كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة جرائم السرقة في بريطانيا؟
ازدادت السرقات التي تستهدف منازل نجوم الرياضة في بريطانيا، حيث شهدت البلاد سلسلة من حوادث الاقتحام التي يتعرض لها هؤلاء أثناء وجودهم في الخارج أو في المباريات. وكانت أحدث هذه الحوادث تلك التي طالت منزل لاعب مانشستر سيتي، جاك غريليش، في تشيشاير، الذي اقتُحم بينما كانت عائلته في الداخل. وقال غريليش في تعليق له على هذا الحادث: “أفضل عام في حياتي الكروية لم يعد أمرًا يمكنني الاحتفال به”.
منازل الرياضيين هدفٌ مغرٍ للعصابات
وتُعد منازل الرياضيين هدفًا جذابًا للعصابات، بما تحتويه من مقتنيات ثمينة تُقدَّر بمئات الآلاف من الباوندات، تشمل الإلكترونيات والجواهر والملابس المصممة والساعات الفاخرة. ويعتمد اللصوص بشكل متزايد على منشورات النجوم على وسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف عن تفاصيل سفرهم وغيابهم عن المنزل، سواء بسبب المباريات أو الإجازات العائلية، ما يسهل على العصابات تحيّن الفرص المناسبة للسطو.
ولا يقتصر الأمر على لاعبي كرة القدم؛ فقد تعرض منزل قائد منتخب إنجلترا للكريكيت، بن ستوكس، للسرقة مؤخرًا بينما كان في باكستان للمشاركة في سلسلة مباريات، وكان أفراد عائلته في المنزل. وقد أوقفت السلطات شخصًا على خلفية الحادث.
وفي العام الماضي، شملت السرقات منازل عدد من لاعبي كرة القدم، منها منزل لاعب نيوكاسل يونايتد، جويلينتون، في نورثمبرلاند، ومنزل لاعب وست هام، كيرت زوما، في إسيكس. وخسر غريليش وحده مقتنيات قيمتها مليون باوند خلال عملية اقتحام منزله في يوم “بوكسينغ داي” بينما كانت عائلته حاضرة.
وقال غريليش في منشور على إنستغرام: “لقد كانت هذه التجربة مؤلمة لنا جميعًا، وأنا سعيد لعدم تعرض أحد لأذى”. وأعرب عن أسفه قائلًا: “الأشخاص الذين يرتكبون هذه الجرائم الفظيعة ليس لديهم أي فكرة عن الأذى الذي يلحقونه بحياة الآخرين”.
ومع تصاعد هذه الجرائم، قدمت الشرطة وخبراء الأمن للاعبين، قبل بطولة كأس العالم 2022، استشارات بشأن تعزيز إجراءات الأمان في منازلهم. ووفقًا للتقارير، استثمر هؤلاء مئات الآلاف من الباوندات في تقنيات أمنية متقدمة تشمل كاميرات بالأشعة تحت الحمراء، وحراسًا شخصيين، وكلاب حماية.
وقد واجه رحيم ستيرلينغ موقفًا مشابهًا عندما اقتُحم منزله في ساري بينما كان في قطر للمشاركة في كأس العالم، وقد عاد مسرعًا إلى البلاد، في ظل حالة من القلق على سلامة أطفاله.
وفي تطور آخر، اعترف إميليانو كروسي من ساوثيند-أون-سي بالتآمر لارتكاب جرائم سطو، ومن المتوقع صدور الحكم بحقه الأسبوع المقبل. وقد كشفت الشرطة أدلة على هاتفه تشير إلى تورطه في مناقشات بشأن بيع المسروقات وتحديد مواقع العقارات المستهدفة. ووُصف كروسي بأنه كان في “دور إداري” بدلًا من ارتكاب عمليات السطو بنفسه.
