوصات وخطط مستقبلية
ارتفاع رسوم الوصفات الطبية
تشير بيانات وزارة الصحة إلى أن NHS أجرى أكثر من 1.6 مليون فحص واختبار إضافي بين يوليو 2024 ويونيو 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وتخطط الحكومة لبناء ما يصل إلى خمسة مراكز جديدة خلال 2025–2026، إضافة إلى تمديد ساعات العمل في جميع المراكز القائمة لتشمل الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع.
يمثل التوسع في ساعات عمل المراكز التشخيصية المجتمعية محاولة جدية لتقريب الخدمات من الناس وتسريع التشخيص، خصوصًا لأمراض قاتلة مثل السرطان وأمراض الرئة. لكن هذه الجهود، رغم أهميتها، تظل ناقصة من دون استثمارات حقيقية في الكوادر الطبية، وخاصة اختصاصيي الأشعة الذين يشكّلون العمود الفقري لأي عملية تشخيص. في العرب في بريطانيا نرى أن نجاح هذه الخطوات لن يُقاس فقط بعدد المراكز أو طول ساعات عملها، بل بمدى قدرتها على إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة المرضى عبر نظام صحي أكثر عدالة وكفاءة.