بي بي سي: إسرائيل تأمر بإخلاء آخر مستشفى في شمال غزة

في مشهد يُجسّد الواقع المأساوي للقطاع الصحي بغزة، أُغلقت أبواب مستشفى العودة، المستشفى الوحيد الذي كان يعمل في محافظة شمال غزة، بعد تهديدات مباشرة من قوات الاحتلال التي أجلت طاقمه الطبي ومرضاه قسرًا. وجاء هذا الإجراء بعد أيام من الحصار الخانق والقصف المكثف الذي استهدف محيط المستشفى، لتنطفئ بذلك آخر شمعة طبية في المنطقة.
عمليات الإخلاء.. مشاهد لا إنسانية

أفاد مدير المستشفى الدكتور محمد صالحة بأن القوات الإسرائيلية أصدرت إنذارًا نهائيًّا مساء الخميس الماضي، أمرت فيه بإخلاء المبنى فورًا تحت تهديد السلاح. ووصف الدكتور صالحة اللحظات التي تلت الإنذار بأنها “من أصعب ما مرّ على الفريق الطبي”، حيث اضطر الأطباء والممرضون إلى حمل المرضى والجرحى على أكتافهم لمسافة تزيد على 300 متر؛ بسبب تدمير الطرق المحيطة بالمستشفى وتعطيل سيارات الإسعاف.
هذا وكشفت لقطات مصوّرة حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن مشاهد مروعة لعملية الإخلاء التي جرت تحت جنح الظلام، بينما كانت دبابات الاحتلال تحاصر المكان من جميع الجهات. وتُظهر اللقطات أفراد الطاقم الطبي وهم يحملون المرضى على نقالات بدائية، في حين تُسمع أصوات الانفجارات في الخلفية.
انتهاك صارخ للقوانين الدولية
أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه إغلاق المستشفى، ووصفته بأنه “ضربة قاتلة للنظام الصحي في شمال غزة”. وأكد المدير العام للمنظمة الدكتور تيدروس أدهانوم أن “استهداف المنشآت الطبية يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني”، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
من جهتها ذكرت منظمة “أطباء بلا حدود” أن إغلاق مستشفى العودة يعني حرمان أكثر من 300 ألف مواطن في شمال غزة من أبسط الخدمات الطبية، في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا غير مسبوق في أعداد القتلى والجرحى.
خلفيات الأزمة وتداعياتها
تعود جذور الأزمة إلى أكثر من أسبوعين، عندما بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في محيط المستشفى. وبحسَب تقارير طبية، تعرّض المبنى للقصف المباشر لأكثر من 28 مرة، ما أدى إلى تدمير وحدات حيوية تشمل غرفة الطوارئ ومحطة تحلية المياه والمستودع الرئيس للأدوية.
وقد أدى إغلاق المستشفى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، حيث نُقل المرضى إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة الذي يعمل بأقل من ثلث طاقته الاستيعابية. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 90 في المئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية في شمال غزة قد توقفت عن العمل بصفة كلية أو جزئية.
ردود الفعل الدولية
أثار إغلاق مستشفى العودة موجة من الإدانات الدولية، حيث أدان المبعوث الأوروبي للشرق الأوسط الخطوة، ووصفها بأنها “تجاوز لكل الخطوط الحمراء”.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حربها على غزة، تزداد المعاناة الإنسانية يوميًّا، حيث تؤكد تقارير محلية أن أكثر من 95 في المئة من سكان شمال غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في حين يعاني 70 في المئة من الأطفال من سوء تغذية حاد.
ومع إغلاق مستشفى العودة قسرًا، فقد أهالي شمال غزة آخر ملاذ طبي لهم، في مشهد يُجسّد إخفاق المجتمع الدولي في حماية المدنيين، وتهاوي كل المعايير الإنسانية في القطاع.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: إلى متى يستمر هذا الصمت الدولي إزاء ما يحدث في غزة؟
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