شركة الأسلحة الإسرائيلية “إلبيت سيستمز” تخسر 460 ألف باوند

بدأت شركة “إلبيت سيستمز”، أكبر شركة تصنيع أسلحة في إسرائيل، تتكبد خسائر مالية في مصنعها لمحركات الطائرات المسيّرة بالقرب من مدينة برمنغهام، بعد سنوات من الحملات المكثفة التي قادتها “حركة العمل من أجل فلسطين”، وهي مجموعة أُسِّست في عام 2020.
وفي بدايات الحملة، كانت شركة تصنيع “محركات الطائرات المسيّرة” التابعة لإلبيت تحقق أرباحًا كبيرة، مع إيرادات بلغت 11 مليون باوند. إلا أن الوضع المالي للشركة تغير كثيرًا مع ازدياد الأنشطة الاحتجاجية التي نفذتها الحركة، حيث نظمت أكثر من 20 احتجاجًا عند مصنع الشركة في “شينستون”، تضمنت إغلاق البوابات واحتلال السُّطُوح وتحطيم المُعَدات.
تصاعد تكاليف الأمن

واستهدفت هذه الأنشطة الضغط على الشركة؛ بسبب توريدها 85 في المئة من أسطول الطائرات المسيّرة الإسرائيلية، ويشمل ذلك الطائرات المسلحة من طراز “هيرميس” التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في غزة، والتي لا يسلم منها أحد حتى العاملون في توزيع المساعدات البريطانية.
ورغم ادعاءات شركة تصنيع “محركات الطائرات المسيّرة” أن إنتاجها موجه حصريًّا للجيش البريطاني، كشفت بيانات تراخيص التجارة أنها تصدّر أجزاء الطائرات المسيّرة إلى إسرائيل. وعلى مدى عقود، كانت هذه الشركة تجني أرباحًا ثابتة منذ تحولها من مصنع للدراجات النارية إلى شركة أسلحة في منتصف التسعينيات. لكن تقاريرها المالية الأخيرة أظهرت أنها الآن تواجه خسائر مالية، إذ تحولت من ربح تشغيلي قدره 2.5 مليون باوند في عام 2019 إلى خسارة قدرها 460 ألف باوند بحلول نهاية عام 2023.
ويُرجَّح أن انخفاض الأرباح مرتبط بزيادة كبيرة في التكاليف الأمنية التي تكبدتها شركة تصنيع “محركات الطائرات المسيّرة” لحماية موقعها في “شينستون”. وفي بداية الحملة، كان هناك حارس أمن واحد فقط في المصنع، ولكن مع ازدياد الاحتجاجات، زادت الشركة من تدابيرها الأمنية بصفة ملحوظة. وتضمنت هذه التدابير زيادة عدد الحراس، حيث وصل عددهم إلى ستة بحلول عام 2022، معظمهم من العسكريين السابقين، إلى جانب تركيب كاميرات مراقبة وأسلاك شائكة وبوابات أمان متطورة.
وانعكست تلك التدابير الأمنية المكلفة على الحسابات المالية للشركة تحت بند “المصاريف الإدارية”، التي ارتفعت بمقدار مليون باوند تقريبًا.
تعطيل الإنتاج وتراجع الإيرادات

من جهة أخرى، انخفضت إيرادات الشركة بأكثر من الثلث لتصل إلى 7 ملايين باوند في العام الماضي. وقد يكون هذا الانخفاض نتيجة تراجع الطلب على المنتجات أو انتهاء عقود طويلة الأجل، أو صعوبات في الوفاء بالالتزامات الحالية. وتعتمد “حركة العمل من أجل فلسطين” في استراتيجيتها على تعطيل مستمر للشركات المستهدفة، ما قد يؤدي إلى إغلاق المصانع مدة طويلة لإجراء الإصلاحات. ومع عجز الشركة على التنبؤ بتوقيت الاحتجاجات، يصبح التخطيط المسبق للتفادي شبه مستحيل.
ويتسبب هذا النوع من التعطيل بتأخير عمليات التسليم وزيادة وقت الإنتاج، ما يؤدي في النهاية إلى تأخير الوفاء بالعقود العسكرية، وهو أمر له عواقب باهظة التكلفة في قطاع الدفاع. وقد قال الرئيس التنفيذي لشركة إلبيت، مارتن فوسيت، في بودكاست عام 2023: “الثقافة في المملكة المتحدة تقول إذا تأخرت يومًا واحدًا، فإن ذلك يماثل التأخر ستة أشهر، فكلاهما غير مقبول”.
انخفاض الروح المعنوية

