العرب في بريطانيا | إندبندنت: كاتبة تدعو لتحسين أوضاع مصليات النساء...

1446 جمادى الأولى 20 | 22 نوفمبر 2024

إندبندنت: كاتبة تدعو لتحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا

إندبندنت: كاتبة تدعو لتحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا
فريق التحرير June 11, 2022

طوال سنوات حياتي في المملكة المتحدة لم يتسنّ لي الصلاة مع نساء الحي في مسجد المدينة التي أعيش بها سوى مرة واحدة فقط.

لقد كان المصلى النسائي ضيقاً للغاية وسيء التهوية بينما لم يكن هناك ما يكفي من السجاد المخصص للصلاة على العكس من قسم الرجال.

اضطررت حينها إلى الصلاة بسرعة ومغادرة المسجد لكي أتيح فرصة الصلاة للنساء الاخريات اللاتي كنّ ينتظرن دورهن في الصلاة نظراً لضيق المكان

لطالما عانت النساء المسلمات في المملكة المتحدة من قلة المصليات المخصصة لهن وعدم تخديمها بشكل كافٍ، ورغم مناصرة الإسلام لحقوق المرأة وعدم تهميشها لكن يبدو أن بعض المسلمين نشأوا على مفاهيم خاطئة ولعل أبرزها هو أن المسجد مخصص للرجال فقط.

لقد اعتاد أبي وأخي على الصلاة في مسجد الحي كل أسبوع، لكن أمي وأختي لم تحظيا بفرصة زيارة المسجد، ولم أتساءل يوماً عن السبب.

وبحسب آخر الإحصائيات التي صدرت عام 2017 يوجد في المملكة المتحدة حوالي 1795 مسجداً فقط، وزودت 72 في المئة من هذه المساجد بمصليات للنساء، ورغم ان هذا الرقم يبدو واعداً يجب الإشارة إلى أن هذه المساجد تتوزع بين العديد من الطوائف الإسلامية التي تعيش في المملكة المتحدة.

تعود المساجد في المملكة المتحدة إلى المسلمين السنة ويتبع جزء منها للشيعة ولكل منهما مدارس فكرية وتفاسير دينية مختلفة.

ويتبع معظم مسلمي المملكة المتحدة المذهب الحنفي الديوبندي والذي يندرج ضمن الطائفة السنية، حيث يمتلك الحنفيون حوالي 796 مسجداً في المملكة المتحدة، لا يمتلك غالبيتها مصليات للنساء باستثناء 49 مسجدا يوفر بين صفوف المصلين أماكن خاصة للنساء.

منع النساء من ارتياد المساجد، عادة أم عبادة؟

منظمات إسلامية تطالب بتحسين
منظمات إسلامية تطالب بتحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا (بيكساباي)

وتتباين مساجد المملكة المتحدة في جودة تجهيز المرافق والمصليات الخاصة بالنساء، وبالنسبة لبعض المساجد فإن مشاركة النساء في الصلوات لا تتاح إلا خلال المناسبات الإسلامية الخاصة مثل شهر رمضان أو العيد، في حين يمكن للرجال تأدية جميع الصلوات في المساجد وفي كل الأوقات.

وبحسب أحد مراكز الأبحاث الإسلامية فإن بعض المساجد في المملكة المتحدة تخصص المصليات النسائية للرجال عند أداء الصلوات التي تشهد إقبالا كبيراً.

ورد في السنة النبوية الشريفة أن النساء والرجال كانوا يصلون في صفوف متباعدة خلال فترة حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، واقتداءً بذلك فقد خصصت معظم المساجد أماكن منفصلة للنساء والرجال، لكن مصليات الرجال غالباً ما تكون أكبر مساحةً وأفضل تجهيزاً من تلك الخاصة بالنساء.

