هل ترسل بريطانيا مرتزقة للقتال إلى جانب الاحتلال؟
انتهى الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي بمقتل 1200 شخص، منهم الشاب العشريني البريطاني ناثانيل يونغ الذي كان يخدم في صفوف جيش الاحتلال بوصفه عريفًا، ما أثار العديد من التساؤلات بشأن دور بريطانيا في إرسال المرتزقة إلى إسرائيل.
هذا وقد أبدى العديد من المواطنين البريطانيين استعدادهم للانضمام إلى صفوف الجيش الإسرائيلي، وهو ما أكده رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون بعد لقائه مجموعة من المرتزقة البريطانيين في القدس.
جونسون يلتقي بمرتزقة بريطانيين في صفوف قوات الاحتلال
وأشاد جونسون بقتال هؤلاء إلى جانب جيش الاحتلال، وألقى التحية على المرتزق البريطاني سام سانك الذي انضم إلى صفوف جيش الاحتلال في عام 2009، وقد كان حينها في الـ18 من عمره.
وقال سانك لصحيفة التايمز: “إن مئات البريطانيين -إن لم يكن الآلاف منهم- يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال”.
وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على تورط مرتزقة بريطانيين في احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وبعض الأراضي السورية، حتى قبل بدء الحرب الأخيرة في غزة، وهو ما ورد في مذكرات سانك الذي خدم بوصفه جنديًّا مظليًّا على امتداد الأراضي المحتلة من فلسطين حتى الجولان.
واعترف سانك بحراسة إحدى المستوطنات اليهودية الواقعة بعد الخط في إشارة إلى الحدود بين الأراضي المحتلة والضفة الغربية، وأشار إلى تفاوت الحدود مع الضفة الغربية.
ووصف سانك الضفة بمستشفى المجانين، وقال: إن الجيش الإسرائيلي ما زال متماسكًا وقادرًا على حماية اليهود من أي تهديد.
واستقر سانك في إحدى القواعد العسكرية الإسرائيلية في الجولان المحتل الذي ضمته إسرائيل إلى الأراضي المحتلة عام 1967، علمًا أن الحكومة البريطانية كانت قد أكدت عام 2019 أنها لم تعترف بضم إسرائيل للجولان عام 1967 بموجب قوانين الأمم المتحدة التي تحظر ضم الأراضي بالقوة.
صمت مطبق!
ورغم هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي فإن ذلك لم يستدعِ أي تنديد من رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون عندما التقى المرتزقة البريطانيين الذين يقاتلون إلى جانب قوات الاحتلال.
وليس هذا فحسب، بل عبر جونسون عن “اشمئزازه” مما وصفه “بالفظائع” التي ترتكبها حماس.
وقد تولت مؤسسة (Lone Solidarity) تنظيم لقاء جونسون بالمرتزقة البريطانيين، وهي عبارة عن مؤسسة خيرية تقدم الدعم لآلاف المهاجرين البريطانيين الذين يخدمون في صفوف قوات الاحتلال.
وجاءت زيارة جونسون بعد أن طالب المركز الدولي للعدالة الفلسطينية لوزارة الخارجية البريطانية بتوضيح فوري لمدى قانونية هذا التجنيد، في ظل الظروف الكارثية التي يعيشها قطاع غزة.
إضافة إلى وجود أدلة دامغة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وخطر ارتكاب مزيد من الجرائم الوحشية.
وبهذا الصدد قال جوناثان بورسيل مسؤول الاتصالات في المركز الدولي للعدالة الفلسطينية: “من المستغرب أن يمارس بوريس جونسون ازدواجية المعايير، فهو يدين قتل المدنيين الإسرائيليين وفي الوقت نفسه يدعم انضمام المرتزقة البريطانيين إلى صفوف قوات الاحتلا. إنه يتعاطف مع المدنيين الإسرائيليين لكنه يغلق فمه عندما يتعلق الأمر بالضحايا الفلسطينيين!”.
وأضاف: “على الرغم من ترك جونسون البرلمان البريطاني، فإن دعمه الأعمى لمجرمي الحرب ليس إلا محاولة يائسة لتشتيت الانتباه عن سجله السياسي، ولا سيما بعد فضائح خرقه لقواعد كورونا”.