ولم تقتصر استراتيجيات “حركة العمل من أجل فلسطين” على تعطيل الإنتاج، بل شملت أيضًا احتجاجات واعتصامات مستمرة، حيث هتف المتظاهرون بعبارات مثل “أجوركم مغطاة بدماء الفلسطينيين”، وهو ما أثر على معنويات العاملين في الشركة. ومن المحتمل أن تكون هذه الحملات قد حدّت من إنتاج الموظفين، ودفعت الإدارة إلى الانشغال بالدفاع عن سمعة الشركة، بدلًا من التركيز على الإنتاج.
وقد بدأت الشركة شيئًا فشيئًا بالرد على الانتقادات علنًا، حيث أصبحت تُدلي بتصريحات رسمية وتوجه رسائل إلى المجتمع المحلي، كما دعت صحفيين لزيارة المصنع. هذه الجهود قد تستهلك الوقت الثمين للإدارة دون أن تغير من الصورة العامة السلبية للشركة.
ومع تراجع أرباح شركة تصنيع “محركات الطائرات المسيّرة”، يبدو أنها تتبع المسار نفسه الذي سلكته شركة “النخبة KL”، وهي شركة فرعية سابقة لإلبيت بِيعت في مارس 2023. وتعرضت هذه الشركة، التي كانت تصنع أجزاءً لدبابات الجيش الإسرائيلي، لحملة مكثفة من “حركة العمل من أجل فلسطين”، ما أدى إلى اضطرابات كبيرة في عملياتها.
وعلى إثر ذلك أغلقت “النخبة KL” مصنعها لعدة أشهر؛ من أجل إعادة بناء الموقع بأعلى معايير الأمان. إلا أن هذه التدابير لم تنجح في إنقاذ الشركة من الأزمة المالية، ما أدى في النهاية إلى بيعها. وبعد استحواذ المالكين الجدد على الشركة، أوقفوا إنتاج الأجزاء الموجهة للجيش الإسرائيلي، وركزوا على تصنيع مكونات لقطاع النقل العام.
ثمن المقاومة

يشار إلى أن إلحاق الضرر الاقتصادي بشركة “إلبيت” يتطلب تضحية كبيرة من الناشطين المشاركين في الحملات، حيث تَتْبَع الاحتجاجاتِ اعتقالاتٌ وقضايا في المحاكم، وأحيانًا أحكام بالسجن. وفي الوقت الحالي يقبع ستة عشر من أعضاء “حركة العمل من أجل فلسطين” في عدد من سجون إنجلترا واسكتلندا.
ورغم المحاولات الإعلامية التي يقودها السياسيون المؤيدون لإسرائيل، مثل وزيرة التجارة السابقة كيمي بادينوك التي زارت “إلبيت” في تل أبيب، فإن الدعم الشعبي للناشطين لا يزال قويًّا. ففي الشهر الماضي، رفضت هيئة محلفين في برادفورد إدانة أربعة من أعضاء الحركة بتهمة إحداث أضرار بمئات الآلاف من الباوندات في مصنع للأسلحة.
جدير بالذكر أن العديد من الناشطين، ومنهم مؤسسو الحركة، يعتبرون تضحياتهم ضرورية من أجل تحقيق الحرية للشعب الفلسطيني، إذ تبدو هذه التضحيات صغيرة مقارنة بالأضرار التي تتسبب بها أسلحة “إلبيت” في حياة الفلسطينيين.
إقرأ أيّضا
- رقم قياسي في جرائم الأسلحة النارية في منطقتين بريطانيتين لعام 2024
- ستارمر يطمئن نتنياهو: تعليق مبيعات الأسلحة لا يضعف إسرائيل!
- طبيبة مسلمة تخسر قضيتها ضد هيئة ال NHS بعد إجبارها على رفع كميّها
الرابط المختصر هنا ⬇