هل يجب أن تسير بريطانيا على خطا بايدن وتلغي الديون الدراسية للطلبة؟
دعا خبراء في مجال التعليم والاقتصاد حكومة المملكة المتحدة إلى النظر في إلغاء الديون الدراسية للطلبة احتذاءً بالتجربة الأمريكية، إذ سيعود ذلك بالكثير من الفوائد على كل من المجتمع والاقتصاد البريطاني.
وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن محو 10.000 دولار -أي ما يعادل 8.500 باوند- من الديون الدراسية لكل طالب لا يتجاوز دخله السنوي 125000 دولار في العام الواحد، أي 106000 باوند في العام الواحد.
كما أقرَّت الإدارة تشريعًا ينص على اقتطاع مبلغ 20.000 باوند من تكاليف الطلاب الذين يواجهون ظروفًا معيشية متدنية.
شطب الديون الدراسية للطلبة الأمريكيين ودعوات لخطوة مشابهة في المملكة المتحدة
وقد طالب كل من السيناتورين الأمريكيين تشاك شومر وإليزابيث وارن بمحو ما يصل إلى 50000 دولار من ديون كل مقترض، الأمر الذي كان سيؤدي إلى التخلص من ديون خُمُس المواطنين الأمريكيين.
وتساءل بعض أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي عن سبب دفع ديون حمَلة الشهادات العليا من أموال غير الخريجين، لكن الرئيس بايدن أكد أن ديون الطلاب عبء ثقيل جدًّا لدرجة أن كثيرًا من الطلاب لا يستطيعون الوصول إلى مستوى الطبقة المتوسطة رغم حصولهم على شهادات عليا.
يبلغ إجمالي ديون الطلاب الملتحقين بجامعات إنجلترا 182 مليار باوند، ويبلغ متوسط الرسوم الدراسية لكل طالب نحو 9.250 باوند، إلى جانب قروض الحياة الجامعية التي تتراوح بين 3697 و12667 باوند (اعتمادًا على دخل أسرة الطالب ومكان إقامته).
ويمكن أن تصل ديون الطالب بعد التخرج في إحدى جامعات إنجلترا إلى 458000 باوند، وسيزيد هذا المبلغ بمقدار 3343 باوند؛ نظرًا إلى رفع الفائدة على القروض الدراسية بنسبة 7.3 في المئة، ما سيصعِّب عملية سداد القرض؛ إذ تتراكم الديون الدراسية للطلبة بشكل أسرع من قدرتهم على السداد؛ نظرًا إلى الارتفاع المتسارع في نسبة الفائدة.
هذا وجمَّدت إدارة بايدن الفوائد المفروضة على الديون الدراسية للطلبة قبل البدء بعملية سداد القروض على عكس حكومة المملكة المتحدة التي تبدأ بفرض الفائدة على القرض الدراسي منذ أول أيام الدوام الجامعي!
وبالنسبة إلى كثير من طلاب الجامعات الإنجليزية فقد يصبح القرض الدراسي ضريبة تخرُّج يدفعونها مدى الحياة، وخصوصًا بالنسبة إلى الخريجين في بعض الاختصاصات الجامعية التي توفِّر لهم عملًا متواضعًا براتب قدره 30 باوند، حيث ستصل نسبة الضرائب المفروضة على مثل هؤلاء الطلاب إلى 42.25 في المئة (20 في المئة لضريبة الدخل، و13.25 للتأمين الوطني، و9 في المئة لسداد الديون).
ووصف بعض الناس نظام الديون الدراسية للطلاب بالنظام الاحتيالي؛ لأن الخريجين لا يكسبون في حياتهم ما يكفي من المال لسداد القروض والفوائد.
ويبلغ حد السداد حاليًّا نحو 27295 باوند، وإلى جانب نسبة الفائدة البالغة 7.3 في المئة لا بد أن يحصل الطالب على 65000 باوند في العام ليتمكن من تخفيض ديونه نظرًا إلى سرعة تراكم الفوائد.
إن إلغاء 56 في المئة من ديون الطلاب سيتطلب من الحكومة دفع نحو 102 مليار باوند.
ما الفوائد الاقتصادية لشطب الديون الدراسية في بريطانيا؟
وفي الواقع يدفع الطلاب للحكومة البريطانية نحو 2.5 مليار باوند فقط من الديون الدراسية للطلبة كل عام، ومن ثَمّ يمكن للحكومة أن تُلغِي قروضًا بقيمة 2.5 مليار باوند في كل عام، مع إلغاء الرسوم الدراسية لمنع تراكم الديون.
إن الاعتماد على الدولة بدلًا من الطلاب في تمويل الدراسة يُشكِّل اعترافًا بأهمية التعليم ومنفعته الجماعية، ولا بد أن يُموَّل على هذا النحو كما هو الحال في اسكتلندا والنرويج والدنمارك وفنلندا حيث أُلغِيت الرسوم الدراسية.
