تحذير بحثي: البطالة في بريطانيا تضرب الشباب والخريجين
حذّرت مؤسسة ريزولوشن فاونديشن من أن الشباب في بريطانيا يتحمّلون العبء الأكبر من تدهور سوق العمل، في وقت يُتوقع فيه أن تُظهر البيانات الرسمية هذا الأسبوع ارتفاع معدل البطالة إلى 5.1% خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، في مؤشر جديد على هشاشة التعافي الاقتصادي.
ويأتي تقرير المؤسسة البحثية بالتزامن مع أسبوع حافل بالبيانات الاقتصادية، يبدأ بتحديث سوق العمل الصادر عن مكتب الإحصاءات الوطنية، يليه إعلان أرقام التضخم يوم الأربعاء، ثم قرار بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة يوم الخميس.
البطالة تضغط على الخريجين وغير الخريجين

وأوضحت مؤسسة ريزولوشن أن ما وصفته بـ”نقص الوظائف” بات يدفع أعدادًا متزايدة من الشباب، سواء من خريجي الجامعات أو من غير الخريجين، إلى البطالة، مع تراجع أصحاب العمل في القطاعين العام والخاص عن التوظيف وتقليص فرص العمل المتاحة.
ويتوقع اقتصاديون في لندن أن يكون معدل البطالة قد ارتفع بشكل طفيف من 5% في سبتمبر/أيلول إلى 5.1% في أكتوبر/تشرين الأول، في ظل تباطؤ النمو وتراجع ثقة الشركات والمستهلكين.
وأشارت المؤسسة إلى أن الجدل العام في السنوات الأخيرة ركّز على ما يُعرف بـ”أزمة الخمول”، لا سيما بعد جائحة كورونا، إلا أن الاتجاه الأحدث يُظهر أن البطالة نفسها باتت المحرّك الرئيس لتراجع سوق العمل.
وقال ناي كومينيتي، كبير الاقتصاديين في مؤسسة ريزولوشن: “في حين أن الخمول المرتبط بالصحة لا يزال تحديًا حقيقيًا، فإن ارتفاع معدلات البطالة هو العامل المنسي في تدهور سوق العمل الحالي. ومرة أخرى، يجد الشباب أنفسهم في قلب الأزمة، كما حدث بعد الأزمة المالية العالمية وخلال الجائحة”.
ودعا كومينيتي صانعي السياسات وأرباب العمل إلى مضاعفة الجهود لدعم الشباب ومنع تحول البطالة المؤقتة إلى أزمة طويلة المدى.
هل بلغت البطالة في بريطانيا الذروة؟

ورغم اعتقاد بنك إنجلترا ومكتب مسؤولية الميزانية بأن البطالة ربما بلغت ذروتها، يحذّر عدد من خبراء الاقتصاد من أنها قد ترتفع إلى 5.5% خلال العام المقبل، مع لجوء الشركات إلى خفض النفقات نتيجة ارتفاع الضرائب، وتراجع ثقة المستهلكين، واستمرار ضعف النمو الاقتصادي.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن يُظهر تحديث التضخم تراجعًا طفيفًا من 3.6% إلى 3.5% في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما قد يدفع أغلبية أعضاء لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا إلى خفض سعر الفائدة من 4% إلى 3.75%، وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز.
ومن المرجّح أن ينضم محافظ البنك، أندرو بيلي، إلى الأعضاء الذين أيدوا خفض الفائدة في الاجتماع السابق، في ظل تزايد القلق من تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة.
وفي هذا السياق قالت روث غريغوري، نائبة كبير الاقتصاديين البريطانيين في شركة كابيتال إيكونوميكس، إن الاقتصاد البريطاني يواجه صعوبة واضحة في تحقيق نمو مستدام، مشيرة إلى أنه “لم ينمُ إلا في شهر واحد فقط من الأشهر السبعة الماضية”. وأضافت أن انكماش أكتوبر بنسبة 0.1% أبقى حجم الاقتصاد عند المستوى نفسه المسجل في أبريل/نيسان.
وأرجعت مؤسسة ريزولوشن الجزء الأكبر من ارتفاع البطالة إلى ضعف الأداء الاقتصادي، وليس إلى تراجع المشاركة في سوق العمل.
قلق متزايد بشأن بطالة الشباب

وتتزايد المخاوف الحكومية بشأن أوضاع الشباب، بعدما اقترب عدد من تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا ممن لا يعملون ولا يدرسون ولا يتلقون تدريبًا (NEET) من مليون شاب.
كما أظهر تقرير حديث لشركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) تراجع ترتيب المملكة المتحدة في مؤشر توظيف الشباب، حيث تراجعت بأربعة مراكز لتحتل المرتبة 27 من أصل 38 دولة ضمن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتتوقع مؤسسة ريزولوشن انخفاض معدل توظيف الفئة العاملة في بريطانيا بنقطة مئوية واحدة بين أكتوبر 2020 وسبتمبر 2025، أي ما يعادل 415 ألف وظيفة، مشيرة إلى أن هذا التراجع يعود بالكامل إلى ارتفاع البطالة، وليس إلى زيادة الخمول الاقتصادي، وأن الشباب هم الفئة الأكثر تضررًا.
ورغم ذلك، لا تزال نسبة المشاركة في سوق العمل عند 79.5%، وهي أعلى من مستوى ما قبل الجائحة (79.2%)، وقريبة من أعلى مستوى قياسي سُجّل في عام 2023.
إن ما تكشفه هذه الأرقام يسلّط الضوء على أزمة بنيوية متفاقمة في سوق العمل البريطاني، يدفع ثمنها الشباب بشكل أساسي، ومن بينهم آلاف من أبناء الجاليات العربية. فغياب الفرص المستقرة، إلى جانب ارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ النمو، يهدد بدفع جيل كامل إلى هامش الاقتصاد. وتؤكد المنصة أن معالجة بطالة الشباب تتطلب سياسات نشطة تتجاوز الحلول المؤقتة، تشمل الاستثمار في التدريب، وتحفيز التوظيف، ودعم القطاعات القادرة على خلق فرص عمل مستدامة، بما يضمن مستقبلًا أكثر استقرارًا وعدالة للأجيال القادمة.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
