إرادة لا تُقهر: لاجئ سوري كفيف يحقق حلمه الأكاديمي في بريطانيا

في قصة ملهمة تكشف مدى الإصرار والعزيمة، روى الشاب السوري ماهر فتوح، الذي فقد بصره في انفجار أثناء هروبه من وطنه، رحلته المؤلمة والمذهلة خلال حفل تخرجه في جامعة بريستول بالمملكة المتحدة.

لاجئ سوري كفيف يحقق حلمه في بريطانيا

في عام 2014، كان ماهر فتوح، البالغ من العمر 32 عامًا، في الحادية والعشرين من عمره عندما فقد بصره؛ بسبب انفجار قنبلة أثناء عبوره الحدود إلى لبنان؛ هربًا من الخدمة العسكرية القسرية في ظل نظام بشار الأسد. لكن رغم فقدانه بصره، لم يستسلم ماهر للظروف القاسية التي مر بها. فقد غادر وطنه متجهًا إلى إنجلترا ليبدأ مرحلة جديدة من حياته.

في بريطانيا حصل ماهر على شهادة تأهيل لتدريس اللغة الإنجليزية من جامعة كامبريدج عام 2022، قبل أن يواصل دراسته في جامعة بريستول لنيل درجة الماجستير في “علم النفس التربوي”.

وقال ماهر للحضور: “أود أن أُثبِت أن الشخص الذي يواجه مصاعب جِسامًا يمكنه أن يعيش بأمان وباستقلالية، ويحقق التميز الأكاديمي”. ورغم الصعوبات التي واجهها، تمسك بحلمه في التعلم والتطور، وقرر أن يكون مصدر إلهام لغيره من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.

وتابع قائلًا: “في مجتمعي، يُنظر إلى الإعاقة البصرية على أنها سقوط في الظلام. الحياة تصبح مظلمة، والفرص تضيع”. لكنه قرر أن يرفض هذا التصور، مضيفًا: “اخترت أن أعارض هذا المفهوم، وأرسم سيناريو مختلفًا تمامًا”.

من معلم إلى موظف دعم أكاديمي

وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عام 2018، بدأ ماهر بتعليم الآخرين من ذوي الإعاقة البصرية، قبل أن ينتقل إلى الدراسة الجامعية في كامبريدج وبريستول. واليوم يعمل ماهر في لندن موظف دعم أكاديمي، ليبرهن أن الإرادة القوية قادرة على تجاوز المستحيل.

وعن تجربته في جامعة بريستول، قال ماهر: “الجامعة قدمت لي دعمًا هائلًا. أحببت خدمات الدعم لذوي الإعاقة التي تقدمها الجامعة، وكانت عونًا كبيرًا في مسيرتي الأكاديمية”. وأضاف: “المدينة ذات طابع خاص، وأرصفتها تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في دمشق، كما أن سكان بريستول متعاونون للغاية. إذا توقفت لانتظار سيارة أجرة، يعرض العديد من الأشخاص مساعدتي لعبور الطريق”.

من جانبها أعربت البروفيسورة إيفلين ويلش، نائب رئيس جامعة بريستول ورئيستها، عن إعجابها بإنجازات ماهر، قائلة: “ماهر شاب استثنائي، أظهر عزيمة لا تلين ومرونة في مواجهة الصعاب، وحقق نجاحًا أكاديميًّا رغم العقبات التي واجهها”.

ورغم مرور أكثر من عشر سنوات على مغادرته لسوريا، لا يزال ماهر يحمل أملًا في العودة إلى وطنه قريبًا، وبخاصة في ظل التغيرات السياسية التي قد تتيح له فرصة زيارة عائلته مجددًا.

قصة ماهر فتوح تُعَد نموذجًا حيًّا للإرادة والعزيمة، وتؤكد أن الإنسان قادر على تجاوز المحن وتحقيق أحلامه، مهما كانت العقبات.

المصدر: بي بي سي

اقرأ أيضًا:

• محاكاة بريطانية لتجربة اللجوء من سوريا والصومال في برنامج تلفزيوني فريد
• شاب سوري يحول شغف جده إلى مطعم مميز في نيوكاسل
• عثمان مقبل: التوطين كان شريان الحياة لسوريا ويجب تطبيقه عالميًا