هل نقص خبراء الأمن السيبراني يهدد مستقبل الاقتصاد الرقمي في بريطانيا؟

يحذر خبراء الصناعة والأكاديميون من أن بريطانيا تواجه فجوة خطيرة في أعداد خبراء الأمن السيبراني، ما يعرّض الشركات والمواطنين لمخاطر متزايدة في ظل تصاعد الهجمات الإلكترونية. ومع النمو السريع للاقتصاد الرقمي البريطاني، يرى المتخصصون أن منظومة التدريب الحالية، التي وُصفت بأنها “مجزأة وعتيقة تعود للقرن العشرين”، عاجزة عن تلبية احتياجات سوق العمل وتأمين بنية رقمية قادرة على مواجهة تهديدات القرن الحادي والعشرين.

تحذيرات من نظام تدريب متخلف وفجوة مهارية متصاعدة

أكد خبراء من جامعة دي مونتفورت في ليستر أن النظام التعليمي والتدريبي في مجال الأمن السيبراني يفتقر إلى وحدة المعايير، وتعريف واضح للأدوار، ومسارات مهنية متسقة عبر القطاعات المختلفة. وأشاروا إلى أن غياب إطار موحد للمهارات يفاقم النقص الحاد في الكفاءات المؤهلة، ويترك الشركات، خصوصًا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، معرضة بشدة للهجمات الإلكترونية مع تسارع اعتماد الأنظمة الرقمية. كما أوضحوا أن هذا التحدي يأتي في وقت تعتبر فيه الاستراتيجية الصناعية لعام 2030 الاقتصاد الرقمي محورًا للنمو الوطني، فيما تشهد البلاد ارتفاعًا في الهجمات البارزة التي تخلف أضرارًا كبيرة بالأعمال.

دعوات إلى تحرك حكومي عاجل

وركز تقرير أبيض أعده خبراء بالتعاون مع المجموعة البرلمانية للأمن السيبراني على خمس خطوات أساسية لمعالجة الأزمة، أبرزها إنشاء فريق عمل وطني بقيادة وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا (DSIT) لوضع “تصنيف وطني لمهارات الأمن السيبراني”، وإنشاء هيئة مركزية لإدارته. كما دعا التقرير إلى تحفيز الشركات على تبني أنظمة توظيف قائمة على المهارات، وربط التعليم والمسارات المهنية بالوظائف الواقعية في القطاع. وحذر د. إيسميني فاسيليو، المؤلف الرئيس للتقرير، من أن “الاقتصاد الرقمي للقرن الحادي والعشرين لا يمكن حمايته بأنبوب مهارات من القرن العشرين”، مشيرًا إلى أن الفجوة المهارية أصبحت أزمة تهدد الطموحات الصناعية البريطانية، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد.

إجماع برلماني على ضرورة التحرك

قال النائب دان ألدريدج، رئيس المجموعة البرلمانية للأمن السيبراني، إن “بناء قوة عاملة رقمية قادرة ومرنة أمر أساسي لمستقبل اقتصادنا وأمن مواطنينا”، داعيًا البرلمان للتعامل مع التقرير كـ”نداء للعمل” وليس مجرد وثيقة استراتيجية. وأكد أن ضمان إتاحة فرص تعلم المهارات الرقمية للجميع يعد حجر الأساس في حماية الأعمال والمجتمعات من التهديدات المتصاعدة.

إن النقص المزمن في الكفاءات السيبرانية لا يهدد فقط أمن البنية التحتية الرقمية في بريطانيا، بل يضعف قدرتها التنافسية عالميًا ويعرض مؤسساتها لخسائر فادحة. وترى العرب في بريطانيا أن معالجة هذه الفجوة تتطلب إصلاحًا جذريًا وسريعًا لنظام التدريب، مع شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص والجامعات، لضمان بناء قوة عمل سيبرانية وطنية قادرة على حماية اقتصاد المستقبل.

المصدر: ديجيت 

إقرأ أيّضا

انخفاض كبير في أعداد الوظائف الشاغرة في بريطانيا.. وهذه هي الأسباب

بريطانيا تنضم ل 27 دولة في دعوة لوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فورًا

احذف رسائلك الإلكترونية القديمة ووفّر الماء: نصائح من وكالة البيئة البريطانية