عصابات منظمة تستهدف منازل النجوم
ويتعامل العديد من العصابات المنظمة بوسائل متطورة، حيث تحدد ضحاياها المحتملين، وتجمع المعلومات عنهم عبر الإنترنت، ثم تدرس المناطق المحيطة بالعقارات قبل الاقتحام. وشملت بعض هذه العصابات أفرادًا مثل شون ريمر (29 عامًا)، وآدم هاستينغز (31 عامًا)، وكالوم مارتن (33 عامًا)، الذين أدينوا بتنفيذ 37 عملية سرقة في مناطق ميرسيسايد وتيشاير ولانكشير وشمال ويلز، ويشمل ذلك منزل المدير الفني السابق لنادي إيفرتون، كارلو أنشيلوتي. وحُكم عليهم بالسجن سبع سنوات ونصف إلى عشر سنوات وتسعة أشهر.
وتشير الأدلة إلى أن العصابة كانت تمتلك سيارات مسروقة مزودة بلوحات أرقام مزيفة للتمويه، وذلك لتجنب ملاحقة الشرطة.
وفي بعض الحالات، يُعتقد أن عصابات من خارج بريطانيا تأتي لسرقة الأشياء القيمة. فقد اعتُقل أربعة مواطنين كرواتيين كانوا قد وصلوا مؤخرًا من إيطاليا، على خلفية سلسلة من السرقات التي تضمنت منزل مهاجم نيوكاسل يونايتد، ألكسندر إيساك.
وأوضح خبراء الأمن أن سرقة الأشياء الثمينة أصبحت ظاهرة منتشرة، ويرافقها تصاعد في مستوى العنف أو التهديد بالعنف. وفي هذا السياق قال فاسيليس سوتيروبولوس، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة وصاحب شركة سبارتان إليت سيكيوريتي: إن الشركة تشهد “طلبًا كبيرًا” على خدماتها، وبخاصة بين لاعبي كرة القدم.
وأضاف سوتيروبولوس: “المجرمون يراقبون مواقع التواصل الاجتماعي”، مشيرًا إلى أن اللصوص يعرفون مواعيد سفر اللاعبين لحضور جلسات تصوير أو المباريات أو التزاماتهم مع الأندية الرياضية، ويستغلون هذه المعلومات للتخطيط لعملياتهم.
ويتبع اللصوص خطوات دقيقة تشمل “مراقبة عدائية” قبل الاقتحام، حيث يدرسون محيط العقار باستخدام خرائط الإنترنت. وأضاف سوتيروبولوس: “الأصدقاء، والجيران، وأفراد العائلة، وحتى وكالات العلاقات العامة ينشرون صورًا لمنازل النجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعل جميع المعلومات متاحة للجميع”.
التوصيات الأمنية للحد من مخاطر السطو
وبهذا الشأن أكد داي ديفيس، القائد السابق في شرطة العاصمة، أهمية التعاون الاستخباري بين الشرطة لملاحقة العصابات، منبّهًا إلى أهمية الاستثمار في أنظمة أمان شاملة تتضمن الإنذارات، وكاميرات المراقبة، والغرف الآمنة.
وقال ديفيس: “من المؤسف أننا نعيش في بلد يحتاج فيه الناس لبناء غرف آمنة في منازلهم، ولا سيما أن بعض هذه الهجمات تحدث بينما تكون الزوجات أو الشركاء والأطفال في المنزل”.
وأضاف: “يجب على النجوم، سواء كانوا لاعبي كرة قدم أو نجومًا سينمائيين، أن يتجنبوا نشر تفاصيل حياتهم ومقتنياتهم، خصوصًا عندما يسمحون للمجلات بالتصوير داخل منازلهم أو يتفاخرون بساعاتهم الثمينة وسياراتهم”.
واختتم ديفيس قائلًا: “لو كنت ناصحًا أحدًا، لأوصيته بالحد من الظهور العلني والابتعاد عن نشر تفاصيل الحياة الخاصة”.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
12°C