خلص تقرير حديث إلى أن استخدام السياسيين البريطانيين “لغة تحريضية” وترويج نظريات المؤامرة يُسهم في تأجيج التطرف داخل المملكة المتحدة، حيث أشار إلى فشل السياسات الحكومية في مواجهة هذه الظاهرة التي تتفاقم تدريجيًا وتهدد الديمقراطية.
وأوصى التقرير، الذي أعدته السيدة سارة خان، المفوضة السابقة لمكافحة التطرف، بضرورة “إعادة التفكير الجذرية” في كيفية تعامل الوزراء مع التطرف، مشيرًا إلى أن انتشار نظريات المؤامرة وتراجع التماسك الاجتماعي عوامل تزيد من المخاطر على الديمقراطية.
تراجع الديمقراطية وتصاعد الغضب الشعبي
أشار التقرير إلى أن أزمة تكاليف المعيشة المتفاقمة وتزايد الاستقطاب السياسي يعززان من غضب الشعب البريطاني، مما يُضعف مرونة المجتمع والنظام الديمقراطي في البلاد. وأضافت خان، التي شغلت سابقًا منصب المستشارة المستقلة للتماسك الاجتماعي في حكومة ريشي سوناك، أن هذا التحدي يتطلب معالجة فورية وعميقة.
وقد قُدم التقرير إلى وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، ضمن مراجعة شاملة للسياسات الحكومية لمكافحة التطرف. وأكد على ضرورة إصلاح برنامج “بريفنت” ليقتصر دوره على منع الأفراد من الانجراف نحو الإرهاب والتطرف العنيف، مع إلغاء مسؤوليته عن مكافحة أشكال التطرف الأخرى. ووصف التقرير البرنامج بأنه يعاني من غموض في دوره وضعف في فعاليته.
دور السياسيين في تأجيج الأزمة
حذر التقرير من استخدام السياسيين “لغة تحريضية” أو “خطابًا متطرفًا”، بما في ذلك الترويج لنظريات المؤامرة أو الانخراط في “الحروب الثقافية”. وقالت خان: “يتحمل السياسيون مسؤولية كبيرة تجاه اللغة التي يستخدمونها، وإذا لجأوا إلى خطاب يزعزع الثقة بالمؤسسات أو يهاجم ’النظام‘ لتحقيق مكاسب سياسية، فإنهم يعرضون الديمقراطية لخطر طويل الأمد”.
وأضافت: “شهدنا في السنوات الأخيرة تزايد عدد السياسيين الذين يروجون لنظريات المؤامرة أو ينشرون معلومات مضللة عبر الإنترنت أو يستخدمون خطابًا مفرقًا. هذا الاتجاه يُسهم في تسريع تراجع الثقة بالديمقراطية والمؤسسات”.
لفت التقرير إلى أن زعيم حزب الإصلاح، نايجل فاراج، وأعضاء آخرين في البرلمان، مثل ريتشارد تايس، تعرضوا لانتقادات بسبب تصريحاتهم بشأن تعامل الشرطة مع جرائم القتل في ساوثبورت. وادعى هؤلاء أن هناك “نظامًا ثنائي المستوى” في تطبيق القانون يعامل المجتمعات بطرق مختلفة.
إحصائيات مقلقة
استعرض التقرير، الذي أُعد بالتعاون مع شركة كريست إنسايتس، نتائج تشير إلى تنامي مشاعر التطرف في بريطانيا، حيث:
يعتقد 29% من البريطانيين بنظرية “إعادة التعيين الكبرى” التي تدعي وجود خطة لفرض حكومة عالمية شمولية.
يحمل 45% من الشباب البريطانيين نظرة إيجابية تجاه المؤثر المثير للجدل أندرو تيت.
يتعاطف واحد من كل عشرة أشخاص مع أولئك الذين شاركوا في اضطرابات عنيفة وأعمال شغب خلال الصيف الماضي.
توصيات وإجراءات مقترحة
تضمن التقرير توصيات لإنشاء هيئة خاصة في مكتب مجلس الوزراء لضمان تطوير نهج استراتيجي لمواجهة تدهور الديمقراطية، ودعا إلى وضع إطار تحليلي قادر على الفصل بين التطرف الكاره والإرهاب.
واختتمت خان بالقول: “إذا تحدثنا عن تهديد التطرف الكاره، الذي لا يصل إلى مستوى الإرهاب، فإن حجمه أكبر بكثير، خاصة من التيار اليميني المتطرف. نحن نتحدث عن أشكال من التطرف التي ظهرت في اضطرابات وأعمال شغب الصيف الماضي”.