إضراب عمال القمامة في برمنغهام مستمر.. لماذا تأخر الحل؟

تشهد مدينة برمنغهام البريطانية أزمة متفاقمة في قطاع جمع القمامة، مع استمرار الإضراب الشامل لعمال القمامة في الأسبوع السابع على التوالي؛ نتيجة تعثر المفاوضات بين نقابة العمال ومجلس المدينة.
وبينما تتكدس النفايات في شوارع المدينة، ترتفع حدة الغضب الشعبي، ويتساءل السكان عن أسباب تأخر الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة.
تراكم القمامة في شوارع برمنغهام بسبب الإضراب
وبدأت بوادر الإضراب مطلع العام الجاري، عندما شرع أكثر من 350 عاملًا منضوين تحت نقابة “Unite” في تنفيذ إضرابات متقطعة؛ احتجاجًا على إجراءات إدارية تمسّ حقوقهم الوظيفية.
ومع تصاعد التوتر، قرر العمال في الـ11 من آذار/مارس تنفيذ إضراب مفتوح؛ رفضًا لإلغاء بعض الوظائف في “قطاع إعادة التدوير وجمع القمامة”، التي كانت توفر حوافز مالية لعدد من العاملين.
وتقول النقابة: إن هذا الإجراء سيؤدي إلى خفض عدد العاملين على شاحنات جمع القمامة من أربعة إلى ثلاثة، وهو ما يعني خسارة نحو 150 موظفًا ما يقارب 8 آلاف باوند سنويًّا من دخلهم.
في المقابل برر مجلس المدينة الخطوة بأنها تسعى إلى توحيد نظام العمل مع المعايير الوطنية، مشيرًا إلى تقديم بدائل مناسبة من بينها وظائف أخرى بالأجور نفسها، أو فرص تدريب على قيادة المركبات، أو مغادرة طوعية مع تعويضات مالية.
ورغم الجهود المتواصلة لتقريب وجهات النظر، انتهت سبعة أسابيع من التفاوض في كسر الجمود بين الطرفين.
وكان العمال قد رفضوا بأغلبية ساحقة عرضًا جديدًا من المجلس في الـ14 من نيسان/إبريل، واصفين إياه بأنه “لا يلبي الحد الأدنى من المطالب”، وبخاصة فيما يتعلق بتخفيضات الأجور التي طالت 200 سائق.
وقالت شارون غراهام، الأمينة العامة لنقابة “Unite”: لم يكن من المفاجئ رفض العرض”، مشيرةً إلى أن العمال “لن يدفعوا ثمن القرارات الإدارية السيئة”.
في المقابل تؤكد الحكومة ومجلس المدينة أن العرض يمثل تحسنًا كبيرًا في ظل الأزمة المالية الخانقة، وبخاصة أن مجلس برمنغهام أعلن إفلاسه فعليًّا العام الماضي.
وقال رئيس المجلس جون كوتون: إن العودة إلى جدول عمل جمع القمامة مرهونة بإنهاء الإضراب، منبّهًا إلى وجود “خطوط حمراء مالية” لا يمكن تجاوزها في المفاوضات.
وحثت نائبة رئيس الوزراء أنجيلا راينر، النقابة على التراجع عن الإضراب و”إنهاء المعاناة التي يعيشها السكان”، وفق تعبيرها.
ما تداعيات أزمة تراكم القمامة في برمنغهام؟
وانعكست تداعيات الإضراب بطريقة مباشرة على حياة السكان، إذ توقفت عمليات جمع القمامة المنتظمة، وهو ما أدى إلى تراكم أكوام النفايات في الشوارع، وانبعاث الروائح الكريهة، وتكاثر القوارض والحشرات.
وقال رشيد كامبل، أحد سكان المدينة والعضو في فريق تطوعي تابع لمسجد برمنغهام المركزي: إن فريقه المكوّن من 12 متطوعًا جمع في يوم واحد 24 كيسًا من القمامة من شارعَين فقط.
وأضاف: “لولا المبادرة الفردية، لغرقنا في أكوام القمامة”.
من جانبه حذر خبير مكافحة الآفات جوزيف ماكهيل من أن أكياس القمامة المكشوفة توفر بيئة مناسبة لتكاثر الفئران، مشيرًا إلى زيادة بنسبة 60 في المئة في طلبات مكافحة الفئران المقدمة من سكان المدينة خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي ظل تدهور الوضع، استعانت الحكومة بمسؤولين عسكريين؛ لتقديم دعم لوجستي لمجلس المدينة، في حين استبعدت مشاركة الجيش ميدانيًّا في إزالة القمامة.
وأفاد وزير المجتمعات جيم ماكماهون بأن الجهود الجماعية للمجالس المحلية والشركات الخاصة نجحت في إزالة أكثر من 26 ألف طن من القمامة المتراكمة، وأن الوضع “يقترب من العودة إلى طبيعته”.
وأوضح أن المجلس خصص ما بين 100 و120 شاحنة يوميًّا لجمع القمامة، إضافة إلى تخصيص نحو 60 مركبة تنظيف من قطاعات الإسكان، واستخدام شاحنات ضخمة لإزالة التراكمات الكبيرة في أكثر الأحياء تضررًا.
كما أُتيحت للسكان إمكانية التخلص من القمامة المنزلية في مراكز متنقلة دون الحاجة لحجز مسبق، فيما اشترطت عمليات إعادة التدوير تحديد موعد إلكتروني مسبق.
عمال القمامة يهددون بإضرابات في مدنٍ أخرى
وحذّرت نقابة “يونايت” من أن الإضراب في برمنغهام قد لا يكون الأخير، إذا ما واصلت المجالس المحلية تحميل العمال عبء الأزمات المالية والإدارية.
وقالت غراهام: “إذا قررت السلطات تكرار ما جرى في برمنغهام، فسنضطر إلى التحرك، وعلى الجميع أن يعلم أن العمال لن يكونوا كبش فداء بعد الآن”.
وأكد أوناي كاساب، المسؤول في النقابة، أن “الإضرابات قد تتوسع إذا لجأت مجالس محلية أخرى إلى تقليص أجور العاملين في الخدمات العامة”، داعيًا إلى “إجراء تغيير جذري في السياسات المحلية يحفظ كرامة العمال”.
هذا وأصبحت أزمة برمنغهام من أطول إضرابات عمال النظافة في المملكة المتحدة خلال العقود الأخيرة، في مشهد يعيد للأذهان إضرابات عام 1978، حين غمرت النفايات شوارع لندن إثر احتجاجات واسعة النطاق على تجميد الأجور.
كما شهدت مدن مثل إدنبرة وويرال في السنوات الأخيرة إضرابات مماثلة، لكن جرى احتواؤها خلال أيام أو أسابيع، على خلاف ما يجري في برمنغهام، حيث لا تزال الأزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