وقد تم تسليط الضوء على هذه المشكلة من قبل مجموعة من النساء اللاتي زرن مسجد “Brick Lane Jamme”وتحدثن عن تجربتهن عبر الإنترنت، وأشرن إلى أن مصليات الرجال كانت أكبر مساحة وأفضل تجهيزاً ويمكن الدخول إليها مباشرة من مدخل المسجد.

بينما تضطر النساء إلى نزول درج معدني والمرور عبر قسم صلاة الجنازة، من أجل الوصول إلى المصلى الضيق وسيء التهوية، وعبرت مجموعة النساء اللاتي زرن المسجد عن سخطهن من سوء تجهيز المصلى النسائي.

وعلى الرغم من قِدَم المشكلة وانتشارها في العديد من مساجد المملكة المتحدة إلا أن افتقار مصليات النساء للتجهيز ليس العائق الوحيد الذي يحول دون صلاتهن في المسجد.

إذ لطالما ساد الاعتقاد بأن صلاة الجماعة في المسجد هي حكر على الرجال فقط، والذين يذهبون لصلاة يوم الجمعة كل أسبوع، بينما يكون الأمر اختيارياً بالنسبة للنساء.

قالت الفتاة فايزة حسين التي تعيش في لندن إن خادم أحد المساجد رفض دخولها للصلاة في المسجد بصحبة صديقاتها في منطقة بادينغتون، ومن ثم نزلت إلى الطابق السفلي لأداء الصلاة في المصلى النسائي، الذي لم يكن مجهزاً ومضاءً بما فيه الكفاية وسرعان ما طلب خادم المسجد مغادرتهن للمسجد والصلاة في منازلهن.

بالطبع فإن سلوك خادم المسجد لا يمثل جميع المسلمين إلا أن بعضهم لا يستسيغ فكرة ارتياد المسجد من قبل النساء، وقد يعود ذلك لبعض الأحاديث النبوية التي تنص على أن أداء الصلاة في المنزل بالنسبة للنساء أكثر فائدة لهن.

لكن الأحاديث النبوية لا تمنع أيضاً من تأدية النساء لصلاة الجماعة في المسجد لما لها من أجر كبير عند الله.

وقالت إحدى السيدات المسلمات لصحيفة الإندبندنت:” إن هناك حوالي الثلاثة مساجد بجوار مكان إقامتها في مدينة ليدز لكنها تضطر لزيارة مسجد بعيد نسبياً لأنها لا تشعر بالراحة عندما تذهب دون عائلتها لأداء الصلات في أحد هذه المساجد”.

وقالت السيدة:” أنا لا أواجه أيّ مخاوف من زيارة المسجد لأداء الصلاة لكن المشكلة هي أنني أشعر بأن المسجد ليس مخصصاً للنساء بقدر ما هو خاص بالرجال”.

وشرحت سيدة أخرى شعورها عند زيارة المسجد لأداء الصلاة، وأشارت إلى أنها تؤدي معظم صلواتها في المنزل ونادراً ما تفكر بزيارة المسجد، فقد لا يكون هناك مساحة مخصصة للنساء، كما أن الدخول إلى قسم الرجال عن طريق الخطأ قد يسبب لها الإحراج لذلك فهي تقصد محال الألبسة لأداء الصلاة في غرفة القياس.

وسلطت منظمة “Vibrant Scottish Mosques” الضوء على هذه القضية، وبحسب المنظمة فإن معظم النساء المسلمات في المملكة المتحدة يشعرن بأن المساجد هي أماكن مخصصة للرجال أكثر من كونها للنساء، ونقلت المنظمة عن إحدى النساء قولها بأنها شعرت بالعزلة فور وصولها إلى باب المسجد لأداء الصلاة في شهر رمضان.

حيث أخبرها المصلون أن باب المصلى النسائي يقع في المدخل الجانبي في آخر الزقاق الذي كان معتماً حيث لم تجرؤ السيدة على دخول الزقاق لوحدها.

