العرب في بريطانيا | لماذا ترسل بريطانيا قواتها إلى أوكرانيا الآن؟

1446 رمضان 12 | 12 مارس 2025

لماذا ترسل بريطانيا قواتها إلى أوكرانيا الآن؟

أوكرانيا
رجاء شعباني February 18, 2025

أعلن رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، استعداده لنشر قوات بريطانية في أوكرانيا للمساهمة في ضمان أمنها في إطار اتفاق سلام محتمل، مؤكداً أن تحقيق سلام دائم في أوكرانيا يُعدّ “أمراً بالغ الأهمية لمنع بوتين من مواصلة اعتداءاته مستقبلاً”.

وفي تصريحات أدلى بها قبيل مشاركته في اجتماع طارئ لقادة الدول الأوروبية في باريس يوم الإثنين، شدد ستارمر على أن بريطانيا “مستعدة للاضطلاع بدور في ضمان الأمن الأوكراني، بما في ذلك نشر قواتنا على الأرض إذا اقتضت الضرورة”.

وأوضح في مقال نشرته صحيفة ديلي تلغراف: “لا أتحدث عن هذا الأمر باستخفاف، فأنا أدرك تماماً حجم المسؤولية التي قد تترتب على خطوة من شأنها تعريض رجال ونساء القوات المسلحة البريطانية للخطر”.

الأهمية الاستراتيجية

-من-السودان-لحكومة-ريشي-سوناك-اعتبرونا-من-أوكرانيا

وأشار رئيس الوزراء إلى أن المساهمة في ضمان الأمن الأوكراني ليست مجرد التزام تجاه كييف، بل هي “استثمار مباشر في أمن القارة الأوروبية بأسرها، وأمن بريطانيا على وجه الخصوص”.

وأكد أن انتهاء الحرب في أوكرانيا “يجب ألا يكون مجرد هدنة مؤقتة تسبق عدواناً جديداً من بوتين”، مشدداً على أن “أوكرانيا لا يمكن أن تصبح ساحة أخرى لاستراتيجية بوتين التوسعية”.

وفي هذا السياق، يُتوقع أن يُنشر الجنود البريطانيون إلى جانب قوات أوروبية أخرى على الحدود الفاصلة بين الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا وتلك التي تحتلها روسيا، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار ومنع أي تصعيد مستقبلي.

يأتي موقف ستارمر في وقت حذّر فيه الرئيس السابق لأركان الجيش البريطاني، اللورد دانات، من أن القوات البريطانية “تعاني إنهاكاً شديداً” وغير مؤهلة لقيادة مهمة حفظ سلام مستقبلية في أوكرانيا.

وكان ستارمر قد أشار سابقاً إلى أن الدور البريطاني في تأمين أوكرانيا سيقتصر على ما بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهو ما يُشكل تحوّلاً في موقفه تجاه إمكانية نشر قوات على الأرض.

التنسيق مع الولايات المتحدة

وزيرة الخارجية البريطانية تحذر من عواقب استمرار الحرب في أوكرانيا ( وكالة الأناضول GIAN- MARCO BENEDETTO)

ومن المتوقع أن يجري ستارمر زيارة إلى واشنطن نهاية الشهر الجاري للقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حيث أكد أن “التزام الولايات المتحدة بأمن أوكرانيا يُعدّ ركيزة أساسية لأي سلام دائم”، مشيراً إلى أن “واشنطن وحدها قادرة على ردع بوتين عن شنّ عدوان جديد”.

يأتي هذا في وقت يسعى فيه القادة الأوروبيون للحصول على تطمينات بشأن نوايا الولايات المتحدة، وسط تقارير تفيد بأن إدارة ترامب قد بدأت بالفعل مفاوضات مع روسيا حول تسوية محتملة للصراع الأوكراني.

