تحقيق: بريطانيا دعمت سبع إبادات جماعية في العالم.. أحدثها في غزة
يَجِد كثير من البريطانيين صعوبةً في فهم أسباب تواطؤ حكومتهم في دعم عمليات الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة.
ولكن يمكن إدراك هذه المسألة وفهم أسبابها إن دقّقنا في تاريخ بريطانيا في دعم الإبادات الجماعية في مختلف الدول على مر العقود السابقة.
وربما لا يعلم كثيرون عن تاريخ بريطانيا بهذا الشأن؛ بسبب ما يحجبه الإعلام من حقائق عن ماضي بريطانيا وحاضرها.
فقد دعمت بريطانيا بشكل مباشر أو غير مباشر جماعات ارتكبت جرائم الإبادة الجماعية، ويَظهر ذلك جليًّا في عمليات الإبادة الجماعية السبع الآتية:
سبع إبادات جماعية دعمتها بريطانيا.. أحدثها في غزة
إبادة بيافرا (1967-1970)
في أواخر الستينيات، دعمت حكومة العمال بقيادة هارولد ويلسون الحملة العسكرية الوحشية التي شنتها نيجيريا ضد منطقة بيافرا، حيث تسببت هذه الحملة بكارثة إنسانية كبرى، وفرضت نيجيريا حصارًا شاملًا على المنطقة، ما أدى إلى مقتل نحو ثلاثة ملايين شخص نتيجة المجاعة.
وبالرغم من انتشار صور الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في الصحافة البريطانية، رفضت الحكومة البريطانية التخلي عن دعمها لنيجيريا، وقد كشفت الوثائق السرية لاحقًا حجم التواطؤ البريطاني في هذه المجازر، إذ كانت تقدم الأسلحة للجيش النيجيري؛ بهدف الحفاظ على مصالحها النفطية مع البلاد.
إبادة الأكراد في العراق (1963)
قبل أزمة بيافرا، زادت الحكومة البريطانية من صادرات الأسلحة إلى النظام العراقي، في أعقاب حملته العسكرية ضد الأكراد في الشمال. وأظهرت الوثائق السرية أن بريطانيا كانت على علم بأن الصواريخ والمدرّعات التي أرسلتها إلى بغداد ستُستخدَم في تدمير القرى الكردية وتهجير سكانها.
ورغم ذلك فضّلت بريطانيا تقديم مصالحها وعلاقاتها التجارية مع العراق.
قصف حلبجة بالمواد الكيميائية (1988)
وفي الثمانينيات، دعمت حكومة مارغريت تاتشر بشكل غير مباشر نظام صدام حسين، الذي استخدم أسلحة كيميائية في قصف مدينة حلبجة الكردية، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين. ومع أن الحكومة البريطانية أدانت هذه الهجمات، فقد استمرت في إيجاد فرص لبيع الأسلحة للنظام العراقي، معتبرةً ذلك فرصة تجارية واعدة في السوق العراقي.
غزو تيمور الشرقية (1975)
في السبعينيات، دعمت بريطانيا بشكل مباشر غزو إندونيسيا لتيمور الشرقية، الذي قاده الجنرال سوهارتو، وأسفر عن مقتل نحو 200 ألف شخص من سكان تيمور الشرقية. وأظهرت الوثائق السرية أن السفير البريطاني في إندونيسيا كتب توصية للحكومة البريطانية بعدم الاعتراض على الغزو، مشيرًا إلى أنه من مصلحة بريطانيا أن تضم إندونيسيا منطقة تيمور الشرقية.
إبادة نديبيلي في زيمبابوي (1983-1987)
أسهمت بريطانيا في التغطية على مجازر زيمبابوي ضد شعب نديبيلي، حيث كان للحكومة البريطانية فريق عسكري تدريبي على الأرض في زيمبابوي، لكن رغم علم المسؤولين البريطانيين بتفاصيل المجازر التي راح ضحيتها ما بين 10,000 و20,000 شخص، اختاروا سياسة “غضّ الطرف عما يحدث”، وذلك للحفاظ على العلاقات الإيجابية مع حكومة روبرت موغابي، التي كانت تُعَد حليفًا لبريطانيا آنذاك.
الإبادة في رواندا (1994)
وشهد العالم مذبحة رواندا التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أفراد جماعة التوتسي، إذ صوّت سفير بريطانيا في الأمم المتحدة على سحب قوات حفظ السلام من رواندا، ما ساعد مرتكبي المجازر على الاستمرار فيها. ويرى الخبراء أنه لو أُبقِي على قوات السلام، لكان ممكنًا الحدُّ من القتل.
العدوان على غزة (2023)
أما اليوم فنجد بريطانيا تدعم علنًا العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة. وتشير التقارير اليومية إلى حجم الدمار الذي يلحق بالأحياء السكنية والبِنية التحتية في القطاع، إذ استشهد حتى الآن منذ أكتوبر الماضي أكثر من 42 ألف فلسطيني.
ومع ذلك تواصل بريطانيا تقديم الدعم “لإسرائيل”.
ويبقى السؤال: كيف يمكن للحكومة البريطانية تكرار تواطُئِها في جرائم الإبادة الجماعية؟ الجواب يكمن في أن الاعتبارات الأخلاقية وحقوق الإنسان تكون في الغالب ثانوية عند تحديد السياسة الخارجية، حيث تأتي المصالح الاقتصادية والاستراتيجية في المقدمة. وما يزيد الأمر سوءًا أن الوزراء البريطانيين لا يُحاسَبون على تواطُئِهم في هذه الجرائم؛ وذلك بسبب الحصانة القانونية التي تمنع من محاسبتهم على تصرفاتهم الحكومية.
لهذا السبب هناك حاجة ماسّة إلى تفعيل دور المؤسسات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية؛ لمحاسبة الوزراء والمسؤولين البريطانيين على تواطُئِهم في جرائم الحرب، كما يحدث الآن في غزة.
المصدر: Declassified UK
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