وهذا من شأنه أن يوفر مئات الباوندات على الخريجين الذين سيُنفِقون أموالهم في قطاع الاقتصاد والترفيه الذي يواجه ضغوطًا كبيرة، كما سيعود ذلك بالمزيد من الأموال على الحكومة عبر دفعهم ضريبة القيمة المضافة.
وسيؤدي أيضًا إلى إنقاذ كثير من الوظائف في القطاعات الاقتصادية المتضررة، ما سيقلل من اعتماد الناس على مدفوعات الضمان الاجتماعي.
وسيُمكِّن الخريجين من إيداع ودائع ضخمة لشراء بيوت خاصة بهم، وكسر هيمنة شركات العقارات الضخمة على قطاع الإسكان.
وسيساهم ذلك في تصحيح الخطأ التاريخيّ الذي بدأ مع فرض الضرائب على التعليم بدلًا من الدخل، إذ يستفيد المجتمع بشكل كبير من أصحاب المهارات سواء كانوا ممثلين، أو معلمين، أو مهندسين أو أطباء.
وبالنسبة للذين يكسبون الكثير من المال سواء كانوا جراحين أو لاعبي كرة قدم فلا بدَّ من أن يدفعوا ضرائب مرتفعة أيضًا.
وإذا كانت الحكومة بحاجة لجمع المزيد من الأموال فلا بدَّ من الاعتماد على ضرائب الدخل أو الضرائب المنخفضة المفروضة على المبيعات والأسهم والممتلكات، مع الحرص على تجنب فرض الضرائب على التعليم.
لكن ديون الدراسة هي ليست الأكثر ضررًا بالنسبة للمجتمع البريطانيّ.
ومن الحجج التي تسوقها الحكومة في عدم شطب الديون الدراسية للطلبة هي أنّ ذلك سيشكل دعمًا للعديد من الطلاب من أصحاب الدخل المتوسط أو المرتفع، في ظل وجود الكثير من العاملين في وظائف منخفضة الأجر إلى جانب المعتمدين على المساعدات الحكومية.
نظام احتيالي للقروض واقتصاد مُهدد
هذا وتفرض شركات بطاقات الائتمان أو شركات القروض حوالي 0.8 باوند في اليوم أي ما يعادل 292 في المئة سنويًّا، وتسبب هذه القروض إشكالية أكبر من الديون الدراسية للطلبة.
وتساعد مثل هذه القروض على تغطية النفقات في المقام الأول وتعويض النقص في المصاريف، لكن الفوائد المرتفعة ستزيد من النفقات خلال الأشهر القادمة، وهو ما سيواجهه مئات الآلاف من الأشخاص إذا فقدوا وظائفهم أو انخفضت ساعات عملهم.
ويبقى السؤال لماذا تسمح الحكومة البريطانية للبنوك بفرض معدلات فوائد ربوية على القروض؟ وهل يساهم ذلك في سياسة إفقار الناس ودعم الشركات المالية.
وتعزم الشركات المالية على نهب الناس والاقتصادات المحلية على حد سواء.
هذا وتستطيع الحكومة البريطانية الاستدانة من بنك إنجلترا بنسبة فائدة تصل إلى 1.75 في المئة، ولا بدّ من فرض نفس هذه النسبة على أصحاب القروض من الناس العاديين.
وكانت حكومة المملكة المتحدة قد أنشأت بنوكًا خاصة لمواجهة الأصول المالية السوداء وإنقاذ النظام المصرفيّ، وذلك قبل عقد ونصف من الآن عندما تعرضت البنوك لأزمة مالية عاصفة.
وسمحت هذه الآلية للناس بالتخلص من الديون المتعثرة وإعادة تمويل البنوك وفرض فوائد منخفضة، وتجنب الرسوم الباهظة التي تفرضها بعض البنوك.
ويتساءل العديد من الخبراء الاقتصاديون لماذا لا يتمّ مساعدة الناس كما جرى مع البنوك قبل عقد ونص.
يعاني العديد من سكان المملكة المتحدة من تراكم الديون، ويواجهون ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف المعيشة، لذلك فإنّ البنية الاقتصادية للبلاد على وشك الانهيار، وكما أنقذت الحكومة البنوك من الدين التراكم فلا بدَّ من دعم الناس وإنقاذهم أيضًا.
اقرأ أيضاً :
كم تبلغ تكاليف الدراسة الجامعية للطلبة المقيمين في بريطانيا ؟
9 نصائح للطلاب للمساعدة في الادخار في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة
ست خطوات لتحسين وصول الطلاب المهاجرين للدراسات العليا في بريطانيا
الرابط المختصر هنا ⬇