وفي هذا الإطار، أفادت مصادر أمريكية بأن وزير الخارجية ماركو روبيو يخطط لعقد اجتماع مع مسؤولين روس في السعودية قريباً، بينما أكد المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا، كيث كيلوغ، أن الدول الأوروبية ستُستشار في هذه المحادثات، لكنها لن تكون طرفاً مباشراً فيها.

وفي حين تتسارع الجهود الدبلوماسية، أكدت مصادر حكومية أوكرانية لـبي بي سي أن كييف لم تُدعَ لأي محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، في خطوة قد تثير مخاوف بشأن إمكانية فرض تسوية لا تراعي المصالح الأوكرانية.

وكان ترامب قد صرّح في وقت سابق من الأسبوع الجاري بأنه أجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلن أن “المفاوضات لإنهاء هذه الحرب العبثية ستبدأ قريباً”، مضيفاً أنه أطلع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على خطته بهذا الشأن.

وفي تصريحات لاحقة، أكد ترامب أن زيلينسكي “سيكون جزءاً من هذه المفاوضات”، كما أشار إلى أنه سيُتيح للدول الأوروبية فرصة شراء الأسلحة الأمريكية لصالح أوكرانيا.

ورداً على سؤال من بي بي سي حول الإطار الزمني لإنهاء الصراع، اكتفى ترامب بالقول: “نعمل على إنهاء هذا الأمر”، مشيراً إلى أن الحرب جاءت نتيجة “سياسات الإدارة الأوكرانية السابقة”.

الناتو والتوازن العسكري

مساندة سخية بالمال والسلاح قدمتها بريطانيا وحلفاؤها لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي
مساندة سخية بالمال والسلاح قدمتها بريطانيا وحلفاؤها لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي

وفي مقاله بصحيفة ديلي تلغراف، شدد ستارمر على أن “السلام لا يجب أن يتحقق بأي ثمن”، مضيفاً: “يجب أن تكون أوكرانيا طرفاً أساسياً في أي مفاوضات، لأن استبعادها سيعني القبول برؤية بوتين التي تعتبرها دولة غير ذات سيادة”.

وحذّر من تكرار سيناريو أفغانستان، حيث تفاوضت الولايات المتحدة بشكل مباشر مع حركة طالبان، متجاهلة الحكومة الأفغانية آنذاك، وهو ما مهّد لانسحاب واشنطن وسقوط كابول لاحقاً.

كما شدد على أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو “أمر لا رجعة فيه”، داعياً الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها الدفاعي للاضطلاع بدور أكبر في الحلف.

وتبلغ نسبة إنفاق بريطانيا على الدفاع حالياً نحو 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تعهد الحكومة برفع هذه النسبة إلى 2.5%، دون تحديد جدول زمني واضح لتحقيق ذلك.

في المقابل، طالب ترامب حلفاء الناتو بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي، بينما اقترح الأمين العام للحلف، مارك روته، أن تكون النسبة أعلى من 3%.

يعكس إعلان بريطانيا استعدادها لنشر قوات في أوكرانيا تحولاً لافتاً في مقاربتها للصراع، مدفوعاً بمخاوف من أن يؤدي أي اتفاق سلام غير متوازن إلى تمكين روسيا من إعادة تنظيم صفوفها لشنّ هجوم مستقبلي.

وفي ظل الغموض الذي يكتنف موقف إدارة ترامب إزاء أوكرانيا، تسعى بريطانيا وحلفاؤها الأوروبيون إلى ضمان ألا تكون التسويات الدبلوماسية على حساب الأمن القاري، في وقت تتزايد فيه الضغوط لتعزيز الاستعداد العسكري الأوروبي تحسباً لأي سيناريوهات غير متوقعة.

المصدر: بي بي سي 

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
4:29 am, Mar 12, 2025
temperature icon 4°C
few clouds
Humidity 81 %
Pressure 1005 mb
Wind 7 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 17%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 6:21 am
Sunset Sunset: 5:59 pm