جمعيات يهودية بريطانية متورطة بدعم الإبادة في غزة

مع تصاعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، شهد البريطانيون من مختلف المناطق الإبادة الجماعية تُبث على هواتفهم مباشرة، في ظل صدمة من الدعم الذي قدمته حكومتهم لهذا العدوان.
لكن بعيدًا عن الأنظار، يجري تطور آخر لا يحظى بالاهتمام الكافي، حيث تشارك جمعيات خيرية بريطانية، تحت مظلة العمل الخيري، في دعم الإبادة الجماعية دون أن تواجه أي مساءلة قانونية.
وعلى مدار العام الماضي، برزت أمثلة عديدة على هذه الممارسات. من بين هذه الأمثلة كليات أكسفورد وكامبريدج التي تتمتع بوضعية الجمعيات الخيرية، وتستثمر في شركات أسلحة وشركات متورطة في المستوطنات غير القانونية.
تورط مباشر في دعم الاحتلال

من بين الجمعيات التي تواجه اتهامات، شركة (Achisomoch Aid)، التي وُجهت إليها اتهامات بتقديم خدمات جمع التبرعات لمجموعة إسرائيلية تزود الجنود الإسرائيليين بمُعَدات قتالية وتكتيكية. كذلك اتُّهمت منظمة (UK Toremet) بتحويل المساعدات البريطانية (Gift Aid) إلى جماعات استيطانية بهدف منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
أما الصندوق القومي اليهودي (JNF)، فهو يُعد لاعبًا بارزًا في هذه الشبكة. وقد أُسِّس الصندوق في عام 1901 بوصفه منظمة استيطانية استعمارية تسعى إلى شراء الأراضي الفلسطينية وتعزيز الاستيطان.
وبحلول عام 2007، سيطر الصندوق القومي اليهودي على 13 في المئة من الأراضي في إسرائيل، ويُحظَر على الفلسطينيين استخدام تلك الأراضي. كما يسيطر الصندوق على نصف مقاعد مجلس إدارة أراضي إسرائيل، ما يمنحه سلطة هائلة على سياسات الأراضي العامة.
وفي إطار محاولاته لتلميع صورته، يلجأ الصندوق إلى “الغسل البيئي”، حيث يزعم تنفيذ مشاريع لإعادة التشجير. وقد زرع الصندوق 240 مليون شجرة، أطلق عليها “غابات”، لكنها في الواقع مزارع أشجار أحادية النوع تزيد من خطر الحرائق وتدمر التنوع البيولوجي. الأسوأ من ذلك، أن هذه المشاريع تُقام في الغالب على أنقاض قرى فلسطينية مدمرة، مثل غابة بيريا التي بُنيت على أراضي ست قرى فلسطينية مهجرة، بينها قرية عين الزيتون.
الفرع البريطاني للصندوق القومي اليهودي
لم يقتصر تأثير الصندوق على فلسطين، بل امتد إلى بريطانيا. وقد قدّم فرع الصندوق في المملكة المتحدة دعمًا ماليًّا لتدريب الجنود الإسرائيليين وبرامج ما قبل الخدمة العسكرية وما بعدها. كما دعم مستوطنين في الضفة الغربية ومجموعات مسلحة متورطة في انتهاكات ضد الفلسطينيين.
وبالرغم من أن محكمة العدل الدولية قد قضت قبل 20 عامًا بعدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية، وكررت في يوليو 2024 أن الاحتلال الإسرائيلي بأسره غير قانوني، يواصل الصندوق القومي اليهودي العمل دون قيود تُذكر في بريطانيا، مستفيدًا من وضعه كجمعية خيرية مسجلة تخضع لقانون الجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة.
تشير القوانين البريطانية إلى أن الجمعيات الخيرية يجب أن تخدم المصلحة العامة. ومع ذلك، يواصل الصندوق القومي اليهودي الاستفادة من الدعم الضريبي من خلال برنامج (Gift Aid)، ما يعني أن أموال دافعي الضرائب البريطانيين تُستخدم لتمويل أنشطة تنتهك القانون الدولي.
وفي أغسطس 2024، قدم المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين (ICJP) طلبًا للمدعي العام البريطاني ريتشارد هيرمر لإلغاء الوضع الخيري للصندوق. لكن الرد جاء بإحالة الشكوى إلى مفوضية الجمعيات الخيرية، التي تجاهلت لسنوات الشكاوى المقدمة ضد الصندوق رغم أدلة واضحة على انتهاكاته.
المسار القانوني الجديد
في أكتوبر 2024، قدم المركز الدولي للعدالة شكوى إلى مكتب تنفيذ العقوبات المالية (OFSI) عقب إعلان الحكومة البريطانية عقوبات جديدة على المستوطنين غير القانونيين. وجاءت الشكوى لتطالب بالتحقيق في تحويل الصندوق القومي اليهودي مبالغ كبيرة، بلغت مليون باوند بين عامي 2015 و2018، إلى منظمة (HaShomer HaChadash)، التي تعمل بوصفها ميليشيا مسلحة لتأمين المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
وقد فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على أفراد ومجموعات مشابهة، مثل زفي بار يوسف وشباب التلال؛ بسبب دعمهم للبؤر الاستيطانية غير القانونية. وإذا ثبت تورط الصندوق القومي اليهودي في تحويل أموال لهذه الجماعات، فإنه يكون قد انتهك قانون العقوبات البريطاني بشكل صريح.
هذا ويؤكد الخبراء أن السماح للصندوق القومي اليهودي بمواصلة أنشطته كجمعية خيرية يهدد ثقة الجمهور في قطاع الجمعيات الخيرية بأسره. وفي الوقت الذي يبذل فيه المركز الدولي للعدالة جهودًا مضنية لمحاسبة الصندوق، تبقى المسؤولية الكبرى على عاتق المؤسسات البريطانية لإنهاء هذا الوضع الشاذ.
المصدر: ديكلسيفايد
اقرأ أيّضا:
الرابط المختصر هنا ⬇