خطوة للخلف.. لماذا يصعب علينا إتقان اللغة الانجليزية ؟
كثيرًا ما كنت أسأل نفسي عن السبب الذي حال بيني وبين إتقان اللغة الانجليزية تحدثًا وكتابةً كأهلها أو على الأقل قريبًا من ذلك.
وفي محاولة مني لتلمُّس مواضع الخلل، وفي معرض بحثي عن تاريخي مع اللغة، وجدت في شبكات التواصل الاجتماعي كثيرًا ممن هم على شاكلتي، ثم بحثت أكثر عن الأسباب التي تجعل الناس لا يحققون ما يصبون إليه، فتبين لي أن أهم سبب هو عدم فهمي للآلية التي تُدار بها الأمور، أو بمعنى أدق: كنت أسعى إلى تعلم اللغة لا اكتسابها!
أسباب صعوبة إتقان اللغة الانجليزية
ومن أهم الأسباب قبل ذلك -بطبيعة الحال- هو عدم الجدية والمماطلة، وعدم وضع هدف قابل للتطبيق، وضياع الأوقات فيما لا فائدة من ورائه.
سمعتُ مقطع فيديو في اليوتيوب، تحدث فيه أحد المختصين عن الأخطاء الشائعة التي تحُول دون تحقيق أي إنجاز يُذكَر في موضوع اللغة، فكَّرت في حالي ووجدت أن جُلها إن لم يكن كلها ينطبق عليَّ تحديدًا.
حالي كحال كثير من المبتدئين في تعلم اللغة الإنجليزية أن أول ما نبدأ به هو تعلم القواعد، وهذه من أكبر المشكلات التي تجعلنا ننفر من التعلم بالكلية.
قد يكون الخبر صاعقًا لبعض الناس؛ لأنها مشكلة يشترك فيها بعض المدارس التقليدية، مع أن كثيرًا من المختصين الذين لهم باع في علم اللسانيات أكدوا بطلان هذا الأمر.
فإحدى مشكلاتي هي أني كنت أبدأ بالقواعد، ثم ما ألبث فترة حتى يدب السأم في الدروس وتصبح مملة، ومع الانشغالات والظروف الطارئة أترك الدراسة برهة من الزمن، ثم أستذكر وأندم على ما فرطت، وما إن أعود بكامل الحماس حتى ارتطم بجدار “القواعد” مرة أخرى التي باتت كالسوس ينخر في جسد الشغف حتى ينهار، ثم أترك الدراسة ثم أرجع، وهكذا على نفس الدوامة تضيع كثير من الأوقات.
من المعروف أنه من الخطأ عمل الطريقة نفسها مرة بعد أخرى وتوقع نتائج مختلفة، والعرب تقول قبل ذلك: مَن جرب المجرب فعقله مخرّب.
الطفل يساعدنا في إتقان اللغة الانجليزية!
يُخيَّلُ إليَّ أني وجدتها أخيرًا، من أفضل معلم على الإطلاق: الطفل، نعم الطفل!
أعتقد لو خلع الواحد منا رداء الكِبر لخرج بدروس وفوائد جمّة من طريقة تعامل الطفل مع الحياة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر: يضرب لنا هذا الكائن أروع الأمثلة في الإصرار وعدم الاستسلام؛ فتجده في مراحله الأولية في المشي يتعثر وينهض من جديد ضاربًا (ماذا سيقول الناس عني) بعرض الحائط التركيز في أمر واحد والبكاء حتى الحصول عليه وعدم التشتت ووضع مليون هدف في مطلع كل سنة جديدة، بعضها غير مدروس وغير قابل للتحقيق …إلخ.
في مجال اللغة لا أحد منا يستذكر أن أول ما تعلمه من والديه هو القواعد حتى يسهل عليه الكلام، فالطفل بكل بساطة يُخبرك عند قدومك إلى المنزل ماذا فعلت أخته دون أن يكون له أدنى صلة بـ(past tense) فضلًا عن (past perfect)، يطلب منك شراء اللعبة الفلانية من دون هرطقات (فعل الأمر)، ويشير بإصبعه إلى المتسبب بالرسم على الحائط دون الإلمام بـ(مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره).
الإنسان كائن معقد جدًّا، يزهد عن هذا المعلم الفاضل ويذهب إلى أقرب مكتبة ليشتري كتاب (كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في شهر)، حقًّا زامر الحي لا يُطرب!
أنا لا أقول هنا إن القواعد غير مهمة، لكن تقديم المؤخر وتأخير ما حقه التقديم هو ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة.
الدرس المستفاد من صديقنا (الطفل) في بداية رحلته في اكتساب اللغة هو الإنصات والاستماع، الاستماع للوالدين والمتحدث بصفة عامة لسنتين على أقل تقدير، هو ما يعطيه هذا التدفق الهائل من الكلمات فيما بعد.
الإستماع والتحدث… بداية إتقان اللغة الانجليزية
هناك كثير من المقاطع والفيديوهات على اليوتيوب يستطيع الواحد من خلالها ممارسة الاستماع بتركيز ساعة يوميًّا، ستجد ثمرتها بعد فترة ليست بالبعيدة.
من الدروس المستفادة أيضًا التحدث، وقبل سؤالك: كيف أتحدث وأنا غير متمكن؟ يجيبك بطلنا (الطفل): في الغالب ليس هناك وقت معين نجزم بأن جميع الأطفال يجب أن يبدؤوا بالحديث فيه، لكن حسبُك أن الكأس تفيض إذا امتلأت بالماء.
أعطِ نفسك وقتًا، تعامل مع الأمر بكل سهولة، في البداية تحدث خمس دقائق فقط يوميًّا وكلمة يوميًّا هنا ليست اعتباطية على الإطلاق.
بطبيعة الحال هي سلسلة ممتدة يشد بعضها بعضًا، أي: كلما استمعت أكثر زادت الكلمات، وأصبحت أكثر استيعابًا. تحدث إلى نفسك في المرآة، اشرح كيف كان يومك إذا صادفتك كلمة لم تسمع بها من قبل، ارجع إلى ترجمتها، لن تنسى هذه الكلمة أبدًا أبدًا.
فالأمر ليس بعدد الكلمات التي تحفظها بقدر كيفية التعامل مع الكلمات القليلة التي بين يديك، فلو أحصيت عدد الكلمات التي يتحدث بها الطفل من غير المكرر على الأرجح لن تخرج عن 20 إلى 30 كلمة، لكنه يملأ الدنيا بها ضجيجًا، فكلما استمعت أكثر زادت فرصتك في الكلام أكثر، وكلما تحدثت أكثر كنت أكثر انسيابية واندماجًا مع اللغة، والسلام.
إتقان اللغة الانجليزية (يوتيوب: بي بي سي)
اقرأ أيضًا:
مسلمة تتعلم اللغة الويلزية لترجمة النصوص القرآنية للمسلمين الجدد
كيف يساهم تعليم الطلبة اللغة العربية ولغات أخرى في تعزيز الاقتصاد البريطاني ؟
الرابط المختصر هنا ⬇
7°C