وأضاف السيدة:” يبدو أن معظم الناس يظنون بأن المساجد مخصصة للرجال فقط ولابد من تغيير هذه العقلية، لقد شعرت بأنني عبء على المصلين عند دخولي للمسجد وكان مصلى النساء بعيداً عن الإمام بحيث أنني لم أعرف اتجاه القبلة، وبالكاد سمعت صوت تلاوة الآيات بعد أن أقام الإمام الصلاة”.

دعوات لإشراك النساء في إدارة دور العبادة بغرض تحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا

مسجد في بريطانيا
مسجد في بريطانيا (آنسبلاش)

ليس هناك الكثير من الإحصائيات حول عدد المساجد التي تتيح الصلاة للنساء في المملكة المتحدة، وأطلقت مؤخراً مبادرة “Open Mosques” التي توثق تجارب وانطباعات المصلين في مساجد المملكة المتحدة، وتم استطلاع آراء 300 مسلم ومسلمة حول التحسينات المطلوبة في المساجد.

وأفاد 75 في المئة من المستطلعة آراؤهم بأنه لابد من جعل المساجد أكثر ترحيباً بالنساء، بينما قال حوالي ال 45 شخص أنهم يعرفن نساءً تعرضن لتجارب سلبية خلال ارتيادهن للمسجد، وطالب 85 في المئة من المبحوثين بإتاحة المصليات في مساجد المملكة المتحدة للرجال والنساء على حد سواء وليس فقط خلال المناسبات الدينية، بالإضافة إلى تحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا.

بينما قال 68 في المئة من المبحوثين إن مصليات النساء غير مزودة بالخدمات والمرافق الكافية.

وقالت إحدى المشاركات في تأسيس جمعية “Open My Mosque”: إنه لا يجب الاستخفاف بأهمية تخصيص مصليات للنساء في المساجد، لأن الصلاة هي فريضة أساسية في الشريعة الإسلامية ويرغب جميع المسلمون بتأديتها.

وأضافت:” يشعر عموم المسلمين بالقلق من تفويت الصلاة وبالطبع فهم يرغبون بدخول المسجد في الوقت المناسب والالتزام بتأدية الصلاة التي تعتبر نشاط روحي مهم بالنسبة لهم ويجب أن تتاح الفرصة للجميع لتأدية هذه الفريضة التي تبقيهم على قرب من الله”.

وبحسب مؤسسة “Vibrant Scottish Mosques” فإن العديد من الرجال شعوراً بالمشكلة التي تواجهها النساء المسلمات عند انتشار جائحة كورونا وتم حينها إغلاق جميع دور العبادة، وأدرك الرجال حجم الطمأنينة النفسية التي تتوفر لهم عند زيارة المساجد، الأمر الذي لا يتاح لجميع النساء، اللاتي يواجهن هذه المشكلة من قبل تفشي الوباء”.

تخشى العديد من النساء المسلمات في المملكة المتحدة من التحدث بشكل صريح عن مشكلة غياب المصليات النسائية في المساجد أو عدم تجهيزها بشكلٍ كافٍ، وتعتقد النساء المسلمات أن بعض المعادين للإسلام سيصيدون في الماء العكر ويتخذون من ذلك حجة لخلق صورة مزيفة عن الإسلام كدين يضطهد النساء.

وبالفعل فإن مخاوف النساء المسلمات تبدو في مكانها، مع انتشار الإسلاموفوبيا في المملكة المتحدة حيث ارتكبت حوالي 2703 من جرائم الكراهية بحق المسلمين خلال العام الماضي.

وبحسب أحد التقارير الصادرة عن مركز مراقبة وسائل الإعلام التابع للمجلس الإسلامي البريطاني فإن 60 في المئة من المقالات المنتشرة على الإنترنت تصوّر المسلمين بشكل سلبي.

