كشفت دراسة جديدة أجرتها شركة “ديفيز” أن برامج التلمذة الصناعية باتت تشكل نموذجًا فعالًا من حيث التكلفة لتوظيف المواهب في القطاع المالي البريطاني، حيث أظهرت النتائج أن هذا النوع من التوظيف يسهم في ترسيخ الولاء الوظيفي، ويدفع المتدربين نحو مسارات مهنية طويلة الأمد داخل مؤسساتهم.
تعد التلمذة الصناعية آلية تعليمية وتدريبية تتيح للأفراد اكتساب المهارات والخبرات العملية تحت إشراف خبراء في مجالاتهم، مما يجعلها بديلاً رئيسيًا للتعليم الجامعي بالنسبة لمن يسعون إلى دخول سوق العمل مباشرة بعد المدرسة. وإلى جانب دورها في تأمين فرص عمل أكثر شمولية لفئات مجتمعية متنوعة، تشهد برامج التلمذة الصناعية انتشارًا متزايدًا في القطاع الاستشاري، كما بدأ تأثيرها يمتد إلى قطاعات أخرى تتأثر بالاستشاريين.
إقبال متزايد من القطاع المالي
تشير نتائج أبحاث “ديفيز” إلى أن المؤسسات المالية في المملكة المتحدة باتت تعتمد بشكل متزايد على التلمذة الصناعية لاستقطاب المواهب من فئات كانت في السابق خارج نطاق اهتمامها. فقد أظهرت دراسة استقصائية أجريت على 504 موظفين بدوام كامل في شركات الخدمات المالية أن 57% من الشركات تمتلك برامج تلمذة صناعية، بينما أفاد 8% بعدم تيقنهم من وجود مثل هذه البرامج في شركاتهم.
وفي هذا السياق، صرح كريج بوتر، الشريك الأول في مجال التعليم المهني لدى “ديفيز”، قائلًا: “أبرز ما تكشفه هذه الدراسة هو مدى الفائدة التي تحققها برامج التلمذة الصناعية لمؤسسات القطاع المالي. إذ تقدم معظم الشركات الآن وظائف دائمة لخريجي هذه البرامج، كما أن نسبة كبيرة منها خفضت تكاليف التوظيف نتيجة لذلك، مما يجعلها وسيلة فعالة لضمان استدامة المواهب في سوق العمل.”
أكد 71% من المشاركين الذين تمتلك شركاتهم برامج تلمذة صناعية أن هذه البرامج أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنةً بتوظيف الخريجين أو الموظفين المبتدئين، فيما أشار 73% منهم إلى أن الشركات تعرض وظائف دائمة للمتدربين فور اجتيازهم البرامج بنجاح. وتتيح هذه الآلية لكل من الموظفين الجدد وأصحاب العمل فرصة التأكد من مدى توافقهم مع الوظيفة قبل الانتقال إلى مرحلة التوظيف الدائم.
توفر هذه البرامج أيضًا بيئة تدريبية داعمة، مما يساعد المتدربين على التكيف مع مهامهم تدريجيًا بدلًا من الاضطرار إلى مواجهة بيئة العمل دون استعداد كافٍ. وكشفت نتائج الدراسة أن 85% من المشاركين يرون أن التلمذة الصناعية تعزز مستوى الولاء الوظيفي لدى المتدربين، فيما أكد 78% منهم أن غالبية خريجي هذه البرامج يواصلون مسيرتهم المهنية داخل المؤسسات التي بدأوا العمل فيها.
عوائق تقف أمام انتشار التلمذة الصناعية
رغم هذه النتائج الإيجابية، تشير أبحاث “ديفيز” إلى وجود عراقيل تحول دون استفادة جميع الشركات المالية من برامج التلمذة الصناعية. وأفاد 74% من المشاركين بأن “ضريبة التلمذة الصناعية”، التي توفر تمويلًا حكوميًا لدعم تدريب المتدربين، تشكل حافزًا أساسيًا لاعتماد هذا النهج. غير أن 15% من الشركات التي لا تمتلك برنامج تلمذة صناعية ذكرت أنها لا تعرف كيفية الاستفادة من هذه الضريبة، بينما أشار 11% إلى عدم معرفتهم بكيفية إنشاء برنامج تلمذة صناعية من الأساس.
وفي تعليق على هذه المسألة، أوضح بوتر: “من المقلق أن أكثر من ثلث الشركات تفوت فرص الاستفادة من هذه الفوائد، سواء بسبب نقص المعلومات حول كيفية إنشاء برنامج تلمذة صناعية أو بسبب تصورات خاطئة عن مدى جدواها. كما أن عدم الإلمام بكيفية الاستفادة من ‘ضريبة التلمذة الصناعية’ يشكل تحديًا خاصًا، لا سيما في ظل خطط الحكومة المقبلة لتحويلها إلى ‘ضريبة النمو والمهارات’ في ظل حكومة العمال. ومن الضروري تكثيف الاستثمارات في نشر الوعي حول مزايا هذه البرامج لضمان استدامة المواهب التي يحتاجها القطاع المالي للنمو خلال السنوات القادمة.”
ديفيز تعزز استثماراتها في قطاع التدريب
تعد “ديفيز” واحدة من أكبر مزودي خدمات التدريب في المملكة المتحدة لقطاعي الخدمات المالية والتأمين. وتأتي هذه الدراسة عقب استحواذ الشركة مؤخرًا على الأصول التجارية لشركة “بيسبوك ترينينغ سوليوشنز”، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدراتها في مجال التعلم والتطوير.