وردًّا على تورط مرتزقة بريطانيين في جرائم الحرب قالت شرطة العاصمة: “نحن ننظر في الحالات التي تحال إلينا ونقيّمها بما يتماشى مع معايير النيابة العامة”.
هذا ومن المرجح أن يرفض رئيس الوزراء البريطاني الحالي دعوات محاسبة إسرائيل وتحقيق محكمة الجنايات الدولية في الجرائم التي ارتكبتها، وقد سبق أن صرح اللورد ولفسون الذي شغل منصب وزير العدل في حكومة المحافظين بين 2020 و2022 بأنه قضى معظم حياته في إسرائيل وأدى خدمته العسكرية هناك.
وقالت وزيرة الخارجية السابقة التي يقيم زوجها في إسرائيل: “إن بعض المقربين من أفراد الأسرة يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولم يتضح بعد ما إذا كان أقرباؤها هؤلاء يحملون الجنسية البريطانية”.
كيف ينضم البريطانيون إلى جيش الاحتلال؟
يُسمَح للشباب اليهود من الدول الأجنبية بالالتحاق بالقوات الإسرائيلية تحت صفة “سائحين”، ويحصلون على تصاريح إقامة بموجب برنامج (Israel’s Mahal) الخاص بالمتطوعين القادمين من خارج إسرائيل، ويختار العديد من هؤلاء البقاء في إسرائيل بعد إنهاء خدمتهم ويحصلون على الجنسية الإسرائيلية.
ويتلقى هذا البرنامج الدعم عن طريق وكالات مختلفة، منها شركة (Garin Tzbar)، التي يقع مكتبها في العاصمة لندن، ويحصل المرتزقة في جيش الاحتلال الإسرائيلي على ضعف راتب المجندين الإسرائليين؛ بسبب المنح المالية التي تقدمها الدوائر الحكومية الإسرائيلية للمرتزقة.
هذا ورفضت شركة (Garin Tzbar) الكشف عن عدد المرتزقة الذين جنّدتهم لمصلحة قوات الاحتلال، ومع ذلك يصل مزيد من المرتزقة من مطارات بريطانيا إلى الأراضي المحتلة.
وقد كشفت مواطنة بريطانية لصحيفة (Jewish chronicle) عن انضمام ابنها إلى الجيش الإسرائيلي إلى جانب ما يتراوح بين 50 و80 من الشبان اليهود المتدينين.
ومن أبرز الشخصيات البريطانية التي انضمت إلى الجيش الإسرائيلي المتحدث باسم جيش الاحتلال الكولونيل ريتشاد هيشت، الذي هاجر من اسكتلندا إلى إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي، وما زالت لهجته الاسكتلندية واضحة، وقد أكد هيشت أن إسرائيل قصفت مخيم جباليا في غزة، وقتلت مئات المدنيين الفلسطينيين ووصف ذلك بالمأساة التي تسببت بها الحرب.
ومن البريطانيين الذين انضموا إلى جيش الاحتلال الرائد كيرين هاجيوف، التي هاجرت بعمر الـ19 إلى إسرائيل أي عام 2009، وكانت متحدثة باسم جيش الاحتلال عندما تعرضت غزة للقصف عام 2014، وسرعان ما أصبحت المستشارة الخاصة برئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت.
وزعمت واحدة من المرتزقة البريطانيين في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهي العريف ليان هاروش، أنها كادت تتعرض للطعن على يد شاب فلسطيني عام 2021، أثناء حراستها لمستوطنة غير قانونية في الضفة الغربية.
الدعوة للمحاسبة
هذا وسبق أن دعت رئيسة حزب المحافظين سابقًا البارونة سعيدة وارسي إلى محاكمة المواطنين البريطانيين الذين انضموا إلى صفوف جيش الاحتلال.
وعملت وارسي في وزارة الخارجية البريطانية قبل أن تستقيل بسبب موقف ديفيد كاميرون الداعم للحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014.
وأشارت وارسي إلى ممارسة الحكومة البريطانية ازوداجية المعايير، من خلال تجريم المسلمين الذين يتطوعون في صفوف المقاومة، وسماحها لليهود البريطانيين بالانضمام إلى صفوف قوات الاحتلال.
وقالت حينها: “إن المواطنين البريطانيين يجب أن يقاتلوا من أجل بريطانيا فقط”.
المصدر: Declassified UK
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