رفع الرسوم الجامعية في بريطانيا إلى 9500 باوند سنويًا

أعلنت الحكومة البريطانية عن رفع رسوم التعليم الجامعي في إنجلترا وويلز إلى 9,535 باوند سنويًّا، في أول زيادة من نوعها منذ عام 2017، في ظل انتقادات من جامعات تقول إنها تواجه ضغوطًا مالية متصاعدة، وتحذيرات من آثار هذا القرار على العدالة التعليمية والفرص المتاحة للطلبة من الطبقات ذات الدخل المحدود.
رسوم أعلى وقروض معيشية أكبر… ولكن هل تكفي؟

بلغت الزيادة في الرسوم الجامعية 285 باوند سنويًّا، أي ما يعادل 3 في المئة، وهي نسبة اعتبرتها وزارة التعليم “متماشية مع معدل التضخم”. وبالتوازي رُفِع الحد الأقصى للقرض المعيشي ليصل إلى 10,544 باوند سنويًّا للطلبة من إنجلترا الذين يعيشون خارج منازل ذويهم وخارج لندن، بعد أن كان 10,227 باوند. هذا القرار يشمل أيضًا ارتفاعًا في القروض المعيشية لطلبة المناطق الأخرى من المملكة المتحدة، مع اختلافات بحسَب السياسات المحلية في كل من اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية.
الجامعات البريطانية عبّرت عن قلق متزايد من فجوة التمويل، ولا سيما بعد تحذير من مكتب الطلاب في إنجلترا أفاد بأن أكثر من 40 في المئة من الجامعات قد تسجّل عجزًا ماليًّا بحلول صيف 2025. ويعود ذلك جزئيًّا إلى انخفاض أعداد الطلبة الدوليين وتأثير التضخم، ما أفقد الرسوم الحالية قيمتها الحقيقية، وأدى إلى تهديدات بتقليص الكوادر الأكاديمية والبرامج الدراسية.
تكاليف السكن الجامعي تلتهم القروض

في الوقت ذاته، تتواصل موجة ارتفاع إيجارات السكن الجامعي بوتيرة لافتة. دراسة حديثة من معهد السياسات التعليمية ومؤسسة “يونيبول” الخيرية كشفت عن قفزة من 6,520 باوند في السنة في 2021–2022 إلى 7,475 باوند في 2023–2024 في المدن البريطانية الكبرى (باستثناء لندن وإدنبرة). وفي مدن مثل بريستول ونوتنغهام، وصل متوسط الإيجارات إلى 9,200 و8,427 باوند سنويًّا على التوالي، أما متوسط الإيجار في لندن فقد بلغ 13,595 باوند في العام الدراسي 2024–2025.
رغم رفع القروض، تؤكد التحذيرات أن القرض المعيشي لا يغطي سوى تكاليف الإيجار في معظم الحالات، ما يترك الطلبة في مواجهة صعبة مع باقي النفقات الأساسية مثل الغذاء والنقل والمستلزمات الدراسية. وقد أظهر استطلاع 2025 من معهد “هيبي” أن 68 في المئة من الطلبة الجامعيين بدوام كامل يعملون خلال الفصل الدراسي، مقارنة بـ45 في المئة في عام 2022.
الديون تتراكم… والعوائد متفاوتة

أصبحت قواعد سداد القروض أكثر صرامة منذ 2023، ما يعني أن خريجي إنجلترا قد يضطرون إلى تسديد مبالغ أكبر ولمدد أطول من الأجيال السابقة. وقدّر متوسط الدَّين على الخريجين الذين بدأوا السداد في إبريل 2025 بنحو 53,000 باوند.
ومع أن بيانات وكالة إحصاء التعليم العالي تشير إلى أن الخريجين في المتوسط يكسبون أكثر من غيرهم، فإن الفوارق بين التخصصات تبقى صارخة. دراسة صادرة عن معهد الدراسات المالية أفادت بأن الرجال الذين درسوا الطب أو الاقتصاد حققوا أرباحًا إضافية تصل إلى 500,000 باوند خلال حياتهم المهنية، مقارنة بأولئك الذين لم يلتحقوا بالجامعة، أما النساء الحاصلات على شهادات في الفنون أو اللغات فلم يحقّقن عوائد تفوق من لم يدخلن التعليم الجامعي.
دعم إضافي محدود وغير كافٍ

تقدم بعض الحكومات المحلية مساعدات لا تُستردّ، مثل المنح المعيشية في ويلز وأيرلندا الشمالية، تصل إلى 10,124 باوند سنويًّا في بعض الحالات. أما في اسكتلندا، فيتوفر دعم محدود لبعض الفئات مثل الطلبة الذين لديهم أطفال. لكن هذه المساعدات تبقى غير متوفرة لجميع الطلبة، ولا تغطي سوى نسبة ضئيلة من التكاليف المرتفعة، ما يجعل دعم الأسرة أو العمل الجزئي ضرورة لا خيارًا.
جدير بالذكر أن تزامن رفع الرسوم مع ازدياد تكلفة المعيشة ومحدودية الدعم الحكومي يعمّق الفجوة التعليمية والاجتماعية، ويحوّل التعليم الجامعي من حق إلى امتياز. هذا المسار لا يهدد مبدأ تكافؤ الفرص فقط، بل يعيد إنتاج الفوارق الطبقية على أبواب الجامعات. في ظل استمرار السياسات المالية القائمة، يبقى السؤال قائمًا: هل التعليم العالي في بريطانيا لا يزال وسيلة للارتقاء الاجتماعي… أم بات عبئًا يثقل كاهل من لا يملكون؟
المصدر: بي بي سي
إقرأ أيّضا
من الجمر إلى القمم: كيف تصنع المحن عظماء الأمم؟
ضربة لحزب العمال: 6 أعضاء بمجالس محلية ينضمون لحزب كوربين الجديد
50 مليون باوند هدرت هباءً.. مركز لجوء حكومي لم يسكنه أي مهاجر
الرابط المختصر هنا ⬇