العرب في بريطانيا | أهون من الصنابحي! - العرب في بريطانيا - AUK

1445 رمضان 18 | 28 مارس 2024

أهون من الصنابحي!

غلاف مقال عادل يوسف "أهون من الصنابحي!" على موقع العرب في بريطانيا AUK
عادل يوسف June 3, 2022

من الأمور التي حثَّتنا عليها الآداب الإسلامية في حال المصائب أن نذكر مصاب غيرنا؛ حتى يخفف عنا شيء مما نجد، فإن تأخر موعد الغداء يومًا تعلم أن هناك من لم يأكل منذ أيام، وعندما يتعطل محرك سيارتك فتذكر من هم بلا أقدام، وقس على ذلك..

بيد أني كثيرًا ما كان يحزنني فوات بعض الأمور، فأبِيتُ الليالي أندب حظي إلى أن اهتديتُ لقصة عظيمة مليئة بالعِبَر، فكنت أُسلِّي نفسي بقول: (الحمد لله أهون من الصنابحي!).

 

لو مات الصنابحي قهرًا ما لامه أحد!

رجل يائس أمام بحر هائج
قصة الصنابحي مليئة بالعبر والموعظة لمن أراد الاتعاظ

والقصة لمن لا يعرفها رجل اسمه عبد الله بن الصنابحي من أهل اليمن. قيل: إنه كان مسلمًا أو أسلم متأخرًا. كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لم يره، وفي العام الحادي عشر من الهجرة خرج من اليمن الى المدينة ماشيًا على قدميه تارةً، وراكبًا على جَمَله تارةً أخرى. تحفُّه المخاطر، وتحدوه المشاعر للُقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليرى ذلك المبسم الذي أحيا الله به الأمم، فيُقبِّل جبينه ويروي حنينه. (fogodeminas.com)

يقول: خرجنا من اليمن مهاجرين إلى المدينة، فقَدِمنا الجُحفَة (منطقة على حدود المدينة المنورة)، فأقبل راكبٌ، فقلت له: ما الخبر؟! فقال: دفنَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خمس ليال! انتهت.

لك أن تتخيل اختلاج المشاعر في ذلك الوقت؛ شعور الفقد وعِظم المصاب، أم شعور القرار المتأخر، أم هو شعور فوات رؤية وجه النبي عليه الصلاة والسلام؟!

رحل ولم يكن بين رحلته من اليمن ورحلة ملك الموت من السماء إلا بضع ليال وأيام!

وإنَّ أشدَّ الناس وجْدًا ولوعةً

على كثرة الشاكين وجدُ الصنابحي

فلمَّا أتى نحو المدينةِ لم يجد

بها غير آثار الدموعِ السوافحِ!

وقيل له: قد مات مَن جئت طامحًا

للُقياه، ما أقسى انهيار المطامِحِ!

نعم والله ما أقسى انهيار المطامِحِ! فقد قالوا: لو أنه مات قهرًا وكمدًا ما لامه أحد!

 

من الدروس المستفادة من ذلك:

  • أن تعلم علم اليقين أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وتذكر حال الصنابحي؛ حتى تهون عليك مصائب الدنيا، فإن فاتك ما فاتك فلن يكون كحاله؛ فقد فاته رسول الله صلى الله عليه وسلم!
  • التأخر والمماطلة في اتخاذ القرارات أحيانًا قد يُكلِّف الكثير والكثير جدًّا؛ فلو تقدَّم الصنابحي خمس ليال فقط لعُدَّ صحابيًّا!

 

إذا هبَّتْ رياحُك فاغتنِمْها

فإن الخافقاتِ لها سُكونُ

وإن ولدتْ نياقُك فاحتلِبْها

فلا تدري الفصيلُ لمَن يكونُ.

 


اقرأ أيضًا:

كتب جديرة بالقراءة

اجترار الأفكار!

الغربة ونعمة الأخوة