العرب في بريطانيا | إسماعيل باتل: هل أحدثت الاحتجاجات في بريطانيا ف...

1446 ذو الحجة 4 | 01 يونيو 2025

إسماعيل باتل: هل أحدثت الاحتجاجات في بريطانيا فرقًا في العدوان على غزة؟

IMG-20241117-WA0041
إسماعيل باتل November 17, 2024

خلال الأشهر الماضية، اجتاحت الشوارع البريطانية موجة كبيرة من التضامن مع فلسطين في جميع أنحاء البلاد، حيث خرج ملايين البريطانيين في عشرات الاحتجاجات المنددة بالعدوان الإسرائيلي. وقد لفتت هذه الهبة الجماعية ضد الفظائع الإسرائيلية الأنظار في جميع أنحاء العالم، ولكن السؤال المهم: هل أحدثت هذه الاحتجاجات فرقًا؟

للوهلة الأولى، يوحي العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، الذي دخل الآن عامه الثاني، بخلاف ذلك.

ومن هذا المنظور، قد يميل المرء إلى تجاهل هذه الاحتجاجات باعتبارها ضجيجًا عقيمًا. إلا أن هذا الاستنتاج يُخفق في تفسير دورها في تقويض الأسس التي تمكّن الإبادة الجماعية، ويشمل ذلك الإرادة السياسية والتمثيل الإعلامي والرأي العام والأنظمة الاقتصادية.

ما دور الاحتجاجات في بريطانيا في الحرب على غزة؟

شرطة لندن تعترف بارتكاب أخطاء في تعاملها مع مظاهرات دعم غزة
هل أحدثت الاحتجاجات في بريطانيا فرقًا في العدوان على غزة؟

تقدم الاحتجاجات في جوهرها رسالة واضحة وعميقة مفادها أن ما يحدث من جرائم حرب “ليس باسمنا”.

وبصرف النظر عن قدرتها على وقف العنف من عدمها، فإنها تُبيّن رفض المواطنين أن يكونوا متواطئين مع حكوماتهم في الفظائع المروعة التي تُرتكب في غزة.

لقد حققت هذه الاحتجاجات، التي شارك فيها أناسٌ من مختلف الأعمار والأعراق والأديان، ما هو أكثر من مجرد إعلانات أخلاقية، وأحدثت تحوّلات ملموسة بطرق مقنعة من أجل تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

وعلى هذا النحو، تقدم الاحتجاجات تناقضًا صارخًا مع قوى كراهية الأجانب والعنصرية والتفوق العنصري التي تدعم نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ومؤيديه.

تغيير الرأي العام

ربما كان أحد أكثر الآثار القابلة للقياس لهذه الاحتجاجات هو التحول في الرأي العام. ففي مايو 2023، تعاطف نحو 23 في المئة من البريطانيين مع الفلسطينيين.

وقد أظهر استطلاع حديث أُجرِي في بريطانيا في مايو 2024 أن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع أيدوا إنهاء مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، وأيد أكثر من ثلثي المشاركين وقف إطلاق النار الفوري في غزة، وارتفعت نسبة التعاطف مع الفلسطينيين إلى 31 في المئة.

كما عمد المتظاهرون إلى تمكين الدبلوماسيين والحكومات -لا سيما من دول الجنوب- من مقاومة ضغوط الولايات المتحدة. وفي الأمم المتحدة، تحدت معظم الدول الولايات المتحدة بالتصويت لمصلحة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة. كما انسحب دبلوماسيون من عشرات الدول عندما اعتلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنصة في رسالة تحدٍّ قوية.

وفي خضم الاحتجاجات الشعبية المستمرة، حدثت تطورات مهمة أخرى. فقد رفعت جنوب إفريقيا قضية في محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، في حين قدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طلبًا لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

إضافة إلى ذلك، اختار عدد متزايد من الدول استدعاء دبلوماسييها أو قطع علاقاتها مع إسرائيل، ويشمل ذلك تشيلي وكولومبيا وتشاد وتركيا وغيرها. كما أوقفت بعض البلدان أو قيّدت مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، مثل كندا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا.

أما على الساحة السياسية الداخلية في بريطانيا، فقد كان للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين تأثير ملحوظ. ففي الانتخابات، خاض العديد من المرشحين المستقلين الانتخابات نصرة لقضية غزة وهزموا سياسيين مخضرمين، إذ أدى موقف رئيس الوزراء كير ستارمر من إسرائيل إلى نفور الناس على نحو متزايد.

وفي هذا السياق وجد استطلاع للرأي أُجرِي مؤخرًا على موقع (YouGov) أن 44 في المئة من ناخبي حزب العمال يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، في حين كان 10 في المئة فقط أكثر تعاطفًا مع الإسرائيليين. ومن ثَمّ فعندما يؤكد ستارمر أن المملكة المتحدة “تقف مع إسرائيل”، فإنه يخسر بذلك ناخبيه ويقف بعيدًا عن الأمة وعن مؤيدي حزب العمال.

من جهة أخرى، دفعت الاحتجاجات المستمرة أيضًا قنوات الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي التي تتمحور حول الغرب والمعروفة بالتحيز إلى مواجهة الحقائق كما هي، بدلًا من التستر وتسويغ الفظائع المروعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

في الوقت نفسه، عزز النشاط بشأن غزة حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، حيث شهدت إسرائيل أكبر تباطؤ اقتصادي بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بين إبريل ويونيو. وقد جعلت الحرب إسرائيل منبوذة اقتصاديًّا؛ فقد أغلقت آلاف الشركات أعمالها، وشعرت الشركات الأجنبية الكبرى العاملة في إسرائيل بالضغط.

والأهم من ذلك كله، منحت الاحتجاجات الشعب الفلسطيني المحتل والمحاصر شيئًا ضروريًّا للغاية، ألا وهو الأمل. فقد أظهرت لهم الحركة الاحتجاجية أنهم مدعومون في نضالهم من أجل مقاومة الاضطهاد، والسعي لتحقيق العدالة، والعمل من أجل التحرر، واستعادة أراضيهم.

وختامًا أثبتت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين العام الماضي أن لها قوة حقيقية على إلهام الشعوب، ومجابهة مجرمي الحرب، وفضح الهمجية الإسرائيلية، ومنح الأمل للمضطهدين.

المصدر: Middle East Eye


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
1:46 pm, Jun 1, 2025
temperature icon 20°C
overcast clouds
Humidity 45 %
Pressure 1013 mb
Wind 12 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 100%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 4:49 am
Sunset Sunset: 9:07 pm