ومن جانب آخر فإن الامتناع عن التحدّث حول هذه المشكلة قد يكون بمثابة التستّر على بعض ما يفعله خدام المساجد الذين لا يرغبون بزيارة النساء للمساجد.

رغد التكريتي تدعو لتحسين أوضاع مصليات النساء في مساجد بريطانيا

رغد تكريتي رئيسة مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا
رغد تكريتي رئيسة مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا

وفي هذا الصدد قالت أنيتا نيار، المؤسسة المشاركة في منظمة لـ “Open My Mosque”:”إن الروايات الإسلامية تنص على أن المساجد كانت تستقبل النساء والرجال على حد سواء في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن هناك أي اختلاف في نوعية أماكن الصلاة الخاصة بكل من الجنسين”.

وتضيف:” إن الطريقة التي تعمل بها المساجد في هذه الأيام تقدم صورة خاطئة عن الإسلام وتتجاهل رغبة النساء في أداء صلاة الجماعة، بينما العديد من الأبحاث حول هذا الأمر إلى أن العديد من الرجال والنساء المسلمين في المملكة المتحدة يدعمون إقامة مصليات خاصة بالنساء وتجهيزها بشكل جيد، ويرفض ذلك عدد قليل جداً من الرجال “.

تقترح المجموعات النسائية الإسلامية في المملكة المتحدة أن الحل الوحيد لإتاحة مصليات النساء في المملكة المتحدة هو عبر تمكينهنّ من المشاركة في مجالس ولجان إدارة المساجد، في حين تعتبر مشاركة النساء في إدارة مساجد المملكة المتحدة أمرا نادراً للغاية بحسب ما قالت رغد تكريتي رئيسة مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا.

وطالبت تكريتي بتعيين عدد من النساء في لجان إدارة المساجد من أجل الوقوف على وضع المصليات النسائية وقالت في هذا الصدد: “لا بد من إشراك النساء في عملية إدارة المساجد للتأكد من إتاحة الفرصة لجميعهن من أجل تأدية الصلاة في المسجد وتحسين المرافق الخاصة بالنساء”.

وتؤكّد تكريتي رغبة المجلس الإسلامي البريطاني في إقامة المزيد من الحوارات والمناقشات في هذا الصدد من أجل ضمان إتاحة دخول المساجد لجميع النساء المسلمات.

وبالطبع فإنّ الرجال أيضاً يلعبون دوراً كبيراً في اتخاذ المزيد من الخطوات لتحسين وضع مصليات النساء وإتاحتها في جميع المساجد، وقد سارعت إدارة مسجد “Brick Lane” إلى إعادة تجهيز مصلّى النساء، والذي أصبح مدخله مجاوراً لمصلى الرجال، وأكّد إمام المسجد أنه يرغب في تعيين المزيد من النساء ضمن اللجنة الاستشارية الخاصة بتحسين خدمة المسجد.

وقد لمست المصليات تحسناً كبيراً في المصلّى الخاص بهنّ ضمن مسجد”Brick Lane ” بعد أن حضرت حوالي 50 امرأة لأداء الصلاة في المسجد، بينما لم تؤد صلاة العيد سوى خمس نساء فقط، وتعكس هذه الأرقام تغييراً كبيراً في خدمات المسجد.

 

المصدر : الإندبندنت


اقرأ أيضاً : 

دعم حكومي يتجاوز 24 مليونًا بدعوى حماية المساجد والمدارس الإسلامية في بريطانيا

بريطانيا تمول حكوميا توفير الأمن والحماية للمساجد والمدارس الإسلامية فيها

حسين حلاوة: توحد مسلمي بريطانيا خلف مساجدهم في رمضان مقدّم على أي أمر آخر

 

(englishstudypage.com)

loader-image
london
London, GB
3:48 am, Nov 22, 2024
temperature icon 1°C
broken clouds
Humidity 83 %
Pressure 1003 mb
Wind 12 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 53%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 7:30 am
Sunset Sunset: 4:02 pm