العرب في بريطانيا | إطلاق منظمة جديدة للفنون والتراث الإسلامي في مج...

1447 جمادى الثانية 16 | 07 ديسمبر 2025

إطلاق منظمة جديدة للفنون والتراث الإسلامي في مجلس اللوردات البريطاني

94aacad6-b442-42c5-89d7-ca6c74b436ad
رجاء شعباني October 30, 2025

في لحظة رمزية وسط قلب المؤسسة السياسية البريطانية، أُطلِق في مجلس اللوردات بويستمنستر “منتدى الفنون والعمارة والتراث الثقافي الإسلامي”، بمبادرة من البارونة نوشينا مبارك، بهدف الاحتفاء بإرث الحضارة الإسلامية وإعادة تقديمه للجمهور وصنّاع القرار عبر حوارات ومعارض وسلسلة فعاليات تمتد عامًا كاملًا. حضور لافت ضمّ أكثر من مئة مدعو، بينهم أكثر من عشرين من اللوردات البريطانيين وعدد من سفراء دول ذات أغلبية مسلمة وشخصيات أكاديمية وفنية، عكس توقيتًا حساسًا تتزايد فيه موجات العداء للمسلمين، ويشتد فيه الجدل حول الهوية والاندماج ودور الثقافة في بناء الجسور لا الجدران.

منصة للحوار والتعليم حول إرثٍ مُشترك

إفطار رمضاني وفعاليات إسلامية في جامعة بيرمينغهام

المنتدى يعرّف نفسه باعتباره مساحة للاحتفاء بالإنجازات الفكرية والثقافية للحضارة الإسلامية، ومنصة للحوار والتعليم والانخراط العام. وفي كلمة الإطلاق، قالت البارونة مبارك إن “قصّة الحضارة ليست تاريخًا يسير في خطوط متوازية، بل حكاية مساراتٍ متشابكة؛ رحلةٌ إنسانيةٌ مشتركة من الإبداع والاكتشاف والفهم المتبادل”، مؤكدة أنّ البرنامج السنوي يتضمن ندوات وفعاليات تُشجّع السياسيين والجمهور على استكشاف التراث الفني والعماري الإسلامي بوصفه جزءًا أصيلًا من سردية بريطانيا الثقافية المعاصرة.

حضور نوعي وأسئلة كبرى عن “ما هو الإسلامي في الفن؟”

ليستر تحتفي بأول معرض لفنون المرأة المسلمة يظهر روائع الفن الإسلامي المعاصر (أنسبلاش)

شهد الحفل كلمات وعروضًا لعدد من أبرز العاملين في حقل الفنون الإسلامية بالمملكة المتحدة. قدّمت نورَه الغيلاني، أمينة مقتنيات القسم الإسلامي في المتحف البريطاني، عرضًا بصريًا لباقة من القطع والمقتنيات، مبيّنة طبقاتها التاريخية ودلالاتها الجمالية. وطرح البروفيسور فَروخ درخُشاني، رئيس جائزة الآغا خان للعمارة، سؤالًا مفتوحًا على النقاش: ما الحدّ الفاصل — إن وُجد — بين الفن بوصفه فنًّا وبين وصفه بـ“الإسلامي”؟ وكيف تُعاد قراءة هذا الإرث ضمن أفقٍ معاصر لا يُجمّده ولا يُجرّده من سياقه؟ كما حضر وليد إقبال، السياسي الباكستاني البارز وحفيد الشاعر والفيلسوف محمد إقبال، في إشارة إلى عمق الروافد الفكرية التي يتكئ عليها المشروع. وقدّمت الفنانة الإيرانية المولد جيلا بيكوك إضاءة على الشاعر الفارسي الكبير حافظ، مع عرض فيلمٍ قصير مستلهم من كتابها عنه، باعتبار الشعر والفنون البصرية مسلكين متكاملين لفهم الروحانية الجمالية في التراث الفارسي-الإسلامي.

توقيت الإطلاق ورسالة المنتدى

مركز إسلامي في ويلز يساعد في تقديم الطعام للمعوزين

أشار بعض الضيوف إلى أنّ رعاية “مؤسسة آدم” لهذا المنتدى وإطلاقه اليوم يحملان رسالة ضرورية في ظل تنامي خطاب الكراهية ضد المسلمين؛ رسالةٌ تُعيد تأكيد أنّ بريطانيا ليست ساحة صدام هويّاتي بل فضاءٌ تعدّدي تشكّل عبر قرونٍ من التثاقف والتأثير المتبادل. وفي هذا السياق، شدّدت البارونة مبارك على رؤيةٍ إيجابيةٍ للمجتمع البريطاني: “مجتمعاتنا ثريةٌ بتعدّدها المُلهِم، ومن الواجب أن ينشأ الشباب على فهم هذا الإرث المتقاطع وتقديره، وأن يدركوا كيف التقت ثقافاتنا وتواريخنا وصاغت حاضرنا المشترك”.

تعتبر منصة “العرب في بريطانيا” أنّ هذا المنتدى إضافة مهمّة إلى مشهدٍ ثقافيٍّ بريطاني بحاجةٍ دائمة إلى منصات تُبرز إرث المسلمين الفني والفكري بعيدًا عن التنميط، وتُقيم الحوار على قاعدة المعرفة لا المخاوف. الانخراط المسؤول مع التراث الإسلامي—بحثًا وعرضًا ونقاشًا—يسهم في توسيع دائرة الفهم المتبادل، ويعزّز قيم المواطنة والعدالة الثقافية. ودور المؤسسات الثقافية هنا لا يقلّ شأنًا عن السياسة؛ لأنّ ما تبنيه الفنون من جسور قد تعجز عنه الخطابات الانفعالية. ومن هذا المنطلق، تُرحّب المنصة بكل مبادرة تفتح المجال أمام جمهورٍ أوسع لاكتشاف هذا الإرث، وتدعم رؤيةً تُصغي للتعدد وتحتفي بالمشترك.

 

المصدر: ميدل إيست اي 


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة