الحكومة البريطانية تقترض 11.7 مليار باوند خلال نوفمبر وسط ضغوط اقتصادية
أظهرت بيانات رسمية أن الحكومة البريطانية اقترضت أكثر من المتوقع خلال شهر نوفمبر، في وقت يواجه فيه الاقتصاد ضغوطًا متزايدة سبقت إعلان وزيرة المالية راشيل ريفز عن ميزانيتها الخريفية في 26 نوفمبر.
وبحسب مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، بلغ صافي اقتراض القطاع العام — أي الفارق بين إنفاق الدولة وإيراداتها — 11.7 مليار باوند في نوفمبر، وهو مستوى يفوق توقعات “السيتي” التي رجّحت عجزًا بحدود 10 مليارات باوند.
أقل اقتراض لشهر نوفمبر منذ أربع سنوات… رغم زيادة الإنفاق

قال توم ديفيز، كبير الإحصائيين في مكتب الإحصاءات الوطنية، إن اقتراض نوفمبر كان الأدنى لهذا الشهر منذ أربعة أعوام، رغم ارتفاع الإنفاق.
وأوضح أن السبب الرئيسي لانخفاض الاقتراض مقارنة بالعام الماضي يعود إلى زيادة الحصيلة من الضرائب ومساهمات التأمين الوطني. لكنه أشار في المقابل إلى أن الاقتراض منذ بداية السنة المالية حتى الآن أعلى من العام الماضي.
وعلى مستوى السنة المالية حتى نوفمبر، وصل إجمالي الاقتراض إلى 132.3 مليار باوند، بزيادة 10 مليارات باوند مقارنة بالفترة نفسها (ثمانية أشهر) من عام 2024.
ويعد هذا الرقم ثاني أعلى مستوى مسجّل لهذه الفترة بعد عام 2020، الذي شهد ذروة جائحة كوفيد.
تحذيرات من صعوبة الالتزام بتوقعات الاقتراض للعام المقبل
اعتبر مات سوانيل، كبير المستشارين الاقتصاديين في EY Item Club، أن تجاوز اقتراض نوفمبر للتوقعات قد يرفع مخاطر عدم تطابق مسار الاقتراض مع توقعات مكتب مسؤولية الموازنة (OBR) للعام المقبل.
وأضاف أن الحكومة خلال الأشهر القادمة ستحتاج إلى خفض عجز الموازنة الجارية بوتيرة أكبر بكثير مما حققته في العام الماضي.
خفض سادس للفائدة منذ أغسطس الماضي… ونشاط اقتصادي يتراجع

تزامنت بيانات الاقتراض مع قرار بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة للمرة السادسة منذ أغسطس من العام الماضي، في خطوة خففت بعض الضغوط عن المقترضين وقدمت دفعة قبل موسم أعياد نهاية العام لاقتصاد بريطانيا المتعثر.
وفي الوقت نفسه، شهد الاقتصاد تباطؤًا في الفترة التي سبقت ميزانية 26 نوفمبر، حيث أثرت التكهنات بشأن التغييرات الضريبية على إنفاق الأسر واستثمارات الشركات.
وتُظهر أرقام رسمية أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بشكل غير متوقع في أكتوبر، فيما يتوقع بنك إنجلترا أن يكون النمو متجهًا إلى الركود تقريبًا خلال الربع الرابع.
سجال سياسي: حكومة الظل تتهم العمال بـ“الإنفاق المتهور”
هاجم ميل سترايد، وزير المالية في حكومة الظل، مستويات الاقتراض خلال السنة المالية، قائلًا إن الاقتراض عند 132 مليار باوند هو الأعلى خارج فترة الجائحة، معتبرًا أن حزب العمال “اختار إنفاقًا أكثر تهورًا” في الميزانية عبر “تكديس ديون أعلى فأعلى”.
وبعد عام من الجدل حول مدى التزام وزيرة المالية بقواعدها المالية التي وضعتها لنفسها، عززت ريفز — وفقًا للبيانات — هامشها أمام قاعدة الاستقرار الرئيسية إلى 22 مليار باوند، بما يمنح الحكومة مساحة مناورة أكبر إذا تدهورت المالية العامة لاحقًا.
من جانبه، قال جيمس موراي، كبير أمناء وزارة الخزانة، إن الحكومة تستهدف تحقيق وفورات في الميزانية، مشيرًا إلى أن 1 باوند من كل 10 باوندات تُنفقها الدولة يذهب إلى فوائد الدين، وهو ما يقلل ما يمكن توجيهه إلى الخدمات العامة.
وأضاف أن ميزانية الشهر الماضي جاءت ضمن تعهد الحكومة بخفض الدين والاقتراض.
لماذا ارتفعت الإيرادات؟ التأمين الوطني يرفع “المساهمات الاجتماعية” بـ3 مليارات

تشير أحدث القراءة إلى أن الإيرادات من المساهمات الاجتماعية الإلزامية ارتفعت بمقدار 3 مليارات باوند مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 17.2 مليار باوند، بعد تطبيق تغييرات على معدل مساهمات التأمين الوطني التي يدفعها أصحاب العمل منذ أبريل.
وعلى مستوى السنة حتى نوفمبر، بلغت المساهمات الاجتماعية الإلزامية 131.2 مليار باوند، بزيادة قدرها 21 مليار باوند مقارنة بالفترة نفسها من 2024.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن بيانات الاقتراض لشهر نوفمبر تعكس استمرار هشاشة التوازن المالي في بريطانيا، رغم التحسن النسبي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وتُظهر في الوقت ذاته أن ارتفاع الإيرادات الضريبية وحده لا يكفي لتبديد القلق ما دام الاقتصاد يواجه تباطؤًا وغيابًا واضحًا للزخم في النمو.
كما أن النقاش الحقيقي يجب أن يتركز على كيفية حماية الفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع تكاليف المعيشة، وضمان أن أي سياسات لخفض الاقتراض لا تتحول إلى تقليص للخدمات العامة أو إضعاف لشبكات الأمان الاجتماعي، مع شفافية أعلى في تقديم أرقام المالية العامة وقياس أثر القرارات الاقتصادية على الناس لا على المؤشرات فقط.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
