فتحي نمر: لماذا تُدان الشعارات الفلسطينية أكثر من الإبادة الجماعية في إسرائيل؟
مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الرابع، يبدو أن مشهد قتل الفلسطينيين واستهداف المستشفيات والمدارس أصبح أمرًا معتادًا تتناوله وسائل الإعلام الغربية كل يوم، بحسَب ما يرى الصحفي فتحي نمر.
وبينما تستمر إسرائيل بارتكاب المجازر على مرأى العالم ومسمعه، ينشغل الإعلام الغربي بتحليل الخطاب الفلسطيني الذي يحرّض كما تزعم بعض وسائل الإعلام الغربية على ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.
تجاهل متعمد لجرائم الإبادة الجماعية
بل أصبحت وسائل الإعلام الغربية مهووسة بتحليل الخطاب الفلسطيني؛ للكشف عن أدلة متخيلة على التحريض الفلسطيني على ارتكاب إبادة جماعية بحق الإسرائيليين، أما المجازر الفعلية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني فلم تكن أكثر من أخبار ثانوية ترد على شاشات هذه القنوات!
وتساءل فتحي نمر عن السبب وراء هوس الإعلام الغربي بنشر العديد من المقالات والتحليلات الخاصة بمعاني الشعارات الفلسطينية، في حين يتعرض آلاف الأطفال في فلسطين للقصف والتجويع حتى الموت.
ويؤكد فتحي نمر أن نهج الإعلام الغربي في تغطية ما يجري في غزة ليس بجديد على الإطلاق، إذ يعتقد الإعلام الغربي كما يرى النمر أنه يجب على الفلسطينيين مراعاة جميع الجوانب الأخلاقية في خطابهم ضد المحتل؛ كي لا يُتَّهموا بالعنصرية.
ففي العادة تشبّه وسائل الإعلام الغربية حركات مقاطعة إسرائيل والاحتجاجات المنظمة ضدها بتلك التي كانت في زمن الحقبة النازية.
لكن الرقابة على الأصوات الفلسطينية بلغت ذروتها كما يرى النمر بعد أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023، إذ أصبح مجرد إبراز الهُوية الفلسطينية أو إعلان التضامن معها دليلًا على اضطهاد اليهود!
ويشير فتحي نمر إلى أنه بصرف النظر عن طبيعة الخطاب الفلسطيني ومحتوى الشعارات التي يرفعها الفلسطينيون ضد محتليهم، فإنها تُفسَّر دائمًا بدعوة للإبادة الجماعية أو التحريض على العنف.
فتشويه الخطاب الفلسطيني إذن ليس مجرد سوء فهم، بل هو أمر متعمد؛ فقد عجزت القواميس العربية عن إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن حق الفلسطينيين في نيل حريتهم دون إثارة غضب الإعلام الغربي!
ويؤكد فتحي نمر أن التشويه الممنهج للخطاب الفلسطيني ليس إلا محاولة وقحة أخرى لإسكات الفلسطينيين، ولا سيما أن تحليل الغرب للخطاب الفلسطيني يتم على أسس غير متوازنة ويفتقر إلى الموضوعية.
وبالمقابل يكشف الخطاب الإسرائيلي عن العزم الواضح والصريح على الاستمرار في ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية، ويظهر الجانب التحريضي في الخطاب الإسرائيلي دون الحاجة إلى تحليل هذا الخطاب أو قراءة ما بين السطور.
ويستخدم المسؤولون الإسرائيليون لغة واضحة لا لبس فيها، ويتحدثون بكل فخر عن خطط التطهير العرقي للفلسطينيين في قطاع غزة.
خطاب عنيف!
وقد ظهر ذلك غير مرة في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، الذي جرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم ووصفهم بشعب الظلمة والعماليق، في إشارة إلى ما ورد في كتاب صموئيل الأول، عندما تلقى الملك شاؤول أمرًا بذبح جميع العماليق من الرجال والنساء والأطفال الرُّضَّع.
ودعت سفيرة إسرائيل لدى بريطانيا تسيبي هوتوفيلي إلى تدمير قطاع غزة بالكامل، ويشمل ذلك المدارس والمساجد.
واستشهد عضو الكنيست الإسرائيلي موشيه سعادة بتصريحات لإسرائيليين قالوا: “إنه يجب تدمير كل ما في قطاع غزة”.
أما كلمات وزير الدفاع يوآف غالانت فلم تكن تختلف كثيرًا عن الخطاب التحريضي لبقية المسؤولين الإسرائيليين؛ فقد أشار إلى أن بلاده تقاتل حيوانات بشرية، وتعهّد بمنع إدخال الغذاء والماء والكهرباء إلى قطاع غزة المحاصر.
وتذرَّع عضو الكنيست تالي جوتليف بأن سياسة تجويع الفلسطينيين هي سلاح حرب سيمكّن إسرائيل من تجنيد فلسطينيين في غزة للعمل لمصلحتها، وقال: إن أولئك الذين يرفضون مغادرة منازلهم يستحقون الموت.
وصوّر رسّامو الكاريكاتير الإسرائيليون السكان الفلسطينيين على أنهم صراصير وفئران، ودعوا إلى سحقهم، وفي رسومات أخرى شبّهوا ضحايا الإبادة الجماعية بالحشرات.
وإلى جانب التصريحات الإسرائيلية صدر العديد من المقترحات الداعية لتطهير غزة من الفلسطينيين وترحيلهم إلى سيناء، وقد ترددت أنباء عن محادثات أجراها نتنياهو مع عدة دول بشأن إمكانية استيعاب الفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة.
ومع أن مخططات التهجير تطرح تحت عنوان: “المغادرة الطوعية لغزة”، فإن العنصر الطوعي يغيب عن هذه الخطط في ظل عزم إسرائيل تحويل قطاع غزة إلى مكان غير ملائم للسكن.
ولم تقتصر دعوات إبادة الفلسطينيين على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين؛ فقد تصدّرت إحدى الأغاني الإسرائيلية الداعمة للحرب قائمة أشهر الأغاني.
وتشبّه كلمات الأغنية الشعب الفلسطيني بالجرذان والعماليق مستخدمة الكلمات التحريضية نفسها التي وردت في خطاب نتنياهو.
وينشر الإسرائيليون مقاطع مسجلة للرقص على ألحان هذه الأغنية التحريضية التي أصبحت الأكثر تداولًا في إسرائيل.
المصدر: Middle East Eye
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